نجوم جامايكا في ألعاب القوى

تمكن نجوم جامايكا في ألعاب القوى من الفوز بـ57 ميدالية ذهبية في بطولات العالم، والدورات الأولمبية، وألعاب دورة ألعاب الكومنولث، على مدار ما يقارب 75 عامًا، أهمها 14 ذهبية في بطولات العالم، و13 ذهبية في الأولمبياد. وعلى الرغم من كل ما قيل عن الجزيرة الأسرع في العالم والتي لا يتجاوز عدد سكانها 2.85 مليون نسمة، فإن للتاريخ كلمته، فقد بدأ الظهور الجامايكي في سباقات السرعة منذ عام 1948، حينما فاز آرثر وينت بأول ميدالية ذهبية أوليمبية في سباق 400 متر.

ومنذ هذا التاريخ فازت جامايكا بعدد هائل من الميداليات، غالبيتها في سباقات السرعة، وكم كان المشهد قاسيًا ومحفزًا في الوقت ذاته حينما شاهد أبناء الجزيرة عشرات النجوم وهم يحصدون الذهب تحت علم دول أخرى، وعلى رأسهم لينفورد كريستي ودونوفان بايلي، بطلا 100 متر عامي 1992 و1996 بجدارة، ولكنهما كانا يدافعان عن بريطانيا وكندا، كما أن الكندي بن جونسون صاحب ذهبية 1988 من أصول جامايكية.

تعود علاقة جامايكا بألعاب القوى لأكثر من 70 عامًا، فقد كانت الجزيرة تحت الحكم البريطاني، وتم تنظيم مسابقة لأفضل العدائين من المدارس الثانوية عام 1910، وتم تطوير هذا الحدث حتى أصبح الحدث الرياضي السنوي الأشهر في جامايكا، والذي يجذب حوالي 2000 متسابق ويشاهده الآلاف، وهو قمة هرم ممارسة سباقات العدو، فالأطفال يبدؤون في ممارسة العدو منذ سن الخامسة، وكلما رأيت ساحات فارغة في جامايكا تجد أطفالًا بها ينظمون سباقات عدو عشوائية على أمل أن تتحول تلك السباقات يومًا ما إلى بطولة.

وكان هذا السباق لعقود مضت فرصة رائعة للجامعات الأميركية لاستقطاب أفضل الشباب ومنحهم الجنسية ومنحًا دراسية، وقد بدأ آنطوني ديفيز مدير القسم الرياضي في جامعة جامايكا للتكنولوجيا وهو المكان الذي تدرب فيه بولت وباول والعديد من العدائين الكبار، خطة علمية منذ ما يقرب من 30 عامًا تهدف إلى منع العدائين من مغادرة الجزيرة إلى الولايات المتحدة.

وهناك الآن ما يقارب 3000 عداء في برنامج إعداد مكثف، وربما لا تكون المرافق والإمكانيات مثالية، إلا أن هناك حالة من الثقة في قدرات العدائين ورغبة في تحقيق نجاحات مثل بولت وغيره من الأبطال الذين أصبحوا مصدرًا للإلهام والحماس، خاصة أنهم يحصلون على مليون دولار في السباق الواحد.

لأنها عادة بشرية متأصلة، لا يوجد نجاح إلا وكان له بعض الأعداء بالمرصاد، ولم يكن التفوق الجامايكي في ألعاب القوى استثناءً من ذلك، فقد شكك البعض، خاصة في الصحف الأميركية والأوروبية في نزاهة ونظافة نجوم جامايكا الذين يكتسحون سباقات السرعة في بطولات العالم والدورات الأولمبية.

ومن النظريات الجدلية التي تقال عن تفوق جامايكا في سباقات السرعة تلك الفكرة التي تدور حول أن لديهم جينات تقف خلف هذا التفوق ولكنها نظرية تحتاج إلى دليل علمي، ولم يتم إثبات هذا الأمر بصورة قطعية، ويبدو أن هذا الأمر يتشابه مع أسطورة سباقات الماراثون والمسافات الطويلة التي يسيطر عليها نجوم أفريقيا.

كما تردد أن نجوم جامايكا يستخدمون المنشطات التي تعزز الأداء الرياضي، وقد عانى هؤلاء النجوم من كثافة الخضوع لاختبارات الكشف عن المنشطات والتي لم تسفر عن أي إدانة، مما يؤكد نظافة الأسطورة الجامايكية، إلا أن النجاح اللافت له علامات استفهام وخاصة في عقلية المشككين.