تشابه عليهم البقر

تشابه عليهم البقر !

تشابه عليهم البقر !

 صوت الإمارات -

تشابه عليهم البقر

ناصر الظاهري

نحن ومجايلونا أولاد الستينيات، جيل بسيط، جيل تعب على نفسه، من أجل نفسه، والكثير منا اشتغل، وعاون أهله، ودرس قبل أن يكوّن مستقبله، عاش فترة الشظف والرغد، لكن الكثيرين منهم لم يهتزوا، ولم تغيرهم الدنيا، وحافظوا على توازنهم الاجتماعي، رغم أن رجّة المجتمع لم تكن سهلة، فقد قلبت الكثير من المفاهيم، وأزاحت الكثير من التقاليد، جيل ما زالت تفرحنا الأشياء البسيطة، والصغيرة، مثلما تغضبنا الأشياء الصغيرة قبل الكبيرة، وتدهشنا الأمور مهما عنت، جيل قدر أن يردم الهوّة بين مجتمع فطري غاب بأشيائه النقية والواضحة، ونظرته الجماعية الغالبة، وجيل جديد يتنازعه الحديث والتأثير الخارجي، والنظرة الفردية المتعالية، جيلنا الستيني لا نقول عنه مثالياً، ولكنه ينّزع للمثالية، وتعني له كلمة «ونِعمّ » الكثير، ويخاف أن يلحق العار بأبيه حتى في قبره، جيل ولن تصدقوا، إذا ما قلت لكم، وأنا منه، إنني لم أعرف حتى كبرت، وكنت غير مصدّق أن «المُربى» أو «الجام الذي في القواطي أو الغراش» يمكن أن يصنّع في البيت!

لكن في المقابل كنا نسمّي الأشياء بأسمائها، ولا تختلف عندنا الأمور، ولا يتشابه علينا البقر، ولا نعرف أن نقسّم الولاء، لذا تجدنا حينما نسمع عن قضية أو جريمة سار بها الناس، نردد: «معقول! هذا ولد فلان، والله اللي ما شابه أبوه، إلا النار ما ترّث إلا الرماد» ونلوذ بتبريراتنا، وأحزاننا الدفينة، ونريد أن نعتذر عنه، وعن خطاياه للمجتمع والناس، أما مسألة الوطن، فمحال أن يتعرض لهَنّة من الناس المقيمين فيه، فكيف من بعض أولاده الذين رضعوا، ومسهم خيره وأمنه، فهذا أمر كبير، تأباه النفس الحرة، والعربية، والمسلمة، وينكره أهل الدار الأولين، هكذا تعلمنا، وضربنا لكي نتربى ونتعلم، لذا أشفق على جيل الستينيات اليوم حينما يسمعون بمحاكمة مواطن أو مقيم في الإمارات في قضية تمس البلد، فتجدهم يزمون شفاههم، غيظاً وكمداً، وتَحمَرّ عيونهم غيرة، ويتلفتون باحثين عما كان يتمنطق به آباؤهم وأجدادهم من خناجر ماضية أو سيوف باترة أو محازم كانت ذخراً لأيام الجراد والرماد، يفعلون ذلك كردة فعل طبيعية، لا مصطنعة، لكنهم في النهاية يدركون أن الوقت غير الوقت، وأن الزمن تبدل، وأن قانوناً مفروضاً على الجميع، ومن أجل الجميع.
جيل الستينيات قد لا يعرف بعضهم كيف يعمل المُربى، لكنه يتسم في غالبه بالبساطة والنقاء، ونحن حين نستذكرهم، نستذكر الخير، والأصالة الباقية، ونبكي ونستذكر الثوابت الراسية، ومعنى الأوطان!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشابه عليهم البقر تشابه عليهم البقر



GMT 23:17 2024 الأحد ,14 إبريل / نيسان

ضربة إيران: «مأساة» وليست «تمثيلية»!

GMT 23:10 2024 الأحد ,14 إبريل / نيسان

ما ينبغي أن تقوله «حماس» وبقية الأدوات

GMT 23:01 2024 الأحد ,14 إبريل / نيسان

حتمية المواجهة الإيرانية ــ الإسرائيلية

GMT 22:56 2024 الأحد ,14 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل... رسائل النار والأسئلة

GMT 22:53 2024 الأحد ,14 إبريل / نيسان

عزيزتى «هند صبرى»... أنا «شولة» أيضًا!

GMT 22:50 2024 الأحد ,14 إبريل / نيسان

دروس الحشاشين (٤)

GMT 22:43 2024 الأحد ,14 إبريل / نيسان

ردت إيران… لكنّ الثمن تدفعه غزّة

GMT 22:35 2024 الأحد ,14 إبريل / نيسان

مواقع التواصل وتجارة الوهم

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 20:20 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 18:06 2013 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

لورين ستونر تخطف الأنظار على شاطئ ميامي

GMT 21:37 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

ثياب ميلانيا ترامب تثير ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 19:50 2013 السبت ,23 شباط / فبراير

"سامسونغ سمارت بي سي برو"بمميزات عدة

GMT 19:57 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

يسرى محنوش تحيي حفلة فنية على المسرح البلدي في تونس

GMT 04:19 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

85 ألف درهم تعويضاً لعامل سقط من على سلم

GMT 01:37 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تطلق بنجاح خمسة أقمار صناعية للاستشعار عن بُعد

GMT 16:28 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

شرطة رأس الخيمة تفعّل نظام الاستدعاء الإلكتروني

GMT 00:00 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات خارج قائمة أوروبا للملاذات الضريبية قريباً
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates