مجلس الأمن الدولى

جدد مجلس الأمن، الإثنين، العقوبات الدولية على اليمن عامًا إضافيًا، غير أن روسيا استخدمت حق النقض "الفيتو" من أجل إجهاض سعي بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة إلى التجاوب مع تقارير خبراء الأمم المتحدة التي تؤكد انتهاك إيران لقراري مجلس الأمن 2140 و2216 عبر تزويدها جماعة الحوثي بالأسلحة، ومنها خصوصًا الصواريخ الباليستية التي تطلق في اتجاه الأماكن المدنية في السعودية، فضلًا عن طائرات الدرون العسكرية.
 
وبعد مفاوضات مرهقة استنفدت فيها كل السبل الدبلوماسية لإقناع روسيا بالتجاوب مع أدلة الخبراء الدوليين، وبعد إرجاء الجلسة الخاصة بالتصويت ساعات عدة، صوت مجلس الأمن أولاً على مشروع قرار بريطاني معدل يندد بانتهاك القرارات الدولية، فحصل على 11 صوتًا، غير أن روسيا استخدمت حق الفيتو لتعطيل إصداره. وكذلك صوتت بوليفيا ضد المشروع، بينما امتنعت كل من الصين وكازاخستان عن التصويت.
 
وعلى الأثر، صوت أعضاء المجلس على مشروع القرار الروسي، فنال إجماع الدول الـ15 في المجلس، وأدت الخلافات العميقة بين الموقف الروسي من جهة، والغربي من الجهة الأخرى، إلى إرجاء عملية التصويت خلال ساعات الصباح، ثم إلى تأجيلها حتى بعد الظهر، في محاولة لرأب الصدع والتوصل إلى حل وسط بين مشروع القرار البريطاني المدعوم أميركيًا وفرنسيًا، الذي يشير إلى «إجراءات إضافية» ضد منتهكي القرارات الدولية، ومشروع القرار الروسي الذي يكتفي بـ«التجديد التقني الصرف» للعقوبات التي كان يمكن أن ينتهي مفعولها في منتصف الليلة الماضية بتوقيت نيويورك.
 
وأجرى الدبلوماسيون البريطانيون، بدعم أميركي وفرنسي، مفاوضات صعبة مع الجانب الروسي بغية التوصل إلى صيغة توافقية تؤدي إلى تجديد العقوبات الدولية المفروضة على اليمن منذ عام 2014 بموجب القرار 2140، وأصر المفاوضون الغربيون على «ضرورة الاستجابة لتوصيات لجنة خبراء الأمم المتحدة الذين توصلوا إلى أن إيران أخفقت في التزام القرارات الدولية باستمرار تزويدها الحوثيين بأنواع مختلفة من الأسلحة، خصوصًا الصواريخ الباليستية وطائرات الدرون العسكرية».
 
في المقابل، أصرت روسيا على أن «النتائج التي توصل إليها أعضاء لجنة الخبراء التابعين للأمم المتحدة غير مقنعة»، رافضة بالتالي «أي ذكر لإيران في مشروع القرار»، بما في ذلك الديباجة التي تفيد أن مجلس الأمن «يعبر عن قلقه الخاص لأنه، كما أفاد فريق الخبراء، أدخلت أسلحة من أصل إيراني إلى اليمن بعد فرض الحظر المفروض على الأسلحة، وأن إيران لا تمتثل للفقرة 14 من القرار 2216 بعدم اتخاذ التدابير اللازمة لمنع توريد أو بيع أو نقل ثلاثة أنواع من الأصناف المحظورة إلى أشخاص معاقبين أو كيانات معاقبة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية القصيرة المدى "مداها معدل" والمعدات العسكرية ذات الصلة، وتكنولوجيا الطائرات من دون طيار "الدرون" التي يمكن اعتبارها معدات عسكرية».
 
وجاء في أحدث مسودة لمشروع القرار البريطاني قبل ساعة واحدة من موعد التصويت، أن مجلس الأمن «إذ يتصرف بموجب الفصل السابع» من ميثاق الأمم المتحدة، يؤكد «الحاجة إلى التنفيذ الكامل وفي الوقت المناسب للتحول السياسي في أعقاب مؤتمر الحوار الوطني الشامل، تماشيًا مع مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، ووفقًا للقرارات 2014 و2051 و2140 و2201 و2204 و2216 و2266 وبما يلبي توقعات الشعب اليمني». ويدعو كل الأطراف إلى الامتثال للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بحسب الاقتضاء، ووقف كل الهجمات الموجهة إلى المدنيين، واتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لتجنب أي ضرر يلحق بالمدنيين والمنشآت المدنية، واحترام وحماية المرافق الطبية والعاملين فيه، ووقف تجنيد الأطفال واستخدامهم، في انتهاك للقانون الدولي، بغية منع المزيد من معاناة المدنيين». ويقرر «تجديد التدابير المفروضة بموجب الفقرتين 11 و15 من القرار 2140 حتى 26 فبراير "شباط" 2019»، مؤكدًا أيضًا «أحكام الفقرات 12 و13 و14 و16 من القرار 2140، ويؤكد من جديد كذلك أحكام الفقرات من 14 إلى 17 من القرار 2216».
 
ويلاحظ «الفقرات من 86 إلى 96 من التقرير النهائي لفريق "الخبراء" معبرًا كذلك عن اعتزامه اتخاذ إجراءات إضافية لمعالجة هذه الانتهاكات تماشيًا مع الفقرتين 11 و15 من القرار 2140 والفقرة 14 من القرار 2216». ويشدد على «دعم آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش، التي تسهل الشحن التجاري إلى اليمن».
 
وكانت النسخة الأصلية من مشروع القرار تنص على أن «مجلس الأمن يعبر عن قلقه الشديد إزاء النتائج التي خلص إليها فريق الخبراء الأممي بشأن اليمن، وأن إيران لا تمتثل للحظر المفروض على الأسلحة في قرار المجلس السابق رقم 2216»، فضلًا عن التنديد بإيران لعدم تطبيقها حظر الأسلحة، ولأنها «أخفقت في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تسليم وبيع ونقل صواريخ إلى الحوثيين بشكل مباشر أو غير مباشر». ولكن تلويح المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا بحق النقض، الفيتو، دفع القائم بالأعمال البريطاني جوناثان ألن إلى سحب هذه العبارات.
 
وكان التقرير النهائي، الذي أعده فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات على اليمن، قدم أدلة على تورط إيران في إمداد جماعة الحوثي بالأسلحة والعتاد، ومنها الصواريخ الباليستية في انتهاك للفقرة 14 من القرار 2216، موضحًا أن «هناك مؤشرات قويّة على إمداد بمواد ذات صلة بالأسلحة المصنعة في، أو المصدرة من الجمهورية الإسلامية في إيران».
 
وأوضح فريق الخبراء أنه «بعد التحقق من حطام صواريخ 22 يوليو/ تموز و4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 اتضح أن تصاميم الحطام مشابهة مع التصميم الإيراني لصواريخ "قيام 1"، مما يعني أن الصواريخ تم صنعها من المصنع نفسه». كما أن «حطام الصواريخ وجد عليه علامات مشابهة لشعار شركة "صناعات الشهيد باقري" الإيرانية".
 
وأضاف الفريق أن «تحالف الحوثي "...." تمكن من الحصول على تكنولوجيا صاروخية أكثر تطورًا من ذات مخزونهم في يناير/ كانون الثاني 2015 "سكود سي وهواسونغ 6" ويصفون هذه الصواريخ باسم "بركان 2هـ"». ويفيد التقرير، في فقرة منفصلة، بأن «فريق الخبراء حدد من خلال حطام الصواريخ هذه، أن لديها علاقة بمعدات عسكرية وطائرات عسكرية من دون طيار ذات مصدر إيراني، وتم إدخالها إلى اليمن بعد فرض الحظر المفروض على الأسلحة»، مؤكدًا أن «إيران لا تمتثل للالتزامات الواردة في الفقرة 14 من القرار 2216 لعام 2015، إذ إنها لم تتخذ التدابير اللازمة لمنع التوريد أو البيع أو النقل بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى تحالف الحوثي "...." الصواريخ الباليستية "بركان 2هـ" قصير المدى وخزانات تخزين ميدانية للأكسدة ثنائية الدفع السائل للصواريخ والطائرات من دون طيار من طراز "قاصف 1" و"أبابيل ت"».