سفارة الولايات المتحدة في موسكو

استولت السلطات الروسية أمس الجمعة، على مبنيين دبلوماسيين أميركيين، وطلبت من سفارة الولايات المتحدة خفض عدد موظفيها في موسكو بحلول سبتمبر/أيلول المُقبل، وذلك في أولى خطوتها للرد على العقوبات الأميركية المقترحة على خلفية الاشتباه بتدخل الكرملين في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016.

وجاءت هذه التحركات، التي كانت روسيا تُهدد بها منذ أسابيع، بعد يوم من موافقة مجلس الشيوخ الأميركي على إجراء لتوسيع العقوبات الاقتصادية ضد روسيا وكذلك ضد إيران وكوريا الشمالية. ويذكر أن مشروع القانون، الذى يعكس مشروع قرار أصدره مجلس النواب يوم الثلاثاء، هو في طريقه الأن إلى الرئيس دونالد ترامب لتوقيعه، علمًا أنه يعارضه وقد يستخدم حق النقض ضده. ويوجِّه التحرك الأخير للكرملين ضربة أخرى ضد العلاقات الدبلوماسية القاتمة بالفعل بين الجانبين، حيث تُحرك كل خطوة جديدة كلاً من موسكو وواشنطن بعيدًا عن التقارب المُتوقع قبل بضعة أشهر.

وقال أليكسي بوشكوف، وهو مشرِّع ومعلَّق في الشؤون الدولية، على "تويتر": "كان رد روسيا على العقوبات الجديدة أمًرا لا مفر منه". وأضاف "هناك احتمال كبير بان لا يكون ذلك نهاية المطاف".
ويُعتبر عدد الأهداف الأميركية داخل روسيا التي قد تتعرض لانتقام الكرملين محدودة، خاصة إذا كانت موسكو قلقة من إلحاق أضرار بالمناخ الاستثماري أو أي تداعيات اقتصادية أخرى. غير أن الساحات الخارجية أمر مختلف. فقد تًظهر موسكو بعضًا من ضبط النفس في شرق أوكرانيا أو في سورية بسبب توقع تحسين العلاقات مع واشنطن، ولكن الآن قد يبحث الكرملين عن أماكن أخرى لتحدي الولايات المتحدة. وفى إشارة إلى تصويت الكونغرس على تشديد العقوبات، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها "إنَّ ذلك يشهد مرة أخرى على العدوانية الشديدة للولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بالشؤون الدولية".

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس فلاديمير بوتين إنَّ "الزعيم الروسي وافق على الإجراءات الانتقامية، رغم قوله قبل يوم واحد انه سينتظر النسخة النهائية من القانون قبل اتخاذ مثل هذه الخطوات." وأضاف بيسكوف أنَّ النسخة التى انبثقت عن تصويت مجلس الشيوخ في وقت متأخر من يوم الخميس يبدو أنها الأخيرة، مشيرًا إلى أنَّ البيت الأبيض اقترح بالفعل انه قد يرفض هذا القانون لصالح شيء اكثر صعوبة. وتابع بيسكوف: "إنَّ البيت الأبيض قال إنَّ مشروع القانون يمكن تشديده، لذلك لا يغير جوهر الوضع".
ومن غير الواضح ما إذا كان ترامب سيوقع على القانون. ولكن بالنظر إلى تحقيقات الكونغرس حول التواطؤ المُحتمل بين حملته والكرملين، وبالنظر إلى أن الحزب الجمهوري له أغلبية في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، فإنه يتعرض لضغوط كبيرة لعدم استخدام حق النقض.
وكان موقف البيت الأبيض متضاربًا بشأن ما إذا كان ترامب سيعطي موافقته. وتعهد ترامب خلال حملته الرئاسية بتحسين العلاقات مع روسيا. وأصدرت سفارة الولايات المتحدة في موسكو بيانًا قصيرًا أكدت فيه أنها تلقت الإخطار من وزارة الخارجية الروسية وأنها أرسلت الأوامر إلى واشنطن للمراجعة. وأعرب السفير الأميركي جون تيفت عن "خيبة امله واحتجاجه".
وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية أنه تم الطلب من سفارة الولايات المتحدة خفض عدد موظفيها الدبلوماسيين والتقنيين في روسيا الى 455 موظفًا بحلول الأول من سبتمبر/ أيلول، بما يطابق عدد الدبلوماسيين الروس في الولايات المتحدة. وبالإضافة إلى السفارة الاميركية في موسكو، فإن الولايات المتحدة لديها قنصليات في سانت بطرسبرغ، وفلاديفوستوك ويكاترينبورغ.
ولم يتضح على الفور عدد العمال الاميركيين الذين سيضطرون الى المغادرة، لان إعلان الكرملين لم يُوضح بالتفصيل عدد الموظفين. وهناك مئات من الموظفين في روسيا. وابتداء من الاول من اغسطس/آب، ستحظر روسيا أيضا الوصول الى مستودع في موسكو وموقعا على طول نهر موسكو حيث يسير الموظفون بكلابهم ويقيمون حفلات الشواء.

وفي كانون الأول/ ديسمبر، طرد الرئيس باراك أوباما 35 دبلوماسيًا روسيا واستحوذ على عقارين، أحدهما في لونغ آيلاند، بنيويورك، والآخر في خليج تشيسابيك في ماريلاند، ردًا على تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة. ولم تستجب موسكو في ذلك الوقت، حيث أشار بوتين إلى أنه يأمل في تحسين العلاقات في ظل الرئيس ترامب في المستقبل. وقد تبخرت فرص حدوث ذلك إلى حد كبير. وقال بوتين فى مؤتمر صحفى فى فنلندا إنه سوف ينتظر حتى يرى القانون النهائى حول العقوبات الامريكية الجديدة قبل اتخاذ قرار بشأن الرد. وقال الاعلان الصادر عن وزارة الخارجية الروسية إنه اذا ردت الولايات المتحدة على الاجراء الاخير مع اى عمليات طرد اخرى فان روسيا سترد بالمثل.