أظهرت دراسة جديدة أن الطاقة التي تحرقها المدن الكبرى، وبخاصة تلك الناجمة عن استخدام الفحم والوقود تنتج حرارة زائدة يمكن أن تدخل في تيارات الغلاف الجوي وتؤثر على درجات الحرارة على مسافة تبعد آلاف الكيلومترات، على ما ذكرت وكالة "رويترز" الإثنين (28-1-2013). وجاء في تقرير نشرته دورية "نيتشر كلايمت تشينج" المعنية بالتغير المناخي أن ما يعرف باسم "الحرارة المتسربة" التي تتسرب من المباني والسيارات وغيرها في كبرى مدن نصف الكرة الشمالي تجعل فصول الشتاء أدفأ على مساحات شاسعة من شمال آسيا وشمال أميركا الشمالية. وهذا يختلف عن ظاهرة معروفة منذ فترة ويطلق عليها تأثير "بؤر السخونة الحضرية" حيث تحتفظ المباني والطرق بالمدن بحرارة النهار، وتجعل المنطقة الحضرية أسخن من المناطق الريفية المحيطة بها. وكتب الباحثون أن السخونة الزائدة الناجمة عن احتراق الوقود الأحفوري تتسبب بدلا من ذلك فيما يبدو في تغيير نماذج حركة الهواء ثم تمتزج بتيارات الهواء والمحيطات. كما يبعث احتراق الوقود الأحفوري ثاني أوكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي مما يسهم في ارتفاع درجات الحرارة بالعالم. وقال أيشوي هو الباحث بالمركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في كولورادو والذي قاد الدراسة، إن السخونة الزائدة الناجمة عن هذا الاحتراق في المدن قد تغير أنماط الغلاف الجوي بحيث ترفع أو تقلل درجات الحرارة على مسافات بعيدة. ونتيجة لهذا يمكن أن ترتفع درجات الحرارة في بعض الأماكن النائية بما يصل إلى درجة مئوية كاملة، حسبما أوردت الدراسة. لكن الحرارة تنخفض بعض الشيء في أجزاء من أوروبا وبخاصة في فصل الخريف بسبب تغير نمط تحرك الهواء نتيجة ظاهرة الحرارة المتسربة من المناطق الحضرية. وتأثير ذلك على درجات حرارة العالم بشكل عام لا يذكر، لأن كمية الحرارة المتسربة نتيجة الأنشطة البشرية تمثل حوالي ثلث الواحد في المئة من إجمالي كمية الحرارة التي تنقلها تيارات الهواء والمحيطات عبر الارتفاعات العليا. إلا أن هذه الحرارة المتسربة من المدن والطريقة التي تتحرك بها يمكن أن تفسر دفء بعض الأماكن في الشتاء بقدر أكبر مما تتكهن به النماذج المناخية المسجلة على أجهزة الكمبيوتر، واقترح الباحثون تعديل هذه النماذج بحيث تأخذ هذا التأثير في الحسبان.