يصدق أن من يراه أمامه في المرآة هو نفسه ...لأول مرة منذ سنوات ينظر لنفسه في المرآة، انشغاله وسعيه لتحقيق هدفه جعلاه ينسى كل ما عداهما.  هو...شخص كان كل هدفه في الحياة "أن يحبه الناس" وفي الطريق إلى تحقيق هدفه هذا  اضطر أن يتخلى عن الكثير من مبادئه، أخلاقه، وفي الكثير من الأحيان تخلى عن نفسه !  الحصول على حب كل الناس ورضاهم مستحيل لكنه لم يدرك هذا الشيء .. أو بالأصح أدركه لكنه لم يرد تصديقه بسبب إيمانه العميق بأنه قادر على كسب كل الناس، حين يغير لونه في أي وقت حسب لون الجالسين معه.  أدرك حين رأى نفسه في المرآة التي لم ينظر إلى نفسه فيها منذ سنوات أنه أصبح شخصًا مشوهًا، شخص بلا ملامح .  لم يعد يعرف من هو !...هل هو الشخص المتدين الذي يكونه عندما يجلس مع أهله، أم إنه الملحد الذي يحفظ الكثير من حجج عدم وجود الله ويسردها متباهياً أمام اصدقائه الملحدين .. أم أنه شخص ثالث لا يعرفه أحد حتى هو ؟  شرد لثوانٍ في ملابسه ...ملابسه أنيقة وجميلة وعلى آخر صيحة، لكن هل هذا هو ذوقه في الملابس؟ هل يحب هذا اللون لهذا اختار أن يلبسه مثل ما يفعل أغلب الناس، أم انه اشتراه ولبسه لأن الناس يحبونه ؟ ....خطر بباله موقف حدث معه عندما كان صغيراً... طفل صغير "هو"  يملأ محل الملابس بصوت صراخه والسبب أن امه لم تشتري له البدله التي أعجبته وفضلت أن تختار هي بدلته، تذكر جملة أبيه التي قالها حينها لأمه : ابننا شخصيته قوية مثلك ولن يسمح لأحد أن يختار له أي شيء ...سأل نفسه بعد أن تذكر هذا الحدث : هل كانت شخصيتي قويه فعلاً؟ هل كنت متمسك بما أريده بهذه القوه ؟ هل شخصيتي التي أنا عليها اليوم هي شخصيتي الحقيقية أم أن شخصيتي الحقيقيه هي التي كنت عليها عندما كنت طفلاً!!  صدمته بنفسه جعلته يطرح الكثير من الأسئلة على نفسه، الكثير من الأسئلة التي لم يجد لأغلبها إجابة ...يومها لم يكن متيقناً من شيء.. من أي شيء غير أنه في طريقة إلى الوصول إلى قلوب الناس أضاع قلبه ..أضاع نفسه ..أضاع شخصيته .  الشيء الوحيد الذي أصبح متيقناً منه : أنه أضاع الشخص الوحيد الذي كان عليه أن لا يخسره، ليكسب أناس كثيرين كان من العادي أن يخسرهم