شهقة اليائسين تاريخ الانتحار في العالم العربي لـ ياسر ثابت
آخر تحديث 22:01:38 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

"شهقة اليائسين" تاريخ الانتحار في العالم العربي لـ ياسر ثابت

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - "شهقة اليائسين" تاريخ الانتحار في العالم العربي لـ ياسر ثابت

القاهرة ـ وكالات

حتى في الموت رسائل! هكذا يرى البعض في قرار الترجل عن الحياة، سبيلاً للخلاص والانعتاق. وفي حين يبدو هذا العنف الموجه نحو النفس قرارًا ذاتيا للتخلص من بؤس البقاء على قيد الحياة، فإنه يكون في كثير من الأحيان رسالة إنذار أو غضب حيال المحيطين بالشخص المنتحر. من هنا تأتي أهمية كتاب "شهقة اليائسين" الصادر حديثا عن دار التنوير (القاهرة/ بيروت)، في هذا الكتاب يتناول الدكتور ياسر ثابت ظاهرة موجعة هي الانتحار في العالم العربي. ويكشف بالحقائق والأرقام مدى تفشي هذا الفعل الذي يعكس أزمة مجتمعاتنا في أوضح صورها. يحلل المؤلف أولا الأسباب النفسية والاجتماعية والسياسية التي تقف وراء انتشار الانتحار في العالم العربي، وينتقل منها إلى تحليل أبرز أسماء المنتحرين في ثقافتنا وغيرها من الثقافات والذين تنوعوا بين علماء ومفكرين وفنانين لم يجدوا بيننا متّسعـًا لهم فقرروا الانسحاب إلى العالم الآخر، طارحين وراءهم عالمنا بما فيه من قسوة وتسلط. يسرد المؤلف أيضا تفاصيل ثرية عن قرارات الانتحار لدى عدد من المبدعين في العالم ويقول إن بعض المنتحرين من المشاهير، من الكاتب الياباني يوكيو ميشيما (1970) إلى المغنية الإيطالية داليدا (1987)، ومن الروائي الأمريكي إرنست هيمنغواي (1961) إلى الشاعرة الأمريكية آن سيكستون (1974)، ومن الشاعر الروسي فلاديمير ماياكوفسكي (1930) إلى المؤلفة والقاصة الإنجليزية فرجينيا وولف (1941)، وجدوا أنها رسالتهم الأخيرة وردهم على حياة لم تعد محتملة.. لكنها الحياة، والبقاء فيها على رغم كل شيء، فعل إرادة وليس ترفا يمكن الاستغناء عنه في لحظة يأس. ويرى ياسر ثابت أنه في ظل أزماتٍ اقتصادية خانقة، وتضييق سياسي على المشاركة في الممارسة الديمقراطية، وغياب ملامح العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص في العالم العربي، يلوح الانتحار في الأفق بالنسبة إلى من يشعرون بالقلق والجزع وينشدون الخلاص أو يريدون التعبير عن رفضهم لواقعهم الأليم. وفي مدنٍ عربية دخلتْ نفق التخلي، وقرى وبلدات ذاقت طعم التجاهل والنسيان، نجد أجيالاً بأكملها نُحرت قبل أن تنتحر، وشعوبا أُهملت قبل أن تنحدر إلى قاعها الدامي، وأفقرت إلى حد الاغتيال. يقدم ياسر ثابت صورة عميقة وتاريخية لحالات ومعدلات الانتحار في الدول العربية، ويتتبعها دولة بدولة، مع استعراض نماذج لحالات الانتحار التي هزت تلك المجتمعات العربية في الماضي والحاضر. غير أن المؤلف يغوص في تاريخ مصر المعاصر، ويرصد حالات انتحار في عصر محمد علي باشا نتيجة سلسلة التحولات الاقتصادية والاجتماعية خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر. وكان لنقص مياه الفيضان في أعوام 1824 و1825 و1833 أثر في خراب بعض القرى بسبب الجدب الذي أصابها، ما أدى إلى تكرار حالات انتحار المزارعين. وفي فترة الكساد العالمي التي كانت لها تداعياتها على مصر، انتشرت حوادث الانتحار، فمثلاً رب البيت الذي لا يجد ما يكفيه وعائلته ولم يستطع فعل شيء كان يستسلم وينتحر، ولهذا ارتفعت نسبة حوادث الانتحار وعلى الأخص بين الطبقة الفقيرة الأكثر تعرضا من غيرها لآثار الأزمة. فقد "شنق شخص نفسه بحبل يدعى الشيخ أحمد حسن من كفر علي آغا بطنطا لضيق ذات يده". ومن أرقام حوادث الانتحار نتبين أن حدة الأزمة كانت في عامي 1931 و1932، إذ وصلت حوادث الانتحار في تلك الفترة إلى أعلى نسبة بالمقارنة بإجمالي حوادث الانتحار خلال الفترة بين عامي 1929 و1933. في عام 1929 وحده، سجلت في المدن المصرية الكبرى 105 حوادث انتحار، ذهبت أكثرها بأرواح شبان بين العشرين والأربعين من العمر. من ناحية النوع، كانت ضحايا تلك الحوادث 76 رجلاً و29 امرأة.. والفرق في الأرقام واضح! الأرقام تقول إن حالات الانتحار في مصر زادت بنسبة 12% في عام 2011 عن العام الذي سبقه، وإن نحو 18 ألف حالة انتحار وصلت إلى مركز السموم خلال عام 2011، أغلبهم من الرجال. وتشهد مصر سنويا نحو 3 آلاف حالة انتحار سنويا لمن هم أقل من 40 عاما، فيما تقول تقارير أخرى إن خمسة أشخاص من بين كل ألف شخص يحاولون الانتحار بهدف التخلص من مشكلاتهم. عام 2009 وحده شهد محاولات للانتحار في مصر بلغت 104 آلاف حالة، تمكن‏ 5‏ آلاف منهم في التخلص من حياتهم‏. وتقول الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إن جريمة الانتحار في مصر، أصبحت ظاهرة خطيرة تتصاعد يوما بعد يوم. ثم ينتقل الكتاب إلى نموذج لافتٍ هو التونسي محمد بو عزيزي، ذلك المنتحر الذي ألهم الملايين بسحر الحياة الحقيقية فخرجوا ضد الطغيان حتى أزاحوا رؤوسه جزاءً وفاقا. وينهي المؤلف كتابه بفصل عن "أسبوع الانتحار" في مصر والذي تلا الثورة التونسية وسبق الثورة المصرية، وكيف وظّف النظام المصريّ السابق كل طاقاته لمواجهة من هدّدوا وجوده بإزهاق أرواحهم، وكيف أن ذلك النظام الذي كان قد تحلّل بفعل أخطائه وحماقاته لم يزد الطين إلا بلّة أودت به. ويمضي المؤلف متتبعا حالات الانتحار المستمرة بعد يناير 2011 والتي تمثل أكبر دليل على أن هذه الثورة ما زالت مستمرة، وأن أسباب اليأس لم تنضب بعد. يبقى أن هذا الكتاب هو باقة ورد يضعها مؤلفه وناشره على قبر كل من ضحّى بعمره من أجل أن نحيا وأجيالنا القادمة حياة "الكرامة الإنسانية".

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شهقة اليائسين تاريخ الانتحار في العالم العربي لـ ياسر ثابت شهقة اليائسين تاريخ الانتحار في العالم العربي لـ ياسر ثابت



GMT 01:28 2023 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

"أنت تشرق. أنت تضيء" رشا عادلي ترسم لوحة مؤطرة

GMT 05:28 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حسن خلف يصدر دراسة أسلوبية لسورة القمر

GMT 01:16 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

حكايات من دفتر صلاح عيسى في كتاب جديد

GMT 00:28 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"بنات كوباني" كتاب أميركي عن هزيمة "داعش"

GMT 12:02 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة

بيروت ـ صوت الإمارات
النجمة اللبنانية نانسي عجرم دائمًا ما تطل علينا بإطلالات جذابة تجعلها حديث الجمهور، خاصة وأنها تعتمد على الظهور بأزياء أنيقة يكون غالبًا شعارها البساطة التي تلائم هدوء ملامحها، ومؤخرًا خطفت نانسي عجرم الأنظار بإطلالة جذابة أيضًا جعلتها محط أنظار محبيها اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وهي الصيحة التي سبق وقد ظهرت بها من قبل في أكثر من مرة، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل إطلالاتها بهذه الصيحة التي نسقتها بطرق متعددة. تفاصيل أحدث إطلالات نانسي عجرم بصيحة الشورت نانسي عجرم خطفت أنظارنا في أحدث ظهور لها بإطلالة اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وتميزت بكونها ذات طابع يجمع بين العملية والكلاسيكية، حيث ظهرت مرتدية شورت جلدي مريح باللون الأسود وبخصر مرتفع. فيما نسقت مع تلك الإطلالة توب باللون الأبيض بتصميم مجسم مع فتحة صدر مستديرة، ونس...المزيد

GMT 21:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 11:25 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 08:05 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أخطاؤك واضحة جدّا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 17:01 2019 الأحد ,11 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:29 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

بيجو 508 موديل 2018 الجديدة تظهر بتصميم جريء

GMT 21:42 2019 الأربعاء ,15 أيار / مايو

مهرجان الدمى العملاقة فى شوارع لشبونة

GMT 15:23 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

دار كريستي للمزادات تبيع إحدى أهم اللوحات الفنية في التاريخ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates