منافى الرب رواية مقتحمة
آخر تحديث 22:01:38 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

"منافى الرب" رواية مقتحمة

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - "منافى الرب" رواية مقتحمة

بيروت ـ وكالات

أكتب هذه السطور وأنا أتأهب للسفر إلى العاصمة القطرية "الدوحة" للمشاركة في مهرجانها المسرحي الدولي الثاني، بدعوة من وزارة الثقافة والفنون والتراث. وعلى الرغم من ضيق الوقت المتاح قبيل السفر، فقد حرصت على حضور تدشين الرواية الجديدة للكاتب "أشرف الخمايسي" بمكتبة "البلد" بشارع "محمد محمود"، وما أدراك ما شارع "محمد محمود" في يوم جمعة غاضب في ميدان التحرير، كاد يحول دون وصولى حياً إلى هذه المكتبة! وبينما كنت أرتقى درجات سلم هذه البناية صاعداً إلى القاعة أخذت أتساءل عن الظروف العصيبة التى تولد فيها هذه الرواية فى قلب القاهرة الملتهب فى زمن قياسى عن دار "الحضارة"، فأتذكر أننى فى آخر مرة التقيت فيها الخمايسي، قبل أقل من شهرين، كان لا يزال يبحث لها عن عنوان وهو يضع اللمسات الأخيرة على فصولها، وأذكر أيضًا أنه كان قلقًا، إلى حد بعيد، من الرحلة المجهدة التى عليه أن يخوضها فى أروقة الناشرين لطبع هذه الرواية. لذا كان من الطبيعى أن أبادره بالسؤال، وأنا أصافحه: "كيف تسنى لك أن تصدر هذه الرواية الضخمة فى أقل من ثلاثة أسابيع؟!" فكان رده: ما أن نشرت، على حسابي بالفيس بوك، خبر انتهائي منها حتى علق الناشر "إلهامي بولس" بجملة واحدة: "مبروك، أنا في انتظارك". فأرسلت إليه المخطوطة عبر الإيميل في الحال، وكان الرد الذي تلقيته: "منتظرك صباح الجمعة". وفي الموعد، كان يفتح لي باب مكتبه متهللاً: "إيه ده؟! كيف كتبت هذه الرواية العجيبة؟!.. تفضل.. هذا هو رقم الإيداع وهذا الترقيم الدولي.. وإليك الرواية جاهزة لدخول المطبعة". وأقسم لى "الخمايسي"، الذي أعرفه جيدًا منذ قرأت قصته البديعة "عجلات العربة الكارو الأربع"، بأنه لم يكد يصدق ما سمعه من هذا الناشر حتى رأى بعينيه روايته منضدة على شاشة الحاسوب، وهو الذي كان يتصور أن "إلهامي"، كأي ناشر آخر، يتحتم عليه أن يتفاوض معه طويلًا ليمرر ما تمور به الرواية من عبارات صادمة للكثيرين وأفكار جريئة. وعلى الرغم من أن ضخامة الرواية أجبرت الناشر على طرحها بخمسين جنيهًا إلا أن عددًا لا يستهان به من الأدباء والنقاد الحضور بادروا بشرائها بعد أن استمعوا إلى تجربة كتابتها، وأذكر منهم: يحيى مختار، محمد إبراهيم مبروك، محمود عبدالوهاب، سيد الوكيل، هشام علوان، انتصار عبدالمنعم، عادل جلال، محمد الخطيب، محمد سالم، أيمن شاهين، أسامه البنا، عماد عاشور، وكذلك: محمد الدسوقي، عبدالصبور بدر، تاج الدين محمد، حاتم الجوهرى، حسام الزمبيلي، محمد الزرقاني، وغيرهم ممن انتهوا لتوهم من الإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس إدارة اتحاد الكتاب. وبمهارته المعهودة، أدار الإذاعي الروائي "هشام علوان" النقاش من منطلق معرفته الحميمة بتجربة "الخمايسى" الإبداعية مذ فاز في عام 1994 بالمركز الأول فى مسابقة "أخبار الأدب" للقصة القصيرة هو وأمينة زيدان. وكشف المؤلف أن "منافي الرب" العنوان الذي ظهر على غلاف هذه الرواية هو العنوان الثالث الذي استقر عليه بعد: "فواحات العطور"، و"بئر الراهب" وقد تحول الأخير إلى عنوان أحد الفصول. وعندما يلح "تاج الدين محمد" على "الخمايسى" بالسؤال: ماذا يعنى عنوانك "منافي الرب"؟ يكتفي بالرد "المنافي: جمع منفى، والرب: هو الله". ولأن الدكتور "أيمن شاهين" كان أول من قرأ هذه الرواية، وهي بعد مخطوطة، فقد علق: في روايته هذه لا يدع "أشرف الخمايسى" مجالًا للشك في قدرتنا، كمصريين وعرب، على إبداع أعمال ترتقى للعالمية بثرائها الفكري، وخيالها المتوهج، وانشغالها بأخطر قضايا الإنسان. ففي رواية تمتد لأكثر من اربعمائة صفحة، ننطلق مع "حجيزي بن شديد الواعري" في صحراء شاسعة، لنعيش صراعه ضد الدفن، فـ ـ"حجيزي" يرفض أن يُدفن تاركًا الدنيا بعد أن أسهم في إعمارها، ومن أجل هذا فهو لا يدع حيلة إلا ولجأ إليها، بدءًا من التحنيط وحتى البحث عن دين يمنحه الخلود، أو يقيه الدفن. ومن خلال مناورات "حجيزى" يدلف "الخمايسي" إلى المناطق المقدسة لدى المسلمين والمسيحيين، على حد سواء، يتناولها بشكل صادم، ورؤية تحتاج منه إلى الدخول في تفسيرات طويلة". هشام علوان واشرف الخمايسي         إنها رواية أتوقع أن تثير جدلًا حادًا نظراً لاجتراء كاتبها على الخوض في مناطق يحجم الكثيرون عن دخولها. *** ولنقرأ سوياً هذه المقاطع من الرواية: قافلة كبيرة من سبعة جمال تقترب من "الوعرة"، جمال غريبة يركبها غرباء، يرتدون ملابس مثل ملابس الناس البندرية، قمصان قصيرة، وسراويل طويلة، وقبعات رأس تشبه تلك التي يرتديها عساكر الإنجليز، يصطحب القافلة حداة عرب قادوها عبر الصحراء المتداعية، وعلموهم أصول التعامل مع أهل هذه الواحات؛ ألا يدخلوها إلا بعد استئذان مشايخ قبائلها، وأن ينيخوا جمالهم خارج الواحة، وأن يمضوا في الطرقات فيلقوا السلام على من يلقاهم من رجال أهلها، وأن يحذروا مجرد الالتفات لأية أنثى، صغرت أم كبرت. في الديوان الكبير جلس الغرباء، وبخاصة الإنجليز منهم، ينظرون إلى أهل "الوعرة" نظرتهم إلى أناس من عالم سحيق، ينبعث الآن أمامهم حيا. قال الشيخ "زويد" وهو ينظر في وجوه الغرباء بتوجس: مرحبًا.. قدمت الأطعمة لمن اعتبروا ضيوفًا، وقدم الشاي، وقال الشيخ "زويد" دون أن يتخلى عن توجسه: مرحبا. رطن أحد الغرباء المصريين مع أكبر الإنجليز سنًا، وكان له شارب ذهبي يشتبك طرفاه بلحية مهذبة، وعينان براقتان باخضرار ماء "بئر الراهب"، وأنف معقوف مثل منقار صقر، ورطن الإنجليزية بكلمات قليلة، ثم توجه المصري بالكلام إلى الشيخ "زويد": مستر "سميث" يوجه لكم الشكر على كرم ضيافتكم، نحن وفد من مصلحة الآثار التابعة للحكومة المصرية، وصلتنا معلومات عن وجود أثر مهم في واحتكم، أثر عثماني، ومعنا في القافلة علماء سيحددون هذا الأمر لاتخاذ الاجراءات اللازمة في حالة صحة هذه المعلومات. نظر "غنيمة" إلى "حجيزي" الجالس بجواره بين الناس الموجودين في الديوان، نظرة متعجبة، لكن "حجيزي" قلب شفتيه، بينما همس "سعدون" فى أذن "حجيزى": يقصدون المسجد. قال الشيخ "زويد": أي أثر هذا؟ ما عندنا آثار؟ ـ السجن؛ العثمانيون بنوا هنا سجنًا لحبس المماليك الذين كانوا يقبضون عليهم بعد مطاردتهم. اتسعت الأحداق بالدهشة، وقال الشيخ "زويد": سجن؟! ما عندنا سجون في "الوعرة". ـ أنتم تصلون الآن فيه. هتف الشيخ "زويد": المسجد؟! ـ نعم، كان معتقلًا للتعذيب. ـ المسجد؟! هز الانجليزي "سميث" رأسه مبتسمًا، كأنه يفهم ما قيل. أحاط الوفد بالمسجد، ينظرون إليه بعيون متفحصة، بعضهم أخذ يتلمس جدرانه بأصابع مستكشفة، بينما أخرج أحد الانجليز أدوات دقيقة لامعة من حقيبة كبيرة، وأخذ يغرسها في بعض الشقوق ببطء وحذر، بينما تحلق رجال "الوعرة" حول ما يحدث، يراقبون ما يحدث بقلق. ـ سجن!؟ ـ نعم يا "غنيمة"، المسجد لم يكن مسجدا، لم يكن الأتراك مؤمنين، كانوا قساة قلوب، عذبوا المماليك، و"شقمق" بك علقوه من قدميه في هذه السلاسل المدلاة. صرخ "غنيمة": اغلق فمك يا "سعدون". ـ ولماذا يغلق فمه يا "غنيمة"؟ يتكلم "سعدون" كلاما سليما، نحن البهائم، صدقنا أن أناسا ليسوا أصحاب مكان يمكن أن يبنوا مسجدا، العساكر الغرباء يبنون سجونا لا مساجد، وصاحبك "شقمق" تعلق من قدميه في السلاسل. انكسرت عينا "غنيمة"، وصوته كركب: حتى أنت يا "حجيزي"؟! قهقه "سعدون" وهو يقول ساخرا: صليت بينكم صلاة العشاء!! كان يصلى وهو مدلى مقلوبا. لكن شيئا رآه "سعدون" جعله يتوقف عن الضحك، كانت عينا "غنيمة" تنطفئان.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منافى الرب رواية مقتحمة منافى الرب رواية مقتحمة



GMT 01:28 2023 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

"أنت تشرق. أنت تضيء" رشا عادلي ترسم لوحة مؤطرة

GMT 05:28 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حسن خلف يصدر دراسة أسلوبية لسورة القمر

GMT 01:16 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

حكايات من دفتر صلاح عيسى في كتاب جديد

GMT 00:28 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"بنات كوباني" كتاب أميركي عن هزيمة "داعش"

GMT 12:02 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة

بيروت ـ صوت الإمارات
النجمة اللبنانية نانسي عجرم دائمًا ما تطل علينا بإطلالات جذابة تجعلها حديث الجمهور، خاصة وأنها تعتمد على الظهور بأزياء أنيقة يكون غالبًا شعارها البساطة التي تلائم هدوء ملامحها، ومؤخرًا خطفت نانسي عجرم الأنظار بإطلالة جذابة أيضًا جعلتها محط أنظار محبيها اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وهي الصيحة التي سبق وقد ظهرت بها من قبل في أكثر من مرة، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل إطلالاتها بهذه الصيحة التي نسقتها بطرق متعددة. تفاصيل أحدث إطلالات نانسي عجرم بصيحة الشورت نانسي عجرم خطفت أنظارنا في أحدث ظهور لها بإطلالة اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وتميزت بكونها ذات طابع يجمع بين العملية والكلاسيكية، حيث ظهرت مرتدية شورت جلدي مريح باللون الأسود وبخصر مرتفع. فيما نسقت مع تلك الإطلالة توب باللون الأبيض بتصميم مجسم مع فتحة صدر مستديرة، ونس...المزيد

GMT 21:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 11:25 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 08:05 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أخطاؤك واضحة جدّا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 17:01 2019 الأحد ,11 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:29 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

بيجو 508 موديل 2018 الجديدة تظهر بتصميم جريء

GMT 21:42 2019 الأربعاء ,15 أيار / مايو

مهرجان الدمى العملاقة فى شوارع لشبونة

GMT 15:23 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

دار كريستي للمزادات تبيع إحدى أهم اللوحات الفنية في التاريخ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates