40 عام والفجيرة في تطوروازدهار

 تنبض الفجيرة من قلب الجبال فتشهد حجارتها على شهادة ميلادها العتيقة فيما يروي العمران فيها حكاية الإنسان الذي استوطن فيها منذ العصور الحديدية ولم يزل حتى اليوم يصنع حكايات للتاريخ وهو ما تبوح به إمارة البحر والجبل ما أن تحتضن زائرها فيما ينتاب هذا الأخير تقديرا لما ينجز اليوم فيها وقد بدأ ثقل حاضرها المتطور يوازي ثقلها التاريخي والحضاري .. إنها مسيرة بناء لم تنقطع تمضي منذ ما قبل ميلاد السيد المسيح وفق خط بياني متصاعد نحو الأفضل يحدد منحاه في تاريخ الفجيرة المعاصر ويرسم توجهاته منذ أربعين عاما رؤية ثاقبة لصاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة.

مسيرة صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي التي تستكمل في 21 سبتمبر 2014 سنواتها الأربعين كانت قد بدأت بحلم اكتسبت مشروعيته من حلم الاتحاد الذي قام المغفور له الشيخ محمد بن حمد الشرقي رحمه الله بالمشاركة بتأسيسه في ديسمبر من عام 1971م ووقع مع أخوته حكام الإمارات - الآباء الأوائل على دستور الدولة واضعين لبنة الأولى لمسيرة الإنجاز تاركين بصمة خير السلف إلى خير الخلف.

حلم الأربعين عاما .. كان رفيق الشاب الشيخ حمد بن محمد الشرقي منذ هبطت طائرته على أرض الإمارات قادما من المملكة المتحدة في العام 1971م ليقف باعتباره وليا للعهد إلى جانب والده الشيخ محمد بن حمد الشرقي في بناء الفجيرة ومواكبة مسيرة الاتحاد أهله لذلك رعاية الوالد ودعمه فضلا عما تلقاه من تحصيل علمي في أكاديمية اللغة الانجليزية ومعهد "هندن" للشرطة وكلية "مونس" العسكرية.

في تفاصيل حلم الشيخ حمد الشرقي الشاب كان ثمة صورة لحاضر الفجيرة ومستقبلها .. هي صدى لفجيرة الماضي العريق الذي خبره صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي جيدا منذ سنوات عمره الأولى وصورة ما يجب أن يكون عليه مستقبل الفجيرة سرعان ما صارت دليل عمل له كولي عهد للفجيرة يعمل على تنفيذه في هدي ورعاية ودعم الوالد المغفور له الشيخ محمد بن حمد الشرقي رحمه الله كما عمل على تنفيذه مع توليه مهام وزير الزراعة والثروة السمكية في أول تشكيل لوزارة إتحادية بعد قيام دولة الإتحاد.

ولم تمض سنوات حتى تولى صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي مقاليد الحكم بإمارة الفجيرة في الحادي والعشرين من شهر سبتمبر 1974م إثر وفاة والده وقد اكتسب العديد من الخبرات في قيادة الإمارة وشؤونها حيث أبدى في المشاريع التي أطلقها منذ توليه مقاليد أمور الحكم فهما عميقا لأهمية موقع "الفجيرة" تاريخيا وطبيعيا وجغرافيا وإنسانيا ودورها الحضاري المستمر وترجم ذلك برؤية ديناميكية متطورة وجدت ظلالا لذلك على الأرض على مدار أربعين عاما مضت ونهضة اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياحية مهمة عززت موقع الفجيرة الجيوسياسي وجعلت من الفجيرة نقطة استقطاب لكثير من الفعاليات الاستثمارية في الإمارات العربية المتحدة والعالم ومحط أهم المهرجانات الثقافية الدولية ووجهة سياحية مهمة في المنطقة والعالم.

**********----------********** حلم التغيير والتطوير الذي سعى صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي لتحويله إلى واقع وممارسة يومية في الفجيرة جاء في النظرية والتطبيق منسجما وتوجه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله ومن بعده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة " حفظه الله " في بناء دولة الاتحاد .. فكان من شأن القرارات الاتحادية المتعلقة بالدولة والخطوات الحكومية التي اتخذها صاحب السمو حاكم الفجيرة تغيير وجه إمارة البحر والجبل على نحو جذري في مختلف مناحي الحياة .. وقد تجسد ذلك في جملة صارت عنوانا أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي حينما قال كلمته الشهيرة : " الفجيرة رئة الإمارات " .

لاحقا شهدت الفجيرة قفزات تطويرية كبرى ولاسيما على الصعيد الاقتصادي مع إقامة ميناء الفجيرة البحري وتوسعاته المتعددة وإقامة مطار الفجيرة الجوي .. ولم يكن هذا التطور بمعزل عن حالة تطوير شملت دولة الإمارات العربية المتحدة وهو الأمر الذي لطالما شدد عليه صاحب السمو بقوله : إن الفجيرة " جزء لا يتجزأ من دولة الإمارات العربية المتحدة ونحن واكبنا تطور الإمارات منذ البداية وفي كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والإنسانية والهدف الذي نسعى إليه تحسين المستوى المعيشي للمواطنين".

وجه الفجيرة الجديد بمقدار ما بدا معاصرا ومتطورا بمقدار ما بدا مخلصا للخصوصية المحلية ولأصالة الإمارات وشعبها وعاداتها وقيمها .. وهو ما دأب صاحب السمو حاكم الفجيرة التأكيد عليه في كل استحقاق كبير للفجيرة .. وهو القائل : " نحن نمشي خطوة خطوة نحو التطوير ولا نريد أن يتم التطوير على حساب هويتنا الوطنية " .

أساس كل خطوة تطوير في نهج صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي كان الإنسان بوصفه هدف التطوير وأداته لذلك كانت الفجيرة في كل مرة تطرق بابا حياتيا جديدا تنجح في تثبيت أقدامها راسخة فيه لتكون تجربتها نموذجا يحتذى وفي كل مرة يبدو العامل الحاسم في نجاح هذا النشاط هو العنصر البشري الذي يقف خلفه وكل مرة يبدو أكثر ما يميز هذا العنصر البشري الروح الجماعية التي يغلب عليها الحب .. هذا الحب الذي زرعه سموه في قلوب الناس وممارستهم اليومية وقد بادلهم الحب بالحب والعطاء طيلة أربعين عاما فكان الحب والعطاء العقد الذي اجتمع حوله أهل الفجيرة بوصفه دستورا ينظم حياتهم إلى جانب دستور الدولة.

أربعون عاما مضت على تولي صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي مقاليد الحكم بإمارة الفجيرة كانت خلالها الإمارة ورشة عمل لا تهدأ وفي ثنايا كل مشروع أقيم ما يفتح للإمارة وأهلها أبوابا من الخير والعطاء لسنوات أخرى .. إنه الفعل المستمر المنتج كما أرساه سموه في الفجيرة فعلا وممارسة .. وقانون حياة .