لا تبخل فرنسا على زوارها بمدن مختلفة ترضي مختلف الأذواق من محبي التاريخ إلى التسوق والطبيعة الجميلة، وواحدة من مدنها الجميلة التي قد لا يعرفها الكثيرون مدينة كولمار في الشمال الشرقي لفرنسا، والتي تعد واحدة من أجمل مدن أوروبا بقنواتها ومبانيها القديمة الملونة. تقع كولمار Colmar بين فرنسا وألمانيا وتحديداً في إقليم الإلزاس الذى يفصل بين الدولتين الكبيرتين فى قسم “أوت رين” على طول طريق يسمى “طريق النبيذ، وكولمار عاصمته، ويُطلق عليها “عاصمة النبيذ في الإلزاس”. وتبعد 64 كيلومتر إلى الجنوب الغربي من ستراسبورج، وتطل على نهر “اللاش” La Lauch، وتصلها قناة مائية بنهر الراين. ويُذكر أن كولمار وإقليم الإلزاس واللورين كله ظل متأرجحاً لفترة في تبعيته بين فرنسا وألمانيا، فتبع فرنسا كبند من بنود “معاهدة نيميجن” عام 1679، ولكن الامبراطورية الألمانية التي شكلت حديثاً في عام 1871 عادت وأعلنت تبعية الإقليم لها، ثم عاد الإلزاس مرة أخرى إلى فرنسا بعد الحرب العالمية الأولى، قبل ان تحتله ألمانيا النازية فى عام 1940، وعاد أخيراً إلى السيطرة الفرنسية بعد معركة “جيب كولمار “فى عام 1945. وإلى الآن يسمع الزائر كثير من الحديث باللغة الألمانية بسبب وجود سياح من ألمانيا وسويسرا، وكذلك كثير من السكان الذين يتحدثون الألمانية بلهجة إلزاسية، وتكتب بعض المحلات على واجهاتها باللغتين الفرنسية والألمانية الإلزاسية. وكانت كولمار آخر مدينة فرنسية نالت حريتها بعد الحرب العالمية الثانية، وشهدت على امتداد تاريخها العديد من الأحداث الهامة في تاريخ فرنسا والعالم، ونجت من التدمير عدة مرات خلال الثورة الفرنسية والحربين العالميتين الأولى والثانية.