أعلن مطلع الشهر الجاري في بلجيكا عن إطلاق تجمع يضم نحو خمسين من الجمعيات المدنية والنقابات والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الاجتماعية لإنشاء بنك جديد باسم "نيو بي" على شكل شركة تعاونية تهتم أساسا بالمصلحة العامة ومصالح عملائها. وتعود فكرة البنك لأكثر من عشرين عاما وأصبحت ملحة منذ أربع سنوات بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية. ويظهر هذا المشروع البنكي التعاوني الجديد في فترة انعدمت فيها الثقة في البنوك التقليدية. لذا يشدد مسؤولو البنك الجديد على أن "نيو بي" سيعتمد في عمله على الشفافية والرصانة. تجدر الإشارة إلى أن آخر البنوك العامة التي نشطت في بلجيكا لعقود هو بنك بيلفيوس، وذلك قبل أن يخصص. ويبدو أن الفكرة راقت للكثير من المواطنين البلجيكيين، حيث تجاوز عدد المشترين لأسهم في البنك ثلاثين ألف شخص، بينما كان يأمل أصحاب الفكرة أن تجتذب عشرة آلاف مشترك فقط في البداية. وتبلغ قيمة السهم الواحد عشرين يورو، ولا يسمح بشراء أكثر من سهم للشخص الواحد لتفادي الاستحواذ. وسيتم القرار بشأن الموعد النهائي للإطلاق الرسمي لخدمات البنك يوم 6 يوليو/تموز المقبل في اجتماع للمستثمرين، بعد التأكد من وجود الحد الأدنى القانوني لرأس المال وقدره 6.2 ملايين يورو تدفع معظمه الجمعيات والمنظمات المؤسسة للبنك. الربحية ليست هدفا وأعرب مدير التعاونية برنارد بايو عن أمله في جمع أكثر من المبلغ المحدد قانونيا، وذلك بمساهمة المواطنين المستثمرين والمنظمات التي أطلقت المشروع بالإضافة إلى بعض الجهات الحكومية ومستثمرين من القطاع الخاص. وخلال حديثه للجزيرة نت شدد على أن البنك الجديد يسعى لتقديم كافة الخدمات، كالحسابات الجارية والادخار والقروض -بما في ذلك نظام الدفع- للعملاء العاديين والمهنيين. وقال بايو إن البنك الجديد يريد التركيز بشكل خاص على التمويل المستدام وإدارة المدخرات وتقديم القروض، ويعتبر مسألة تحقيق الأرباح ليست هدفا ولكن فقط نتيجة لإدارة جيدة. وأضاف أن البنك سيسعى في البداية لأن يكون له بعض الوزن في السوق، مشيرا إلى أنه يهدف إلى الاعتماد على نموذج مختلف في التعامل مع العملاء عبر نظام حساب على الإنترنت، ولكن أيضا عبر وكالات تشغيل موظفين، وإن كان ذلك ليس عبر شبكة بالمعنى التقليدي للكلمة. رهان ولفت بايو إلى أن البنك الجديد يواجه رهان إثبات نفسه على الساحة وأن يكون بنكا معروفا بدون نشر فروع أو وكالات تعبر عنه، ولكن عبر استعمال تقنيات الاتصال من خلال نقاط في جميع أنحاء البلاد، وأن تكون هناك إمكانية لإنشاء نموذج مبتكر لنظام وكلاء متنقلين. من جانبه أوضح مساهم في البنك يدعى باتريك هيرينكس أن سبب اختياره المشاركة في هذا المشروع، أنه يرغب في السيطرة على بعض الإجراءات المتعلقة بحياته، مشيرا إلى أنه منذ نحو أربعين عاما فرض عليه تسيير أموره من خلال النظام المصرفي. ورأت مشتركة أخرى بالبنك تدعى ميشيل ديهم أنها وضعت إمكانياتها المالية في خدمة سياسة اقتصادية جماعية ومسؤولة. وأعربت عن أملها بأن تنتشر بنوك على غرار الفكرة التي أنشئ عليها بنك "نيو بي"، معتبرة أن انتشارها سيؤدي إلى مستقبل مختلف، خاصة إذا تكاثر هذا النوع من المشاريع في قطاعات أخرى. ويشدد الكثير من المساهمين في البنك الجديد على أن المجتمع بحاجة إلى بنوك تدعم الاقتصاد الحقيقي وتستثمر في المنتجات والخدمات المبتكرة ذات القيمة الاجتماعية والبيئية ولا مجال فيها للمضاربة.