من التائه قراءة في نقد الهوية
آخر تحديث 15:35:58 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

"من التائه" قراءة في نقد الهوية

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - "من التائه" قراءة في نقد الهوية

رام لله ـ وكالات

لا يبتعد كتاب "من التائه" لمؤلفه الناقد والمؤلف الموسيقي جلعاد عتسمون من ترجمة الكاتبة الفلسطينية حزامة حبايب والصادر أخيرا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، عن كتابات أخرى لمؤلفين يهود يعانون الغربة مع يهوديتهم التي سعت الصهيونية إلى صهرهم في بوتقتها، ضمن سعيها لتحويل يهود العالم إلى "غيتو" جديد باعتبار أن اندماجهم قتل لفكرها وروحها. بيد أن سعي الصهيونية إلى ذلك لم يزد هؤلاء إلا إمعانا في تشظي هويتهم وزيادة في غربتها، فالصهيونية وتعريفاتها لا تقبل باليهودي إلا جزءا من قبيلة صهيونية تصادر الاعتراف بالآخر وتضع الجميع في سلة "الأغيار"، وفي المآل يصاب إسرائيل شاحاك وعتسمون وجدعون ليفي بالشعور "بالخزي لكوني يهوديا" حسب تعبير شاحاك. يلج عتسمون -أحد أبرز فناني الجاز في العالم- في كتابه الساعي لمناقشة إرباكات الهوية وتشظيها من باب سيرة ذاتية عنه، فهو حفيد لجد إرهابي صهيوني مخضرم (قائد بارز في منظمة الهاغاناه) شديد الكراهية للعرب والألمان على حد سواء، وسليل تربية صهيونية بامتياز.غير أن الكاتب الذي شغفته الموسيقى لتجعل منه فيما بعد عازفا وناقدا موسيقيا، أدرك لاحقا ما تنطوي عليه المقولات الصهيونية من اتسام باللا إنسانية، فغادر إسرائيل إلى أوروبا بعد خدمة في الجيش الإسرائيلي عاين خلالها حرب العام 1982. قبل مغادرته أدرك عتسمون أنه "يعيش على أرض تخص شخصا آخر"، إذ يقول في كتابه "استوعبت الحقيقة المدمرة أنه في العام 1948 لم يترك الفلسطينيون بيوتهم طواعية، بل تم تطهيرهم عرقيا على يد جدي وفصيله".ويضيف "بدأت أدرك أن التطهير العرقي لم يتوقف أبدا في إسرائيل، كل ما في الأمر أنه اتخذ أشكالا أخرى". ولا يرى عتسمون أيضا في اتفاق أوسلو "سوى التفاف على الوضع القائم"، ولم تكن الغاية منه التصالح مع الفلسطينيين، أو مواجهة الخطيئة الصهيونية الأصلية، وإنما تأمين وجود الدولة الإسرائيلية أكثر على حساب الفلسطينيين. وبالنسبة للإسرائيليين لا تعني "شالوم" السلام، بل الأمن ولليهود فقط، كما يضيف الكاتب. وصولا إلى تلك الحقيقة، ترك عتسمون كل شيء وراءه بمن فيهم زوجته ناتالي التي انضمت إليه لاحقا، وكل ما أخذه هو ساكسفونه "صديقه الحقيقي والأزلي". وفي الجانب الذي يوجّه فيه عتسمون نقده للهوية والسياسة اليهوديتين، يتقاطع مع كتابات عربية كثيرة في رؤيتها للصهيونية واليهودية كأيدولوجية تستند إلى مقولات دينية عنصرية. وفي جانبه الذاتي يفيض بكثير من المشاعر حين تصبح فلسطين بلده بدلا من مستعمرات إسرائيلية أقامها الكيان. أبعد من ذلك تصبح الموسيقى العربية وصوت الآذان المنبعث من مدن فلسطين التاريخية ووجوه الفلسطينيين هي أكثر ما يشده من الحنين، وتتسلل الموسيقى العربية إلى عزفه ومقطوعاته الموسيقية.بتلك الرؤى التي ينثرها عتسمون كأنما يشير إلى هوية مختلفة ليهودي في فلسطين، منتسبا إلى ديانة أخرى تعج بها فلسطين ضمن هذا الوطن، لا إسرائيل باعتبارها كيانا دخيلا وغريبا أسسه الصهاينة على أرض ليست لهم.ينطلق عتسمون من علمانية ترفض توجيه النقد إلى الديانة اليهودية باعتبارها دينا بل باعتبارها أيدولوجية، مشيرا إلى أنه لا يتعامل مع اليهود باعتبارهم سلسلة عرقية متصلة، ولافتا إلى أن من يبحثون عن تأويل للصهيونية له علاقة بالدم والعرق، عليهم أن يبحثوا عنه في كتاب آخر غير كتابه. ويشير إلى الصهيونية بوصفها مبدأ غايته الحيلولة دون اندماج اليهود مع مجتمعات أخرى، ومعنى أن تكون صهيونيا "أن تمنع اليهود من الانجراف بعيدا". إن الصهيونية -كما يقول عتسمون- تستعمر فلسطين فعليا، لكن فروعها تمتد إلى ما هو أبعد بكثير، فهي ليست حركة تدعمها بعض جماعات الضغط المتحمسة حول العالم، وإنما منظومة عالمية تمتلك المقدرة على صوغ وإعادة تركيب مفهوم "الغيتو اليهودي"، أي تشكيل مفهوم "شعب الله المختار".وهي في المحصلة شبكة عالمية لا رأس لها.. إنها روح، والروح بحسب عتسمون لا يمكن إلحاق الهزيمة بها لسوء الحظ، ومع ذلك يجب فضحها لما هي عليه كما يرى الكاتب والموسيقي اليهودي.لا يترك عتسمون كتابه ينتهي دون أن يقدم رسالته هو للسلام، وهي رؤية حالمة تعبر عن حالة مشاعرية، إذ يأمل أن يستيقظ رئيس وزراء إسرائيلي ليدرك أن إسرائيل ما هي في الحقيقة إلا فلسطين، وأن الصواريخ التي تنطلق من غزة هي رسالة محبة من السكان الأصليين إلى قراهم وبساتينهم وحقولهم المسروقة. وفي رؤية عتسمون الخيالية تتم الدعوة إلى مؤتمر صحفي يُطلب فيه من الفلسطينيين العودة إلى بيوتهم لتصبح الدولة اليهودية دولة لكل مواطنيها، حيث يتمتع كل الناس بحقوق كاملة وبصفة متكافئة.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من التائه قراءة في نقد الهوية من التائه قراءة في نقد الهوية



GMT 01:28 2023 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

"أنت تشرق. أنت تضيء" رشا عادلي ترسم لوحة مؤطرة

GMT 05:28 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حسن خلف يصدر دراسة أسلوبية لسورة القمر

GMT 01:16 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

حكايات من دفتر صلاح عيسى في كتاب جديد

GMT 00:28 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"بنات كوباني" كتاب أميركي عن هزيمة "داعش"

GMT 12:02 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة - صوت الإمارات
النجمة بلقيس عادت من جديد للتفاعل مع جمهورها واستعراض إطلالة جديدة لها عبر انستجرام، لتوثق أحدث ظهور لها بفستانها الأسود الجديد الذي نال تفاعل قطاع كبير من جمهورها، كما أنها عادت للظهور بأزياء من علامة فيرساتشي الشهيرة التي سبق وقد تألقت بها أكثر من مرة في الماضي. تفاصيل أحدث إطلالة للنجمة بلقيس النجمة بلقيس اختارت في احدث ظهور لها، ارتداء فستان أسود أنيق من علامة فيرساتشي الشهيرة، وتعتبر بلقيس من عاشقات اللون الأسود وسبق وظهرت به في العديد من إطلالاتها الجذابة، وهذه المرة اختارت فستان أنيق نال إعجاب محبيها بمجرد نشر صوره عبر حسابها على انستجرام. بلقيس استعرضت أناقتها بفستان أنيق باللون الأسود انسدل طويلًا ومجسمًا مع صيحة الكب التي زادت من أناقته، والتي جاءت بتصميم مستقيم، كما تزينت منطقة الصدر بحزام رفيع يتوسطه اكسسوار...المزيد

GMT 12:25 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 20:54 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 04:14 2016 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

إلعب ألعاب ويندوز 3 عن طريق المتصفح مباشرة

GMT 05:31 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

84 فيلمًا فى الدورة الـ35 من مهرجان الإسكندرية السينمائى

GMT 13:38 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

أوّل فتاة تحصل على رخصة طيّار تجاري في جنوب السودان

GMT 16:38 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

علماء بريطانيون يطوِّرون أداة لمعالجة مرضى القلب

GMT 10:11 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

افلام جديدة تتنافس على جوائز المهر العربي لمهرجان دبي

GMT 18:19 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

جناح إماراتي يحمل 500 عنوان في معرض فراكفورت الألماني للكتاب

GMT 22:20 2013 الأحد ,31 آذار/ مارس

مهرجان "زوروني كل سنة مرة" في الإسكندرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates