وحوش أسطورية تتربص بالإنسان في كل لحظة في برلين
آخر تحديث 13:48:37 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

وحوش أسطورية تتربص بالإنسان في كل لحظة في برلين

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - وحوش أسطورية تتربص بالإنسان في كل لحظة في برلين

برلين - مصر اليوم

تشكيلات مستوحاة من العهد القديم والملاحم التاريخية مُجسّدةً قوى الشر الهائلة الفتاكة المتربصة بالإنسان ونسله في كلّ لحظة. مواضيع الفنان البريطاني أنيش كابور، المولود لأب هنديّ وأم عراقية يهودية الديانة. غالباً ما يجد زائر المعارض الفنيّة نفسه أمام معضلة حقيقية تتعلق كلّ مرّة بمفهوم الفنّ ودلالاته المتعددة، ولا سيما إذا لم يكن هذا الزائر من ذوي الاختصاص. وتبدو هذه المعضلة أكبر حجماً حين يكون الفنّان شهيراً ومجدداً وتعرض أعماله في أهم الصالات والمتاحف العالمية. وهناك رأي ساخر في هذا السياق أطلقه الناقد الألماني كارل هاينتس شميد Karlheinz Schmid، مفادة أنّ الفنّان، وحتّى المغمور أو غير المبدع، يحتاج إلى خمسة من أصحاب صالات العرض، وثلاثة من جامعي اللوحات المرموقين واثنين من رؤوساء المؤسسات الفنيّة وإلى مدير متحف خبير يفضّل هذا الفنان على غيره، بالإضافة إلى بعض المروجين الإعلاميين، نعم أنّ هذا الفنان سيجد أمامه حينئذ فرصة لا تعوّض لاجتياح السوق. ولكن هل يمكن التخلّص من هذه النظرة المسبقة والتي لا تخلو من الإجحاف حين نتأمل أعمال الفنّان الهنديّ-العراقيّ -البريطانيّ أنيش كابور Anish Kapoor المعروضة في متحف مارتين غروبيوس باو في برلين (من الثامن عشر من مايو/ أيار 2013 وحتى الرابع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام ذاته)؟ بين التقليد والابتكار يعرض لهذا الفنان سبعون عملاً مختلفاً تتوزع بين النحت والتركيب والتصنيع التقنيّ. ويشغل العمل الأول قاعة دائرية كاملة ، يطلق عليها اسم باحة الضوء في مبنى غروبيوس، وتتفرع منها قاعات العرض الأخرى. ويحمل العمل عنوان Symphony for the Beloved Sun „سمفونية للشمس المحبوبة" وهو عبارة عن أربعة هياكل حديدية عملاقة تشبه سكك الحديد المعلقة بشكل مائل والمتعارضة بعضها مع بعض. وقد ركّب على كلّ سكّة محرك كهربائي يدفع قالباً معبأً بمادة شمعية حمراء، يميل احمرارها إلى الصدأ، فتسقط على الأرض من علو، حيث تتشكل كتلة شمعية ضخمة، أو خامة راكدة، تكاد تكون منفصلة عن العمل الفنّي نفسه، وتذكّر إلى حدّ ما بنفايات المعامل الكيماوية، وعُلّق قرص أحمر أيضاً في أعلى القاعة يرمز إلى الشمس المنتصرة هذه المرّة. وتعزف هذه الأذرع الحديدية الضخمة موسيقى خافتة احتفاءً بالشمس الحمراء الساكنة والخالية من الأشعة. ويحيل هذا العمل إلى أوبرا للفنان الروسي كازيمير ماليفيتش Malewitsch تحمل عنوان "الانتصار على الشمس" والتي عرضت للمرّة الأولى في عام 1913 بمدينة سان بطرسبورغ، وقوبلت بالاستهجان والانتقاد اللاذع وتحولت إلى فضيحة "فنيّة" بسبب محتواها الدادائي وغير المترابط منطقياً. فهي تتحدث عن صراع الإنسان المستقبلي مع الشمس، فيتغلب عليها الإنسان المعزول ثم يضعها في منزل من الإسمنت. وتظهر الأوبرا من ناحية ثانية عبث الوجود على الأرض وهشاشته وانعدام قدرة الإنسان على التحكم بقواه الذاتية والاستفادة من حريته الشخصية. وقد لا نجافي الحقيقة إذا ما قلنا بأنّ هذه النظرة الفنية تحاكي أسطورة سيزيف الإغريقية الشهيرة والتي تتحدث أيضاً عن لا جدوى الحياة ونسبيتها، باستثناء تلك المتعة الحسيّة القصيرة التي تجتاح سيزيف كلّما دحرج الصخرة إلى أعلى الجبل. أنيش كابور نفسه ينتمي إلى حركة فنية تعرف باسم الحركة التركيبية أو البنائية Constructivism، أسسها