منظمة الصحة العالمية

أوصت منظمة الصحة العالمية، في ختام الاجتماع التنسيقي لحملات التطعيم ضد شلل الأطفال في أفغانستان وباكستان، الذي استضافته أبوظبي، بضرورة التعرّف على مجموعات السكان التي تنتقل بين البلدين، عبر الحدود التي تمتد لأكثر من 2400 كيلومتر، وأعلنت المنظمة أنها تستهدف تطعيم نحو 40 مليون طفل في البلدين خلال العام الجاري.

 وعُقد الاجتماع تنفيذًا لتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومتابعة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، لدعم الأعمال الإنسانية لتعزيز الصحة العالمية، وفي إطار التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بالنهج والمبادئ الإنسانية لمساعدة الشعوب المحتاجة والفقيرة وتطوير برامج التنمية البشرية، والاهتمام بسلامة صحة الإنسان وفئة الأطفال المحتاجين للرعاية الصحية الوقائية في مختلف دول العالم.

 ويأتي تنظيم الاجتماع في إطار مبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لاستئصال مرض شلل الأطفال في العالم، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ويعتبر جزءًا مكملًا للجهود الميدانية التي تقدمها المبادرة في باكستان وأفغانستان من خلال تقديم مئات الملايين من اللقاحات للأطفال خلال السنوات الماضية والمقبلة.

 أهم التوصيات
وقال كريستوفر ماهر، مدير برنامج منظمة الصحة العالمية للقضاء على شلل الأطفال في منطقة شرق المتوسط: “إن أهم التوصيات خلال الاجتماع، الذي جمع فرق تنفيذ حملات التطعيم من شلل الأطفال، تلخصت في ضرورة تحديد المناطق التي ينتقل منها السكان بين أفغانستان وباكستان، وخاصة في المناطق الحدودية بين البلدين”، مُقدّرًا عدد الأطفال المستهدف تطعيمهم في كل بلد من البلدين بما يتراوح بين 15-20 مليون طفل، وكشف أنه منذ بداية العام الجاري تم تنفيذ ثلاث حملات للتطعيم ضد شلل الأطفال في يناير/كانون الثاتي وفبراير/شباط ومارس/آذار، وأن هذه الحملات ستستمر شهريًا بواقع سبع حملات، بدءًا من أبريل/نيسان حتى نوفمبر/تشرين الثاني، باستثناء شهر رمضان والأعياد، وذلك لضمان استمرار الحملات بالشكل المطلوب، وتحقيقًا للهدف منها، مشيرًا إلى أن إحدى التوصيات هي الاستمرار في التنسيق والعمل حتى تصل التطعيمات لكل الأطفال في أفغانستان وباكستان.

 مجتمعات الجبال
وأشار إلى أن التوصيات شملت ضرورة الوصول إلى المجتمعات التي يصعب الوصول إليها مثل التي تعيش في المناطق الجبلية والنائية، وذلك بهدف عدم انتشار العدوى لمرض شلل الأطفال، لافتًا إلى أهمية الاجتماع الذي يسهم في وضع أساس قوي للتفاهم وتبادل المعلومات بين فرق الحملات في الدولتين، والتعرف على التحديات وتخطيها، للوصول إلى هدف صفر إصابات من مرض شلل الأطفال، كما أضاف أن ممثلي البرنامجين من أفغانستان وباكستان ناقشوا في اليوم الثاني من الاجتماع أهمية الوصول إلى المجتمعات السكانية في المناطق الحدودية بين البلدين لتطعيم الأطفال هناك في هذه المناطق، علاوة على أنه خلال 30 عاما مضت عبرت أعداد هائلة بين البلدين، وبالتالي تخلف البعض عن تطعيم أطفالهم، الأمر الذي أبقى وجود المرض في أفغانستان وباكستان، حيث إن المرض لا يوجد في أي منطقة في العالم بها مرض شلل الأطفال إلا بهذين البلدين.

فرق ميدانية
وأوضح أن الجهود المبذولة خلال حملات التطعيم كبيرة للغاية، حيث تزور فرق التطعيم كل بيت وكل أسرة وتتحدث معهم عن تطعيم أبنائهم وتوفر التطعيمات للأطفال، وبالتالي فإن هذه الجهود كبيرة للغاية، وتستغرق أوقاتًا طويلة وسنوات وعقودًا من أجل القضاء على المرض، مشيدًا بهذه الجهود المبذولة من أجل التعرف على التحديات التي تواجه الفرق والعمل على حلها، وعلى رأسها، انتقال السكان بين المناطق الحدودية في البلدين.

 وعن الوصول إلى القضاء على شلل الأطفال، قال ماهر“إن تحقيق صفر إصابات من شلل الأطفال سيكون إنجازًا لي على الصعيد الشخصي والمهني، وكذلك إنجازًا عالميًا، حيث إنني لأكثر من 25 عامًا أعمل في هذا المجال، ولم يبق وجود لشلل الأطفال إلى الآن إلا في أفغانستان وباكستان، وهذا ما نسعى لتحقيقه، وهو القضاء عليه نهائيًا”.
 
إنجاز حقيقي
وتابع “أعتقد أن ما تنجزه وتحققه الحملات في البلدين إنجاز، وتعد أخبارًا جيدة في عالم يكتظ بالأخبار السلبية كل يوم، إلا أن ما تحققه الفرق المعنية بحملات التطعيم ضد شلل الأطفال يعد إنجازًا حقيقيًا على مدار ثلاثة عقود مضت، ويتجسد الآن في الاقتراب من القضاء على المرض، مشيدًا بالدور الإماراتي البارز في دعم الحملات التي تعمل على القضاء على شلل الأطفال، حيث تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة دعمها لاستمرار هذه الحملات التي وجدنا فيها الإمارات حاضرة في مختلف أنحاء العالم، خاصة في باكستان التي توفر الإمارات دعمًا كبيرًا لها لتوفير التطعيمات في المناطق التي يصعب الوصول إليها.
 
مناقشات ختامية
وناقش الاجتماع في اليوم الختامي خطة العمل في كل من أفغانستان وباكستان خلال العام الجاري، حيث تم التخطيط لعمل تسع حملات على مدار العام بين شهري يناير ونوفمبر، ويتم التوقف بشكل مؤقت خلال شهور سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول وشهر رمضان الذي يتزامن مع شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران، كما ناقشت اللجنة خطط مراقبة نقاط الحدود والعبور الحدودية بين البلدين والتأكد من تنفيذ الإجراءات السليمة التي تمنع انتقال الفيروس من خلال النازحين واللاجئين. وشمل الاجتماع تشكيل لجان مختصة من خلال ثلاث مجموعات هي: مجموعة الفرق الشرقية والجنوبية الشرقية، ومجموعة الفرق الأفغانية الجنوبية وفرق منطقة بلوشستان، ومجموعة فرق الاتصالات الدولية، تعمل جميعها على إعداد وتنسيق الخطط السنوية لحملات التطعيم على المستوى الاستراتيجي، مع وضع أولوية خاصة لمتابعة وإكمال تطعيم أبناء اللاجئين الأفغان العائدين من باكستان لبلدهم.

 الأكثر خطورة
من جانبه، قال الدكتور مايواند أحمدزي، مدير البرنامج الوطني لمكافحة مرض شلل الأطفال في أفغانستان ”إن أفغانستان تعتبر حاليًا من أكثر الأماكن خطورة على وجه الأرض، ولا تزال أفغانستان وباكستان تعلنان دون بقية الدول عن اكتشاف مزيد من الحالات فيما يخص مرض شلل الأطفال، وهو الأمر الذي يشكل تحديًا خاصًا للدولتين في القضاء على هذا المرض”. وأضاف ”وتكمن الصعوبة في أن هناك شائعات أن الدول الغربية تسعى لنشر الأمراض بين شعب أفغانستان انتقامًا من أسامة بن لادن”، موضحًا أنه تم رصد 50 موقعًا في أفغانستان من أصل 399 تم تصنيفها على أنها مواقع خطرة ليتم العمل فيها بشكل أكبر وأدق تمثل خطورتها في انعدام الأمن والكثافة السكانية المتجولة بين أفغانستان وباكستان.