أبوظبي - سعيد المهيري
يستبعد أن يكون لفرض ضريبة القيمة المضافة تأثيرًا كبيرًا على تكلفة ممارسة الأعمال في دولة الإمارات، حيث تأتي الضريبة بمعدل منخفض نسبيًا "5%"، مقارنة بالعديد من الدول مثل ألمانيا "نسبة 19%"، وفق توقعات مجموعة "أكسفورد" للأعمال، مؤكدة أنه على خلفية الإصلاحات الضريبية التي تشمل إدخال ضريبة القيمة المضافة في بداية يناير، قال 90% من قادة الأعمال إنهم ينظرون إلى مستويات الشفافية في دولة الإمارات على أنها مرتفعة أو مرتفعة للغاية.
ووفقًا لدراسة استقصائية أجرتها المجموعة مع المديرين التنفيذيين، وذلك للإصدار الأحدث من مقياس الأعمال في الإمارات، فإن هناك تفاؤلًا واسع النطاق بشأن توقعات البلاد للأشهر الـ12 المقبلة، وذلك مع تسارع وتيرة الإصلاحات التي تهدف إلى دعم الجهود الرامية إلى تنويع الاقتصاد وزيادة الاستثمار الأجنبي.
وأظهرت الدراسة التي شملت 150 مديرًا تنفيذيًا من جميع أنحاء البلاد، أن توقعات "77%" من المستطلعة آراؤهم لظروف العمل المحلية في العام المقبل، جاءت إيجابية "65%" أو إيجابية للغاية "12%" وفقًا لنتائج مجموعة أكسفورد للأعمال، وذكرت أنه على الرغم من ذلك التفاؤل، فإن المديرين التنفيذيين ظلوا حذرين في توقعاتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل، حيث قال أقل من الربع إنهم يعتقدون أن الاقتصاد سيتوسع بنسبة 3% أو أكثر، وهي توقعات أقل من التوقعات التي أدلى بها المحللون الخارجيون، والتي تتراوح بين علامتي 3.4% و3.6 %، مشيرة إلى أنه عند سؤال المديرين التنفيذيين عن أفضل الفرص في أماكن أبعد، قال 44% من المستطلعة آراؤهم إنهم ينظرون إلى جنوب آسيا "22%" أو شرق آسيا "22%" على أنها المنطقة التي تمتلك أكبر إمكانية لزيادة تدفقات التجارة والاستثمار، وتسبق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "30%" عندما تكون مجتمعة، ودول أفريقيا جنوب الصحراء "14%".
وقال أوليفر كورنوك، رئيس تحرير مجموعة "أكسفورد" للأعمال ومدير التحرير في الشرق الأوسط، خلال مؤتمر صحافي عقد في مقر بنك دبي التجاري في دبي، الأربعاء، لاستعراض نتائج الدراسة، إنه على الرغم من أن ضريبة القيمة المضافة مثلت قضية شائكة قبل تنفيذها، فإن المؤشرات الأولية تظهر أن تأثيرها على الإنفاق في قطاع تجارة التجزئة كان معتدلًا نسبيًا، فيما كانت الضريبة مسؤولة عن ارتفاع لمرة واحدة في التضخم بنسبة 2.67% على أساس شهري في يناير الماضي.
توليد إيرادات
وأضاف كورنوك، أنه باستثناء توليد إيرادات تقدر بنحو 3.3 مليار دولار في عام 2018، ترتفع إلى 5.4 مليار دولار في عام 2019، فإن الضريبة الجديدة وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي، ستلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز مستويات الشفافية في الإمارات، وهو معيار أساسي للمستثمرين الأجانب، فضلًا عن أنها سوف تمكن السلطات من تقييم وتتبع الأعمال والإنفاق بطريقة لم تكن ممكنة من قبل، لافتًا إلى أن تقديرات إجمالي الناتج المحلي التي قدمها العديد من المديرين التنفيذيين الذين شملتهم الدراسة كانت أكثر تواضعًا من التوقعات التي قدمتها مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي، ما يطرح تساؤلًا عما إذا كانت الفوائد من تحسن أسعار النفط لم تلق بظلالها بعد على مجتمع الأعمال.