الفنان الروسي إليعازر ليسيتسكي Lissitzky وتحاول نقل المعرفة البشرية عن طريق الاقتصاد الشديد في عرض القوانين الطبيعية المعقدة والمزج بين الهندسة والإنشاء والفنّ. ويسعى كابور إلى المحافظة على الطابع الرمزي المبتسر لهذه الحركة والارتقاء بالرسم والنحت إلى مرحلة المعمار الفني وإرجاع العمل الفنّي إلى أشكال هندسية بسيطة تخاطب الحواس فتتفاعل معها أو ترفضها فوراً بسبب النزعة الإيحائية المقتضبة التي تهيمن عليها مثل المرايا المقعرّة والمحدبة الصقيلة تماماً والمصنوعة من الفولاذ. تطويع للمواد الصلبة ولد أنيش كابور في عام 1954 بمدينة بومباي الهندية لأب هنديّ وأم عراقية، يهودية الديانة، وانتقل في عام 1973 إلى لندن نهائياً حيث درس الفنّ وصار يقيم المعارض المشتركة والفردية في جميع أنحاء العالم. وقد حصل على عدد من الجوائز الفنيّة المهمة ومنها جائزة تورنر البريطانية المعروفة. بيد أن طبيعة المواد التي يعالجها كابور تحتاح إلى فريق عمل كامل يصل أحياناً إلى سبعين مساعداً، بغية إنجاز أعمال من الحديد الصلب يصل وزنها إلى أربعة وعشرين طنّاً. وهو يستعمل مواد عديدة مختلفة مثل الإسمنت والحجر والفولاذ والشمع واللدائن. ويوظّف كابور الأسطورة والحكاية القديمة، والدينية بدرجة رئيسية، للإبقاء على الذاكرة حيّةً ومتيقظة. فهو يتعرض مثلاً إلى الوحش الأسطوري لوياثان الذي ورد ذكره في العهد القديم، فيعيد صياغة هذه الأسطورة بأشد الوسائل الفنيّة ابتساراً وتجريداً، ويستخدم مادة واحدة من اللدائن ذات لون أخضر غامق، لتجسيد مصرع لوياثان، الذي خلقه الربّ في الواقع من ذكر وأنثى، لكنه قتل الأنثى خشية أن يدمّر نسلهما العالم والبشرية جمعاء. ويرمز هذا المخلوق الخرافي إلى الفوضى المطلقة وإلى طبيعة القوى التي كانت تحارب إسرائيل في العهد القديم. وذُكر هذا الكائن الخرافي في أسطورة الخلق البابلية وملحمة جلجامش على شكل خمبابا، وحش الغابة الذي صرعه جلجامش ورفيقه أنكيدو، أو على هيئة اللوياثان الذي ذبحه الإله الكنعاني بعل. ولا ينطوي هذا العمل الفنّي العملاق الذي يحتل ثلاث قاعات عرض متصلة بعضها مع بعض على إحالات أو تفاصيل تجعل المشاهد يقف على مصدره الحقيقي، فبقي غامضاً بعض الشيء. ويطرح هذا العمل سؤالاً آخر مهماً يتعلق بحجم العمل الفنيّ بشكل عام. فهل كان من الممكن تقليص حجم لوياثان ليُعرَض في قاعة واحدة بدلاً من ثلاث قاعات؟ بلا شكّ أنّ هذا "النصب" سيفقد بعضاً من إيحاءاته الرمزية إذا ما قٌلّص حجمه، لأنّ صورة لوياثان طبعت في مخيلة البشرية باعتباره تجسيداً لقوى الشرّ الفتاكة الهائلة التي تتربض بالإنسان في كلّ لحظة. طاقة تأملية ويطرح هذا التركيب الذي يشبه كيساً من القماش مهملاً وقديماً إشكاليةَ العلاقة الملتبسة بين اللوحة والعمل الفني المجسّد الأبعاد، وخاصة اللوحة التي تحرص على جمع العديد من التفاصيل في أصغر مساحة ممكنة. ويهدف الحجم الهائل للعمل الفنّي إلى تجاوز ما هو متعارف عليه واختراق المألوف لكي يولد في ذهن المتلقي إحساساً جديداً بمعنى المكان وتناسبه مع الرمز، ويتطلب منه بذل المزيد من الطاقة التأملية للإحاطة به. ويصف أنيش كابور عملية الإدراك هذه بعملية خلق "التمثال الروحي". ومن الأعمال المثيرة، التي صممها أنيش كابور بدقة هندسية عالية، هو المدفع الكبير الحجم نسبياً والذي يطلق بين الحين والآخر كتلة من الشمع الأحمر على زاوية القاعة. وهناك عمل آخر وهو عبارة عن رماد أسود منثور في ركن مهمل، أطلق عليه اسم "الزاوية القذرة"، وثمة معالجة أخرى لأنسة المكان، تتسم بالإثارة وتظهر الجدار وكأنه امرأة حبلى، وقد يكون ذلك حقيقية أو خداعاً بصرياً يدفع المشاهد للتشكيك في حواسه. خدمة DW  

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وحوش أسطورية تتربص بالإنسان في كل لحظة في برلين وحوش أسطورية تتربص بالإنسان في كل لحظة في برلين



نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ صوت الإمارات
المخرجة اللبنانية نادين لبكي باتت حديث الجمهور خلال الساعات الماضية بعد أن تم اختيارها لتكون عضوا في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لنسخة مهرجان كام السينمائي الـ77، والتي ستقام ما بين 14 و25 مايو القادم، وذلك بعد أن سبق لنادين لبكي وقد شاركت كعضو في لجنة تحكيم في مهرجان كان السينمائي ضمن مسابقة "نظرة ما" عام 2015، وبمجرد أن تم الإعلان عن الخبر حرص جمهور نادين لبكي على تسليط الضوء على أجمل إطلالاتها التي ظهرت بها في بعض المهرجانات الفنية والتي تميزت بالبساطة والرقي في كل مرة. نادين لبكي سبق وقد ظهرت في إحدى الفعاليات الفنية بأحد المهرجانات مؤخرًا وهي مرتدية فستان باللون الأسود الذي يبدو وأنها تعشق الظهور به باستمرار، وجاء الفستان طويلًا ومجسمًا وبصيحة الكب، مع فتحات عند منطقة الخصر، وانسدل الفستان مريحًا بداية من تلك المنطقة�...المزيد

GMT 01:56 2016 الجمعة ,08 إبريل / نيسان

عبايات باللون الأزرق لموضة موسم ربيع 2016

GMT 09:53 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

أميركا تراقب حسابات التواصل الاجتماعي لطالبي اللجوء لديها

GMT 20:30 2013 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

وليدة الانتظار

GMT 02:10 2015 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

منتجع تزلج يفتتح كنيسة مبنية من الثلج في فنلندا

GMT 11:03 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

الفنانة منة فضالي تبدي حماسها لمشاهدة فيلم "الخلية"

GMT 08:02 2021 الثلاثاء ,27 إبريل / نيسان

الـ"فيفا" يعلن مباريات تصفيات كأس العرب "قطر 2021"

GMT 03:10 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"تراث الإمارات" يختتم مشاركته النوعية في "الشارقة للكتاب"

GMT 10:34 2019 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

رسميًا إنتر ميلان يُجدد عقد رانوكيا

GMT 13:04 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

لبنى أحمد توضح رموز تعليقات أشجار الفاكهة في علم الفنغ شوي

GMT 21:37 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

سالمين خميس سعيد بوصول فريقه لقبل النهائي الكأس

GMT 21:07 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

بذرة الكتان وعلاج حصوات المراره
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates