هيئة الطرق والمواصلات في دبي

تتميز الإمارات بشبكة نقل ومواصلات متكاملة، تربط جميع المدن ، وتناسب احتياجات المجتمع كافــة، ولكن وعلى الرغم من وجود انطباعات جيدة عن النقل العام ومستوى الخدمات التي يقدمها، فإن الإقبال عليه دون طموحات الجهات المعنية ويكاد يكون مقتصرا على شرائح من العمال الوافدين، ويرى الكثيرون من مستخدميه أن هناك بعض الفجوات تمنع من اعتماده كخيار أفضل للتنقل، وحسب الهيئة الاتحادية للمواصلات البرية والبحرية، يعد المؤشر الاستراتيجي لعدد رحلات النقل الجماعي في الدولة أحد أهم المؤشرات التي تضمنتها الأجندة الوطنية 2021، وتشير الإحصائيات السنوية للهيئة الاتحادية للمواصلات البرية والبحرية إلى أن نسبة رحلات النقل الجماعي خلال الأعوام 2014- 2016، تراوحت ما بين 3.2% إلى 4.0%، علماً بان هذه النسبة ترتفع في بعض الإمارات مثل إمارتي دبي وأبوظبي إلى 10-15%.

وأظهر استطلاع للرأي طرحته “الاتحاد” على موقع “تويتر” سألت فيه عينة من مستخدمي الموقع عن أسباب انخفاض الإقبال على استخدام حافلات النقل العام بالدولة، أن 48% من المستطلعين اعتبروا أن طول فترة الرحلة السبب الرئيسي، في حين ارجعه 29% إلى الازدحام في المحطات، و23% إلى عدم وجود مظلات، واتفق عدد من مستخدمي وسائل المواصلات التقتهم “الاتحاد”على جملة من العوامل التي اعتبروها تحول دون اعتماد النقل الجماعي كأفضل خيار. وأكدوا ضرورة مراعاة أوقات الذروة وزيادة عدد الحافلات خلالها، وكذلك تكييف كل المحطات، وزيادة عدد الخطوط لإحداث انسيابية أكثر في منظومة الحافلات باعتبارها وسيلة النقل الأكثر رواجا وجاذبية في الإمارات .

وقال فارس عادل البلوشي، "استخدم حافلات النقل الجماعي يوميا من مدينة محمد بن زايد إلى أبوظبي، مشيرا إلى أن وسائل النقل العامة، شهدت تطورا كبيرا في مستوى الخدمات التي تقدمها، بحيث تناسب في اغلبها احتياجات المستخدمين، إلا أن ذلك لا يمنع من جملة من الملاحظات، تتعلق بالإزدحام داخل الحافلات التي تستخدم في خطوط النقل داخل المدن، وأيضا تأخر الرحلات؛ إذ لا يزال التقاطر بين ربع الساعة ونصف الساعة".

ونبه البلوشي إلى أن عزوف الناس عن استخدام وسائل النقل الجماعي يرتبط بعوامل عدة، منها مستوى الرفاهية داخل المجتمع، حيث الدخول عالية وبإمكان أغلب الناس اقتناء سيارة يستخدمونها في تنقلاتهم الخاصة، يضاف إلى ذلك عدم وعي الناس بأهمية استخدام هذه الوسائل والإيجابيات التي تترتب على استخدامها، حيث تقلل الازدحام في الشوارع، ما يترتب عليه تقليل الحوادث وغيرها من الإيجابيات.

واتفق فالح طالب مع الرأي السابق لافتا إلى أن الجهات المعنية أعدت خططا شاملة تشمل تسيير الرحلات وفق جداول محددة والاهتمام بالسائقين والصيانة الدورية والتفتيش والمراقبة وعوامل الأمن والسلامة لتوفير الراحة لمستخدمي الحافلات، وأنشأت مظلات بعضها مكيف نظراً لارتفاع درجات الحرارة أثناء فترة الصيف،إلا أن هذه المحطات ما تزال قليلة وبعض المواقف لا يوجد بها محطات مظللة أصلا، وهو أمر ينبغي الانتباه إليه خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير بالصيف، وأشار إلى عدم تكييف البنية التحية بما يكفي، بحيث تصبح خادمة لتوجهات الدولة، مؤكدا أن تبني نقل عام ومستدام أمر ينبغي الانتباه له، إذ من دون هذه البنية ستبقى قطاعات عريضة من المجتمع خارج إطار استخدام هذه الوسائل خاصة المرأة والطفل والفئات التي تمتلك سيارات.

وأضاف صحيح أن وعي الناس قد لا يستشعر أهمية استخدام وسائل النقل الجماعي، لا بين المدن أو في النقل داخل المدن، ولكن ذلك سيتغير عندما يستطيع هذا النقل إثبات جدارته عبر تقليل الزمن المستغرق في الرحلات وتخفيف التكاليف المادية على المستخدم وحتى أصحاب السيارات الذين سيجدون انهم يوفرون ثمن الغرامات والمخالفات، والوقود والجهد، وقال خليفة محمود المرزوقي: إن العزوف قد يكون سببه طول زمن تقاطر الحافلات وتوقف الخدمات في أوقات معينة خاصة بعد الساعة 12 ليلا، والتوقفات الكثيرة، والازدحام أحيانا، خاصة في أوقات الذروة، وهي أمور ينبغي على الجهات المعنية معالجتها وفق رؤية شاملة تمكن في النهاية من إقناع الجميع باستخدام وسائل النقل الجماعي، إلا أن ذلك لا يعني بحال إغفال جودة وتطور هذه الوسائل وتنظيمها داخليا، حيث هناك أماكن مخصصة للسيدات وعندما تمتلئ المقاعد بالركاب يقف الآخرون في الممرات وفي المنطقة الفاصلة بين الركاب.

وأكّد أحمد محسن العطاس أنّه لا يزال الإقبال على استخدام وسائل النقل الجماعي قليلا جدا خاصة الطلاب وأصحاب الدخول المتوسطة والمواطنين والعائلات مقارنة مع فئة العمال، أعتقد أن الأمر يرتبط في بعض جوانبه بالبيئة التي نأتي منها وطبيعة وعينا بأهمية هذه الوسائل لسلامة المجتمع ولمردودها الاقتصادي الكبير، إلا انه كذلك يرتبط بقدرة هذه الوسائل على توفير الجهد والوقت، ولذلك نرى إقبال الناس عليها مثلا في إمارة دبي حيث استطاعت أن تقنع المستخدم بأهميتها مقارنة مع استخدام الوسائل الخاصة، في حين ما تزال غير قادرة على ذلك في بعض مناطق الدولة الأخرى.

وأوضح العطاس أن البنية المصاحبة لهذه الوسائل ما تزال بحاجة إلى مواكبة الخدمات التي تقدمها هذه الوسائل، ومن ذلك مثلا غياب محطات الانتظار المجهزة تجهيزا كاملا، مؤكدا أن وسائل النقل الجماعي المختلفة في الإمارات تتمتع بأحدث المواصفات وأرقى الخدمات، ويقلل استخدامها الازدحام المروري والتلوث، وتحل الأزمات المرورية، وتزيد من السلامة العامة وتحمي البيئة والصحة العامة من الآثار الضارة التي تسببها الغازات الصادرة عن وسائل المواصلات، وأكد يوسف جميل سليم أن وسائل النقل الجماعي في الخطوط الداخلية استقطبت أعدادا كبيرة من الناس لرخص تكلفة التنقل، وتوافر كراسي مريحة بالحافلة، لافتا إلى أن خيار النقل الجماعي هو الخيار الأفضل، وأضاف أنّه ترتبط مدن وإمارات الدولة بشبكة متطورة من الطرق السريعة وتهتم الدولة بتوفير الراحة والاستقرار للمستخدمين أثناء تنقلهم عبر المواصلات العامة المتنوعة، وتتميز حافلات المواصلات العامة في الإمارات بأنها حديثة، ومكيفة وذات مقاعد مريحة، ويمكن لأصحاب الاحتياجات الخاصة استخدامها، كما أن بعض مواقف تلك الحافلات في أبوظبي ودبي مكيفة.

وعادة، يتم تخصيص المقاعد الأمامية في الحافلات للنساء والأطفال بما يوفر لهم الراحة والخصوصية.إلا أنها في بعض المدن ما تزال بحاجة ماسة إلى بنية مواكبة والى المزيد من حملات التوعية بأهمية استخدامها، وتواظب منى حسان ( موظفة) في شركة سياحية بدبي على استخدام المترو للوصول إلى مقر عملها، وتصفه بأنه الوسيلة الآمنة ومنطقية السعر في آن واحد مقارنة بالتاكسي رافضة استخدام الحافلة لأسباب لم تذكرها، فقط اكتفت بالقول لا أتحمل فكرة الحافلة، في المقابل، تؤكد علياء علي (موظفة تسويق) أن المترو فكرة نموذجية للتنقل عوضا عن المركبة الخاصة ولكنها ترى أن المشكلة الوحيدة في المترو هي أن خطه لا يشمل جميع المناطق القريبة مثل فستيفال وحي البادية السكني، حيث تقطن علاوة على ندرة وقلة المواقف في بعض المحطات؛ مما يجبرها أحيانا على الخروج بسيارتها مجددا من الموقف الممتلئ، مطالبة أيضا بتوفير محطة لمطار دبي (مبنى رقم 2) إذ يوجد محطة تخدم مطار مبنى رقم 1.

واعترضت مليكة بوراشد (موظفة شؤون إدارية) على استخدام بعض الرجال لعربات النساء والأطفال نتيجة تزايد مستخدمي المترو في ظل الإقبال الهائل على المترو من قبل جميع الجنسيات، - وليس فقط الآسيويين كما يظن البعض- فالمترو خيار للجميع ولكن نأمل زيادة عدد العربات ومنع الرجال من استخدام عربات النساء قطعيا، ويقول عادل محمد حسين (مهندس مدني) إنه مقيم في الدولة منذ 15 عاما ولم يستخدم في حياته الحافلة مطلقا، لكنه بدأ منذ نحو عامين استخدام المترو بانتظام، وأشار إلى أن المترو فكرة عبقرية نفذتها دبي ونجحت، ونأمل ألا تقف عند هذا الحد وأن يغطي كل مناطق دبي، بحيث تكون الملاذ الأفضل للجميع، ولكن لابد من إيجاد طريقة لزيادة سرعته، حيث إن المترو بطيء جدا مقارنة بأنظمة المترو الموجودة خارج الدولة، أما دينيس رودنيكسي، (مطور صفحات الإنترنت)، فيستغرب عدم الإقبال على(المواصلات العامة) ويقول إنه لا يستخدم سيارته إلا في الإجازة، ويذهب يوميا إلى عمله بوساطة الحافلة والمترو، حيث يستخدم في المرحلة الأولى الحافلة، ثم ينزل عند أول محطة مترو ليكمل مسيرته لمقر عمله، ويتابع: الأمر ممتع وليس مخجلا ولكنه متعب قليلا حيث اضطر للانتظار والمشي أيضا والمحطة غير مكيفة.

وتؤكد رحاب مصطفى أنها لا تقوم بتوصل طفليها بسيارتها وتفضل استخدام الحافلة المدرسية، آملة وضع قرار يلزم أولياء الأمور باستخدام الحافلة المدرسية، على أن تكون الحافلة مزودة بكاميرات مراقبة مربوطة بغرفة تحكم وأيضا وجود مشرفة في كل حافلة وسائق مؤهل، وقال محمد قرشي (زائر من مصر) إنّه استخدمت الحافلة ووجدت أنها فكرة رائعة ولكن ليس أشد روعة من المترو، من حيث النظام والترتيب وعدم الحاجة للوقوف في الشمس. وأضاف: اضطر يوميا للتحرك من سكني حيث أقدم طلبات توظيف وأخضع لمقابلات في بعض الشركات الباحثة عن موظفين لذا الجأ إلى الحافلة والمترو حسب المنطقة، ففي الشارقة استخدم الحافلات لغياب نظام المترو وفي دبي أفضل المترو، أما أماني صالح (أم لثلاثة أبناء بالشارقة ) فتقول: لم أجرب مطلقا استخدام النقل العام ولا ادري هل بسبب حاجز نفسي أم خوف على أولادي حيث لن أتمكن من السيطرة عليهم جميعا في الحافلة وجميعهم دون السابعة لذا أستخدم التاكسي للضرورة، أو أطلب من شقيقتي أو شقيقي إيصالي في حال غياب زوجي.

وكشفت إيمان مولاي (موظفة) أنّها "لست ضد الحافلة ولكني لم ارتح بها فقد جربتها مرة واحدة، وأفضل استخدام المترو والترام والتاكسي للوصول لمبتغاي بسرعة ولكني لا أحبذ الحافلة ربما لقلة تواجد النساء فيها"، كما يفضل يوسف عازر أيضا المترو والترام عن الحافلات باعتبار الأخيرة تعاني من الازدحام ولا يوجد لها مسارات خاصة في ظل تزايد أعداد مستخدمي المركبات الخاصة في الشوارع، وبيّن محمد سعيد (من مصر) أنّه "استخدم خلال وجودي منذ نحو شهر المترو في تنقلاتي وأحيانا اضطر لاستخدام الحافلة ولكن المترو أكثر نظاما وترتيبا وسرعة لأن الطرق مغلقة بالكامل في ساعات الصباح حين يكون لدي مقابلة عمل".

