الجليلـة لثقافـة الطفـل فضـاءات تشبـه الفرجـان
آخر تحديث 15:24:16 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

"الجليلـة لثقافـة الطفـل" فضـاءات تشبـه "الفرجـان"

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - "الجليلـة لثقافـة الطفـل" فضـاءات تشبـه "الفرجـان"

"الجليلـة لثقافـة الطفـل
دبي – صوت الإمارات

ابْدأ بكرسي الانتظار ولاحظ تصميمه، وبعدها تأمل ألوان اللوحات الجدارية، وتلمس بيديك بروز أشكال المراجيح والشمس والعشب الأخضر، ولا تنس أن توجه التحية لموظفة الاستقبال، وتستشعر صدق الترحاب. كل شيء يوحي لك كزائر لـ "مركز الجليلة لثقافة الطفل"، بأنك تقرأ قصيدة شعرية للأطفال. يكفي أن تحضر ورشة عائلية لصناعة الخزف ترافقها أنغام موسيقية بالعود والبيانو والجيتار، وتشاهد الأمهات والآباء وهم يعزفون بانسيابية تامة مع أبنائهم، وتتساءل: من علم الطفل والأم بأنهما شكلا، دون توجيه، سيمفونية كونية، وأسسا لمشهد الحياة المديدة، وفسرا لنا في قمة تكاملهما معنى الأبدية.

"الجليلة لثقافة الطفل"، أقرب إلى الترفيه المعرفي، وأعمق في عملية التعليم وتنفيذ المشروع الإبداعي، باعتباره بيئة أقرب إلى معنى الحارة أو "الفرجان" الجديدة للطفل في الإمارات، فيها حرية مسؤولة، ومتعة مدروسة، وثقافة طفل تتفشى في لغة المشرفين، والقائمين على مختلف الورش الفنية، إلى جانب فنتازيا التفاعل اليومي بين المؤسسات التعليمية والبرامج التحفيزية والحوارات المجتمعية والمناقشات الثقافية.

لا يمكن المرور على جدران المركز الفسيحة، المليئة بإبداعات الأطفال، ولا يتم قراءتها على أنها منجز إبداعي، ومشروعات لفنانين يمتلكون موهبة. ويؤمن القائمون على المركز بأهمية أن يستشعر الطفل أثر تلك الفنون على روحه، حتى لو لم يكن يتقنها كموهبة، ولكن أن يدرك قيمتها في الحس الإنساني العام. وما يحدث في ورش المركز يختزل جمالية دوره في تعزيز مفاهيم الذكاء والطبيعة والحب في الطفل.

الجميع يجلسون على الأرض، ويبدأ كمال الزعبي المشرف على قسم الخزف في المركز، بتوزيع الفخار الطيني، بين الحضور من أولياء الأمور وأبنائهم، ليقوم بعدها أساتذة الموسيقا: أستاذ العود أيهم أبو عمار، وأستاذ الجيتار فراس رضى، وأستاذة البيانو تالا توتنجي، بعزف الإيقاعات الساحرة. لم يوجه أساتذة الموسيقا الجمهور العائلي، إلى كيفية مرافقة الموسيقا بالضرب على الفخار، وإنما جاء ذلك منهم بشكل عفوي يوازي المعزوفات بشكل مذهل، لتتشكل هالة فريدة في استوديو الخزف، الذي يتربع فيه الطين بأشكال متعددة صنعها الأطفال، تتيح للمتلقي الاستمتاع بالإحساس المرتبط بين الموسيقا وآلات صناعة الخزف، ليتساءل مجدداً: بين الموسيقا التي تتحدث صوتاً والطين الذي يخلق صمتاً، كيف تولد اللغة الفنية للإنسان؟

تالا توتنجي، التي صورت الموسيقا كأنقى وأصفى غذاء للروح، تقول بأن الطفل يكتشف نفسه عبر المقطوعات الموسيقية. فيما يعيش أستاذ الموسيقا، بحسب تعبيرها، إلهاماً مستمراً لأن لكل طفل تجربة متفردة وتأثير مختلف، تبعاً لشخصيته وحضوره، واللافت - كما ترى توتنجي - هو مبادرات الأطفال نحو تأليف موسيقاهم الخاصة، وهنا تكمن الرحلة الوجودية والبحث عن العمق فيها، وبالذات عندما يتشارك أحد الوالدين في تعلم الموسيقا مع أبنائهم، حيث تظهر الدهشة، في اللغة الجديدة التي تكتشفها الأم، وطبيعة حوارها السرمدي مع ابنها، بل ويتشكل تزامن طبيعي بين عزف الأم وعزف الابن، دون توجيه أو تدخل من أستاذ الموسيقا نفسه، الذي يعيش تلك اللحظات مغموراً بمدى أثر الموسيقا العالي في الإنسان وعلاقته بالكون والحياة.

استلهم كمال الزعبي، أستاذ الخزف، فكرة الدمج بين الموسيقا والخزف من المنظومة الإبداعية القائمة على تتويج "الحس" في الحرفة، فأصابع صانع الخزف تلتقي بخفة ومرونة عبر الإحساس بأصابع عازف العود، يقول: "أدرك تماماً أن الطفل في البداية، لا يعي عملية التشكيل الأساسي للطين، ولكن يكفينا مبدئياً أن يستشعر اكتشافه للطين"، وبالنسبة لكمال فهو لا "يُعلم"، وإنما "يلعب" مع الأطفال، أما مركز جليلة لثقافة الطفل فهو مشروع "الحارة" أو ما يسمى محلياً بـ "الفريج"، حيث يجد الطفل نفسه، حراً في كيفية توجيه شكل الطين، بعد أن يتقن أساسيات بناء البعد الثالث للشكل. ويوضح الزعبي بأن الطفل عادة ما يرى الأشياء ثنائية الأبعاد، وما يعمل عليه هو دفع الطفل لعدم الخوف من حجم القطعة أو من طبيعة شكلها أو من التجربة نفسها.

ربط الطين بإنسانيتنا، يمثل منهج الزعبي، في استوديو الخزف، موضحاً أن طرح المسألة التاريخية والتراثية للطين عبر الأزل، موضوع غني من المهم التعريف به لإثراء مخيلة الطفل. لا سيما وأن الخزف كتطبيق حاضر في حياتنا، وما نعمد إليه في المركز، هو إفرازه فنياً، خاصة أن إرث منطقة الخليج زاخر بالخزف، الذي يعد من بين أهم الاكتشافات الحضارية، وبالأخص في حضارة دلمون وما اكتشف أخيراً عن علاقتها التاريخية بمنطقة ساروق الحديد في مدينة دبي عبر المكتشفات الفخارية.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجليلـة لثقافـة الطفـل فضـاءات تشبـه الفرجـان الجليلـة لثقافـة الطفـل فضـاءات تشبـه الفرجـان



GMT 04:05 2024 السبت ,17 شباط / فبراير

أسعار النفط تتأرجح وسط توقعات بتراجع الطلب

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 18:57 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 19:31 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

قائد القوات البرية يستقبل عدداً من ضيوف «آيدكس»

GMT 20:22 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

خبراء إكسبو يعزز دخول شركات البناء العالمية في الإمارات

GMT 13:51 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة مثيرة لريهانا خلال مباراة يوفنتوس ضد أتلتيكو مدريد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates