رمضان غرس للسلوكيات وحصاد للقيم

تعمل الكثير من الأسر على استثمار شهر رمضان المبارك في غرس قيم أصيلة في نفوس الأبناء فأيامه العطرة وأجواؤه التي تبث روح المحبة والتواؤم كفيلة بأن تغير مناخ الأسر، ومن ثم غرس عادات محببة تعمل على بناء شخصية الأبناء وتدعم ثقتهم في أنفسهم فالصوم والعبادة والزيارات المنزلية المبنية على الألفة الغامرة تجعل الأبناء ينظرون إلى تصرفات الآباء بدقة 

ويقلدونها إيمانًا منهم بأن رمضان هو شهر الفضائل التي تسمو فيه النفس وترتقي وعلى الرغم من بواعث هذه الأيام المباركة التي تحمل كل خير فإن لكل أسرة أسلوبها في إكساب أبنائها العادات الاجتماعية الأصيلة، وهو ما يجعل من التنافس أمرًا محببًا من أجل بناء جيل قوي قادر على مواجهة التحديات في إطار التنشئة السليمة، ومن ثم استثمار أيام الرحمات في تغذية الذات بكل ما يجعلها تنطلق في رحاب الحياة بثقة واعتزاز.

سلوكيات إيجابية
وتقول الاستشارية الأسرية الدكتور أمينة الماجد "الأجواء الرمضانية كفيلة بأن تعيد التوازن النفسي والاجتماعي والسلوكي لأفراد المجتمع واعتاد الناس مع بداية شهر رمضان على استحضار العادات المحببة وإكسابها للأبناء مثل المحافظة على أداء الصلوات وتلاوة القرآن الكريم وتعويدهم على أداء الصداقات والتفاعل مع الزيارات المنزلية للأقارب والتعاطف مع المحتاجين فضلًا عن السعي إلى استثمار هذا الشهر الكريم في بناء شخصيتهم بشكل إيجابي تفاعلي، وهو ما يعدهم للمستقبل في ضوء القيم والتقاليد الشائعة في وطنهم".

وتشير إلى أن امتداح سلوكيات الأبناء بشكل مستمر يسهم في تعزيز ثقتهم بأنفسهم بخاصة، عندما تكون هذه السلوكيات إيجابية، وتبرهن على أنهم يتفاعلون مع قيم الشهر المبارك وتلفت إلى أن مجتمع الإمارات يتميز بأنه يعتمد على القيم والعادات والتقاليد ورمضان يرسخ كل العادات الأصيلة ويساعد الأسر في إذكاء روح التعاون والعطاء في نفوس الأبناء.
صبر وتهذيب
ويؤمن عبدالرحمن يوسف بأن شهر رمضان المبارك يعلي من قيم وتقاليد رفيعة داخل النفس وأنه يستثمره في تعليم أبنائه المغزي من الصوم مبينًا أن يوضح لهم أن الصوم في الحياة الاجتماعية هو أن تبتعد عن كل ما يضر الناس وأن تشعر بالآخرين الذين ليس لديهم سعة في الرزق ويعيشون على الكفاف ويعلمهم أيضًا الكثير من الفضائل المرتبطة بالشهر الفضيل ويرى أن غرس القيم الرمضانية في نفوس أبنائه أصحاب الأعمار الصغيرة مثل النقش على الحجر، وهو ما يجعله يحاول إكسابهم السلوكيات الحميدة بشكل عملي ويبين لهم أن هذه الأيام المباركة لا تحتاج من المرء العصبية بدعوى أنه صائم وغير قادر على احتمال الآخرين لأن الصوم في الأساس يعلم الصبر ويهذب النفس.
روحانيات
ويحرص محمد مصطفى على تعويد أبنائه على الانتظام في الصلوات الخمس في المسجد بخاصة أن شهر رمضان يملأ المرء بفيوض روحية ويجعله يقبل على الطاعات وأنه يوجههم إلى المسجد ويعلمهم روحانية الصلاة وسط أفواج المسلمين في هذه الأيام المباركة الطيبة، ويذكر أنهم يذهبون معهم ما استطاعوا وأنهم يجدون الكثير من الأطفال يقفون في الصفوف بجوار آبائهم فضلًا عن أنه يجلس معهم لقراءة القرآن لمدة ساعة يوميًا ويوضح لهم أن رمضان هو شهر القرآن وأنه خلال السنوات الماضية استطاع أن يستثمر حلول الأيام الرمضانية العطرة في تهذيب سلوكياتهم وإكسابهم خصالًا جميلة، لافتًا إلى أنه يطمح إلى أن يغرس بداخلهم فضائل كثيرة نظرًا لأن طبيعة رمضان تخلق أجواء طيبة وتشجع على الحوار بين الآباء والأبناء، وهو ما يعود عليهم بالنفع ويجههم نحو اكتساب قيم وتقاليد أصيلة.

دروس العطاء
ويورد إبراهيم آل علي أنه يعمل بشكل دائم على إكساب أبنائه الصغار قيمًا أصيلة ويعودهم على السلوكيات الإيجابية التي تعزز دورهم في المجتمع لافتًا إلى أنه يسعى في شهر رمضان المبارك إلى أن يتفاعل أبناؤه مع فضائل الشهر بشكل أكبر، إذ إنه يذهب معهم في صلاة المغرب - ويحثهم بشكل دائم على أداء الصلوات الخمس في المسجد - ويحمل بعض الأطعمة لتوزيعها على الصائمين كمبادرة فردية منه ومن ثم يجعلهم يشاهدونه وهو يوزع هذه الأطعمة في أثناء قيامه بخدمة الصائمين مشيرًا إلى أنه يعطيهم دروسًا في العطاء والإحساس بالمحتاجين، وأنهم حين يرونه يتصرف بهذا الشكل يفعلون مثله في سعادة غامرة، ويلفت إلى أن شهر رمضان يحمل كل خير، ويجب بالفعل أن تستثمره الأسرة في بناء شخصية الأبناء بشكل إيجابي.
صدق النوايا

ويحرص فاضل المنهالي خلال شهر رمضان على أن يغرس قيمًا أصيلة لدى طفله الوحيد من خلال التصدق على الفقراء والمحتاجين ومن ثم يشرح له مفهوم الزكاة من خلال الذهاب به إلى أماكن دفع الصدقة والذكاة وفي أثناء الطريق يتحدث إليه عن هذه الفضائل، وأهمية الحرص عليها صغيرًا وكبيرًا ويبين أن الأطفال يستقبلون مثل هذه الأشياء بسعادة ويتفهمون بشكل سريع المغزى منها ، وهو ما يجعلهم يسيرون على هذه الخطى تمثلًا بالآباء بخاصة أن الشهر المبارك يحفز الجميع على أعمال البر في أرقى صورها، وأنه يستغل هذه الأيام في أن يجعل ابنه البالغ من العمر 10 سنوات صورة منه في صدق النوايا والحرص على الإتيان بكل فعل طيب.

إكرام الضيف
وتذكر خولة الحوسني أنها تدع بناتها يتعلمن منها كرم الضيافة والاهتمام بالزوار سواء الأقارب أو المحتاجين الذين يأتون في العادة إلى تناول طعام الإفطار في باحة البيت الفسيحة مشيرة إلى أن مائدة رمضان تقام في البيت منذ سنوات طويلة وهي منذورة للمساهمة في مبادرات الخير التي تتبناها الأسر بشكل عفوي دليل على الكرم الإماراتي والعادات والتقاليد التي تتوارثها الأجيال وتوضح أنها تعمل على إكساب بناتها الصغيرات العادات الحميدة وتستثمر الشهر الفضيل في ذلك وتقيم معهم حوارًا في أثناء السحور حول قيمة إكرام الضيف وكيفية القيام على خدمته سواء الأقارب أو الذين يفدون للإفطار موضحة أن شهر رمضان فرصة حقيقية لغرس الصفات الإنسانية في نفوس الأبناء وأنها تعمل على ذلك بشكل دائم.
قيم نبيلة

ويحرص حسين النعيمي على استثمار أيام الشهر المبارك في غرس قيم نبيلة في نفوس أبنائه الأربعة، خاصة صلة الرحم، مشيرًا إلى أنه يذهب معهم إلى زيارة الأقارب وزيارة والديه ويعمق صلة أولاده بالأرحام.. ويرى أنه من المهم أن تعمل كل أسرة طوال العام على إكساب الأبناء كل ما ينفعهم في حياتهم ويقوي شوكتهم في المجتمع بحيث يتم إعدادهم لأداء أدوار أساسية في الحياة، وهو على قناعه بأن شهر رمضان الذي تتدفق فيه الروحانيات يجعل الأبناء في مناخ صحي ويجعلهم في حالة شغف مستمر إلى عمل البر، لذا يستثمر هذه الحالة في غرس السلوكيات الإيجابية التي تدعم شخصياتهم بشكل مباشر.

استقبال الضيافة
وتشير فاطمة الشحي إلى أنها أتاحت الفرصة لطفلها البالغ 13 عامًا أن يقدم الدعوة لعدد من أصدقائه وأطفال الجيران كي تعوده على الكرم وكيفية استقبال الضيوف والتعامل معهم في مثل هذه المناسبة الرمضانية الكبيرة، موضحة أنها بالغت في إكرامهم وقدمت لهم الأطعمة المحببة لهم وفتحت لهم إحدى الحجرات للعب كي ينعموا بهذه اللحظة، وقد لاحظت أن طفلها شعر بالثقة بخاصة أنه أدرك أن أسرته تقدره وتحترم ضيوفه، فاكتسب قيمًا أصيلة من خلال هذه الدعوة الرمضانية.