ووفق كورنوك، فإنه من المهم أن نتذكر أن المناطق الحرة في دولة الإمارات، وخاصة أكثر من 20 منطقة حرة في دبي، تقدم إما صفرًا أو الحد الأدنى من الضرائب، فضلًا عن البيئات التنظيمية التي تم تصميمها لتحفيز بدء الأعمال وإنشاء الشركات هناك، والتي لن تتأثر بشكل كبير بضريبة القيمة المضافة، موضحًا أن تلك العوامل تجعل من غير المستغرب أن يصف 89% من المديرين التنفيذيين بيئة الضرائب المحلية في الإمارات بأنها تنافسية أو شديدة التنافسية بالنسبة للمنطقة على نطاق أوسع.
وأكد كورنوك، أنه على الرغم من شعور الكثيرين بالتنافسية العالمية لدولة الإمارات فإنه من الممكن تحسين تلك التنافسية عبر الخصخصة، والتي ستكون في الأغلب جزئية، لبعض الكيانات الحكومية، كما أن الشفافية ستكون في طليعة اهتمامات المستثمرين المؤسسيين، وذكر أنه عند سؤال المديرين التنفيذيين عن معدل رضائهم عن جودة الموردين المحليين ومقدمي الخدمات المحليين، أعربت نسبة 10% عن رضاها التام، وأفادت نسبة 56% برضاها، في حين قالت نسبة 18% إن معدل الرضا منخفض، وأكدت نسبة 14% عدم رضاها التام، منبهًا أن الإنفاق على البنية التحتية على المستوى الاتحادي وعلى مستوى دبي قد دعم كلًا من التجارة الخارجية والنمو الاقتصادي.
انعكاسات إيجابية
ومن جهته قال الدكتور بيرنرد فان ليندر، الرئيس التنفيذي لبنك دبي التجاري، إن تطبيق ضريبة القيمة المضافة في دولة الإمارات ستكون له انعكاسات إيجابية على تنويع مصادر الدخل ومن ثم زيادة معدلات الإنفاق الحكومي، ما ينعكس في النهاية على زيادة النمو الاقتصادي، مؤكدًا أنه في المقابل ستؤدي الضريبة إلى زيادة التكاليف التشغيلية في القطاع المصرفي، ولكن ذلك التأثير لن يكون كبيرًا، نتيجة لأن نسبة تصل إلى 70% من التكاليف التشغيلية تكون للموظفين، في حين أن نسبة 30% من تلك التكاليف خاضعة للضريبة، ومستبعدًا في الوقت ذاته أن تؤثر الضريبة على الطلب على المنتجات والخدمات المصرفية؛ نظرًا لأن النسبة الأكبر من رسوم الخدمات المصرفية لا تخضع للضريبة.
وأوضح ليندر، أن السيولة متوافرة في القطاع المصرفي، ولكن أغلبها يوجه للمشاريع التطويرية، خاصة المرتبطة بتنظيم معرض إكسبو 2020، وذكر أن التوقعات بنمو الناتج المحلي للإمارات بنسبة تقارب 3%، تعني أن الائتمان المقدم من البنوك سينمو بنسبة تراوح بين 5% إلى 7% خلال العام الحالي، مع الإشارة إلى أن نتائج الربع الأول من العام الجاري لن تؤشر إلى نتائج العام بأكمله، ولا يجب مقارنته بالربع الأخير من عام 2017، حيث إن الربع الأول يعد فترة استثنائية بسبب تطبيق الضريبة والذي أثر على عدد من القطاعات مثل المجوهرات والسيارات وغيرها، لافتًا إلى أنه فيما يخص القطاع العقاري فإن أسعار الإيجارات والبيع تعود إلى مستوياتها الطبيعية، ما يعني أن التوجه النزولي لا يدعو للقلق، خاصة أن القطاع العقاري في أي دولة يمر بدورات من الصعود والهبوط.
أرسل تعليقك