مسجد سيدي العوام

يعتبر مسجد سيدي العوام من أشهر وأعرق المساجد في مدينة مرسى مطروح، وشهد زيارات متعددة لرؤساء دول وشخصيات سياسية شهيرة وارتبط إنشاؤه بحكايات قديمة ما زالت عالقة في أذهان غالبية أهالي المحافظة .

ويرجع تاريخ المسجد منذ أن كان مقبرة صغيرة، دُفن فيها جثمان شخص أطلق عليه أهالي مطروح اسم "العوام"، ظنا منهم بأنه صاحب كرامات ومن أولياء الله الصالحين بعد عثور الأهالي عليه طافيًا فوق مياه البحر، ولم يأكل جسده السمك ولم تغير مياه البحر المالحة ملامحه في عهد الملك فؤاد الأول.

وبنى مدير الصحراء الغربية فؤاد المهداوي، قبل أن تسمى محافظة مطروح والتي تضم الوادي الجديد والواحات، ضريحًا ومقامًا في مسجد لـ"العوام" ونقل جثمانه فيه ودفن للمرة الثانية وقيل السبب إنَّ العوام أتى إلى المهداوي في المنام وطلب منه بناء الضريح.

وشيَّدت شركة "حسن علام" المسجد على طراز معماري فريد في النقوش والبناء، ميزته عن مساجد المحافظة كافة حيث القبة الضخمة وسط مئذنتين شاهقتين، وبني سقفه المطعم بنقوش الإسلامية للعصر الفاطمي على ارتفاع 10 أمتار، وكانت تنظم احتفالات لأيام عدة حول الضريح الموجود في المسجد.

وتعد الموالد الشعبية من المظاهر اللافتة للانتباه في المناطق ذات الخصوصية البدائية، وعند الجماعات الشعبية التي تنتشر فيها الاعتقادات الراسخة في حب الأولياء ، واتفق كثير من أبناء المحافظة على تحديد يوم في السنة، لتنظيم احتفال بهذا الولي أطلق عليه اسم "مولد سيدي العوام".

وتعددت القصص والحكايات حول العوام فبعض الأهالي يقولون إنه رجل تقي من المغرب اسمه محمد العوام مات وهو عائد من رحلة بحرية إلى الحج وتم إلقاؤه في البحر وجرفه التيار الى شواطئ مطروح وعثر عليه الأهالي فدفنوه في قبر على الشاطئ الذي خرج منه ويحمل اسمه حتى الآن "شاطئ العوام".

ويقول البعض إنَّ السيد العربي الأطرش رجل تقي وولي صالح كان مسافرًا إلى الحجاز لأداء فريضة الحج برفقة ثلاثة من أبناء أخيه وبعض الحجاج المغاربة عن طريق البحر وأثناء عودته وافته المنية وتوفي ولم يبلغ ربان السفينة أقاربه بوفاته لحرصهم على دفنه في أرضه.

ولكن الحجاج المغاربة أبلغوه فأمر الربان بإلقاء الجثمان في البحر حسب المتبع ورفض أقاربه ذلك، فاشتد الأمر بين الربان وأقارب السيد العربي إلى أن رأى كل منهم رؤيا على حده يأمره فيها عمه بأن يلقوه في البحر وأنه سيرافقهم إلى ما شاء الله.

واتفق الجميع على هذه الرؤيا وأبلغوا الربان بأن يتخذ الإجراءات المطلوبة وبعد صلاة الجنازة ألقي الجثمان في البحر ولاحظ الجميع أن الجثمان يسير بمحاذاة السفينة وبعد غروب الشمس ودخول الليل لاحظ الجميع نورًا إلى جانب السفينة واستمر الوضع لمدة يومين أو ثلاثة ولم ير الجثمان في اليوم الأخير، إلى أن عثر عليه السكان في منطقة مدينة مرسى مطروح في كفنه وعلموا أنه من الصالحين ودفنوه.

ويعود تاريخ  مسجد العوام لارتباطه قديمًا بمولد "سيدي العوام" والفكر الصوفي الذي يدعم الموالد وزيارات الأضرحة في مصر كلها آنذاك وموعد المولد في الجمعة الثالثة من شهر تموز/ يوليو.

وكانت القبائل قديمًا حريصة على حضور المولد، فتتوافد من شرق البلاد وغربها ويصطحبون نساءهم وأطفالهم الذين يتغنون بالمولد وبركة العوام، فهذه المناسبة عزيزة عليهم وبمثابة فسحة ينتظرونها كل عام كما تحمل الأسر الذبائح عند الضريح فيأكلون منها ويتهادون ويتصدقون على المساكين .

فيما يشدو زوار المولد الأغاني الجميلة عند قدومهم إلى المدينة، حيث مولد سيدي العوام وتقول كلمات إحدى الأغنيات (يا سيدي العوام العالي لا تشمت فينا والي) والأخرى تقول كلماتها (مشينا وجينا سالمين وحمدنا رب العالمين) .

وتجد وأنت تتجول بالقرب من الضريح، بعض الوافدين هامسًين وراجين تحقيق أحلامهم وطلباتهم، بينما تجد آخر يقتطع قطعة قماش ملفوفة حول الضريح بلونها الأخضر الزاهي؛ ليقطعها عند عودته على أحبائه للتبرك بها وتجد آخر يأخذ حفنة من تراب الضريح للتبرك بها بعد عودته إلى دياره.

ومدة المولد 3 أيام تستغلها الأسر البدوية في التلاقي والتعارف وتوثيق العلاقات التي أضعفها بعد المسافات داخل الصحارى والنجوع كما أنها تمنح الفتاة البدوية التي تمنعها العادات والتقاليد في الظهور والاختلاط الفرصة لاختيارها كعروس لأحد شباب أسرة أخرى تجاورهم في الخيام التي يقيمونها لمبيتهم طوال فترة المولد .