لم تعد الأجهزة الإلكترونية الحديثة تستهوي الشباب والكبار فقط بل أخذت تستهوي شريحة الأطفال التي باتت تدمن عليها ليل نهار من دون أن تلقي بالا لما يترتب على ذلك الادمان من أخطار صحية ومشكلات نفسية واثار تربوية. وصار اقتناء كل طفل جهازا إلكترونيا أو أكثر أمرا شائعا عن طريق مطالبات الطفل بشرائها او بواسطة الاهداء من الأهل والاقرباء في المناسبات بهدف الافادة من فوائدها لكن الاطفال سرعان ما يتحولون لاستخدامها في اللعب والترفيه وتمضية الوقت في امور لاتفيدهم شيئا. وتعليقا على ذلك حذر عدد من المتخصصين في مجالات الصحة والاعلام والنفس من افراط الاطفال في استخدام الاجهزة الذكية وصولا الى حد الادمان مشيرين الى الاخطار الكبيرة الناجمة عن ذلك ولاسيما اثارها النفسية والجسدية والصحية والاجتماعية. ودعا هؤلاء المتخصصون في لقاءات مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) الاباء والامهات الى ضرورة وضع حدود وضوابط لاستخدام الاطفال لتلك الاجهزة حتى يستفيدوا من فوائدها الايجابية ويتجنبوا اضرارها الكارثية لاسيما بعد ان أصبحت تلك الاجهزة هي التي تستخدم الطفل وتسيره وفق مواصفاتها المشوقة. من جهته حذر رئيس قسم الاطفال في مستشفى الجهراء الدكتور فهد العنزي الاباء والأمهات من الاثار السلبية لظاهرة إدمان الاطفال على الأجهزة الذكية داعيا اياهم الى تشجيع الاطفال على ممارسة الهوايات المناسبة كالقراءة وتعلم اللغات والبحث العلمى والأنشطة الرياضية المختلفة. وقال الدكتور العنزي ان الاطفال الذين يدمنون على تلك الاجهزة يعانون من بعض الأعراض مثل احمرار العينين وآلام الرقبة واليد والأصابع واضطرابات النوم مضيفا انهم يلجؤون كثيرا إلى الاحتيال والكذب لكى يستخدموا الأجهزة أطول فترة ممكنة وتنتابهم نوبات غضب وعنف من محاولة الوالدين وضع ضوابط لاستخدامها. وذكر ان مجموعة البحث العلمى فى قسم الأطفال بمستشفى الجهراء اجرت دراسة تعد الأولى من نوعها عربيا على أطفال المدارس بالتعاون مع وزارة التربية وشملت الفئة العمرية مابين 6 و12 سنة مبينا ان الدراسة نبهت الاباء والأمهات ومسؤولى التربية والتعليم الى الاثار السئية والخطيرة الناتجة عن الاسراف فى استخدام الأجهزة الالكترونية من دون رقابة. واوضح ان الدراسة دعت الى ألا يزيد استخدام الاطفال للاجهزة الذكية على ساعة إلى ساعة ونصف يوميا وضرورة الانتباه إلى الأعراض التي تظهر معاناة الاطفال من اثار الإدمان وتشمل الاحباط والاكتئاب والقلق والتأخر عن المدرسة وحدوث بعض الأعراض الجسدية كالخمول والقلق واضطرابات النوم وآلام الظهر والرقبة والتهاب العينين اضافة إلى المخاطر الناتجة عن الأشعاعات الصادرة عن شاشات الأجهزة والمجالات المغناطيسية. من جانبها حذرت أستاذة علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتورة أمثال الحويلة من استشراء الاجهزة الذكية التي اسرت عقول الاطفال واجسادهم وصاروا يحملونها لاي مكان يذهبون اليه مضيفة ان ذلك افقدهم حس الحركة والتواصل الاجتماعي ونشر فيهم الخمول والسمنة. وقالت الدكتورة الحويلة ان من الاثار السلبية للادمان الاطفال على تلك الاجهزة تأثيرها على الحس المعرفي لهم وقدرتهم على التواصل الاجتماعي لاسيما ان الطفل يعد في مرحلة النمو الجسدي والعقلي ومرحلة تكوين العلاقات والتواصل مع المجتمع. وذكرت ان الأجهزة الحديثة تتضمن برامج وألعابا يستخدمها الطفل وتشجع على العدوانية وصار الطفل يبحث عنها ويسعى لاستخدامها مبينة انها تتضمن امورا لا تتماشى مع العادات والتقاليد المتبعة في مجتمعاتنا لانها صممت في ثقافات مختلفة عن ثقافتنا . ودعت أولياء الأمور الى تعزيز الدور الايجابي للأجهزة الحديثة باضافة العاب تربوية وتثقيفية والابتعاد عن الالعاب التي تؤثر سلبا على الطفل بالاضافة الى تحديد اوقات معينة كي لا يفقد الطفل مهارة التواصل الاجتماعي مع اهله واقرانه وان لا تؤثر سلبا على صحته مع الحرص على استخدام الالعاب الحركية واستخدام حواسه المتنوعة. من جهته قال أستاذ الاعلام في كلية الآداب بجامعة الكويت الدكتور محمود الهاشمي ان للأجهزة الذكية سلبيات كباقي وسائل الاعلام التقليدية مبينا ان افراط الاطفال في استخدامها يؤدي دائما الى سلبيات تنعكس على حياتهم وتفكيرهم. وشدد الدكتور الهاشمي على اهمية دور الاسرة في مراقبة الابناء وكيفية استخدامهم لهذه الأجهزة خصوصا في حال ارتباط هذه الأجهزة بشبكة الانترنت والدخول الى برامج ومواقع قد لا تناسب إعمار الاطفال مؤكدا ان هناك سلبيات وايجابيات لهذه الأجهزة كباقي وسائل الاعلام. وذكر ان الإفراط في استخدام البرامج الموجودة على الأجهزة الذكية يفقد الطفل مهارة التواصل مع المجتمع ولغة الحوار مع اقرانه او مع الكبار ويمنعه من تشغيل الفكر في امور الابداع والعطاء والابتكار ويؤدي الى تأخره الدراسي واتغلاقه النفسي والجسدي على ما يتلقاه من معارف سطحية ومهارات متواضعة