وحرصت الدائرة على استخدام الموارد المتاحة لتوسعة نطاق التغطية الجغرافية لشبكة النقل بالحافلات، وتطوير خدمة الحافلات بشكل عام، من خلال رؤية تهدف إلى توفير نظام للنقل يتسم بالفعالية، وتحسين الإسراع بعجلة النمو الاقتصادي، ونوعية الحياة، واستدامة موارد البيئة في الإمارة، وأخذت في الاعتبار أثناء وضع الخطة الشاملة ودمجها في منهج استراتيجية الخطة الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الفريدة والقضايا الاقتصادية، ونقلت وسائل االمواصلات العامة في دبي خلال النصف الأول من عام 2017 وفقا للأرقام الصادرة من قسم الإحصاء في هيئة النقل الجماعي بهيئة الطرق والمواصلات في دبي، 275 مليوناً و772 ألف راكب، مقارنة بنحو 273 مليوناً و452 ألفاً و791 راكباً في الفترة ذاتها من العام المنصرم، وبلغ المتوسط اليومي لعدد مستخدمي وسائل النقل الجماعي في النصف الأول من العام الجاري قرابة مليون و507 آلاف راكب.

وتضم المنظومة المتكاملة لوسائل النقل الجماعي في دبي مترو دبي وترام دبي وحافلات المواصلات العامة، ووسائل النقل البحري (العبرات والفيري والتاكسي المائي والباص المائي)، إضافة إلى مركبات الأجرة (تاكسي دبي وشركات الامتياز)، وباتت تشكل عنصراً رئيساً في حركة تنقل السكان في مختلف مناطق إمارة دبي، واستحوذ مترو دبي على النسبة الكبرى لعدد مستخدمي وسائل النقل الجماعي بمعدل 36.4، وجاءت مركبات الأجرة ثانياً بنسبة 31.7%، وحلت حافلات المواصلات العامة ثالثاً بنسبة 28%، حيث نقل مترو دبي بخطية الأحمر والأخضر، في النصف الأول من العام الجاري 100 مليون و558 ألف راكب، مقارنة بنحو 96 مليوناً و486 ألف راكب. أما عدد مستخدمي حافلات المواصلات العامة في النصف الأول من العام الجاري فبلغ 77 مليوناً و695 ألف راكب، مقارنة بنحو 69 مليوناً و922 ألف راكب في نفس الفترة من العام الماضي، فيما بلغ إجمالي عدد مستخدمي وسائل النقل البحري التي تشمل العبرات والباص المائي والتاكسي المائي وفيري دبي ستة ملايين و638 ألف راكب، أما مركبات الأجرة في دبي التي تشمل (تاكسي دبي وهلا تاكسي وشركات الامتياز) فنقلت في النصف الأول من العام الجاري 87 مليوناً و792 ألف راكب، مقارنة بنحو 85 مليوناً و196 ألف راكب تم نقلهم بمركبات الأجرة في الفترة ذاتها من عام 2016.

وذكرت دائرة النقل في أبوظبي أن أبرز ما يميز خدمة الحافلات داخل الإمارة، فضلا عما تقدمه من عرض لأسعار تناسب الجميع، هو إعفاء ركابها من المسنين والذين تزيد أعمارهم عن الـ 60 عاما وذوي الاحتياجات الخاصة من دفع الأجرة، ويمكنهم توجيه طلب عبر الإنترنت للحصول على بطاقة الركوب المجانية التي يمكن استلامها من محطة أبوظبي المركزية للحافلات، وتعرف ببطاقة “رعاية” التي تخول حامليها استخدام جميع خدمات الحافلات العامة في إمارة أبوظبي وبشكل غير محدود مع الإشارة إلى أن كافة بطاقات الأجرة بفئاتها المختلفة تخضع لشروط وأحكام الاستخدام القانونية.

وأعلن مكتب النقل بالحافلات بدائرة النقل في أبوظبي، نقل ما يقارب ثلاثة وأربعين مليون رحلة راكب حتى نهاية شهر أكتوبر لعام 2017، في إطار سعي الدائرة، لإنشاء شبكة نقل ومواصلات متكاملة للحافلات، تربط أنحاء الإمارة وتناسب كل احتياجات شرائح المجتمع، وتستجيب لمتطلبات النمو السكاني والنهضة العمرانية التي تشهدها الإمارة.