بوست وجاتي

في التاريخ أشخاص حققوا إنجازات لا يمكننا إلا أن نذكرها، ونعيد الكتابة عما قاموا به ومن هؤلاء، الطيار الأمريكي ويلي بوست، والأسترالي هارولد جاتي، اللذان استطاعا الطيران حول العالم، ليصبحا في مثل هذا اليوم من عام 1931 أول شخصين في التاريخ يحققان هذا الحلم بطائرة ذات أجنحة ثابتة.

ولد بوست لأب وأم يعملان في زراعة القطن يوم 22 نوفمبر 1889 بولاية تكساس، وكان طالباً غير مبالٍ، إلا أنه أصبح من أهم الشخصيات في تاريخ الولايات المتحدة والعالم بأسره، ليس فقط لتحقيق إنجاز الطيران رفقة زميله الأسترالي، وإنما لأنه أصبح أول شخص يطير منفرداً حول العالم، وأيضاً لمساهمته في تطوير "بدلة الضغط"، واكتشاف ظاهرة "التيار النفاث" في الطبقات العليا من كوكب الأرض.

وسافر مع عائلته إلى بلدة مايسفيل بولاية أوكلاهوما عندما كان في الخامسة من عمره، واستطاع بصعوبة إكمال مرحلة الدراسة الابتدائية.

وبدأ شغفه بالطيران في ال15 من عمره عندما شاهد أول طائرة في حياته، وذلك خلال معرض في مدينة لوتون بنفس الولاية، ليقرر على الفور التسجيل في "مدرسة سويني للسيارات والطيران".

أما جاتي الذي ولد 5 يناير 1903 في بلدة كامبل في جزيرة تاسمانيا  ، والذي لقب ب"أمير الطيران" من قبل الطيار الأمريكي الشهير تشارلز لندبرج، أول شخص عبر المحيط الأطلسي على متن طائرة، فعُرف بحبه لعلم الملاحة الجوية والبحرية منذ نعومة أظفاره، حتى أنه فتح مدرسة خاصة به لتعليم الملاحة البحرية.

وانطلق ويلي بوست وهارولد جاتي، في رحلتهما بواسطة طائرة الأول "ويني ماي" من نوع "لوكهيد فيجا" من مطار "روزفلت فيلد" بجزيرة لونج آيلند التابعة لولاية نيويورك الأمريكية، 23 يونيو 1931، وخلال مغامرتهما توقفا في عدة مدن من العالم منها بلدة "هاربور جراس" في شبه جزيرة أفالون التابعة لكندا، ثم انطلقا مباشرة إلى بريطانيا وبالتحديد منطقة فلينتشير في ويلز، ومن بعدها إلى مدينة هانوفر الألمانية، ومن هناك إلى العاصمة برلين، ثم إلى الاتحاد السوفييتي وبالتحديد العاصمة الروسية الحالية موسكو، ومن ثم إلى مدن شرقي روسيا منها نوفوسيبيرسك وإيركوتسك وبلاجوفيشتشينسك وخاباروفسك، إلى أن وصلا إلى مدينة نوم بولاية ألاسكا الأمريكية، حيث أصلحا مروحية الطائرة بعد تعرضها لأعطال.

ونجح الطياران في العودة إلى مطار الإقلاع في الأول من يوليو 1931 بعد قطع مسافة 24,903 كم في 8 أيام و15 ساعة و51 ثانية.

وبعد هذا الإنجاز بنحو عامين قرر الطيار الأمريكي ويلي بوست الطيران منفرداً حول العالم بنفس الطائرة التي استخدمها مع زميله الأسترالي، وحلق بلا توقف إلى برلين، ثم توجه إلى الاتحاد السوفييتي، وعاد إلى أمريكا الشمالية وتوقف وكندا وألاسكا، إلى أن وصل إلى نيويورك، في 22 يوليو 1933، كان في انتظاره أكثر من 50 ألف شخص مصفقين له على تحقيق هذا الإنجاز غير المسبوق.

وكان ويلي بوست استطاع تحقيق هذا الإنجاز بعد أن قطع مسافة 25099 كم في 7 أيام 18 ساعة و45 ثانية.