حكومة مهدي جمعة تستعد لآداء القسم واليمين الدستوريّة

فازت الحكومة التونسيّة الجديدة برئاسة مهدي جمعة، بثقة نوّاب المجلس الوطنيّ التأسيسيّ، الأربعاء، بغالبية 146 صوتًا وتحفّظ 24 ومعارضة 20 نائبًا، بعد نقاشات حادّة ومُساءلة مُطوّلة للحكومة، استمرّت لأكثر من 20 ساعة من قِبل النوّاب. وتستعد حكومة مهدي جمعة، لآداء القسم واليمين الدستوريّة أمام رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي، في قصر الرئاسة في قرطاج، تليها مراسم لتسليم السلطة بين حكومة علي العريض المستقيلة والحكومة الجديدة، ظهر الأربعاء.
واستطاعت الحكومة التونسيّة الجديدة، التي تتكوّن من 21 وزيرًا مستقلاً (تكنوقراط) برئاسة وزير الصناعة الأسبق مهدي جمعة، نيل ثق نواب البرلمان بغالبية مريحة تمثّلت في 146 صوتًا من أصل 216، رغم أنها لا تحتاج سوى لـ109 من الأصوات، إلا أنها لم تسلم من النقد اللاذع، الذي بلغ حد التشكيك في نزاهة أعضائها، وهو ما جعل رئيس الحكومة يتعهّد لنواب الشعب بمزيد من التحري في التشكيلة الوزارية التي قدّمها بعد نيل الثقة، وبإدخال تعديلات عليها في حال ثبت عدم استجابة أحد الوزراء لمعايير الاستقلالية والكفاءة ونظافة اليد.
وقد وجّه نوّاب المجلس التأسيسيّ، سهام النقد الحادّة إلى وزيرة السياحة الجديدة آمال كربول، بعد أن ثبتت زيارتها إلى الكيان الصهيونيّ وتحديدًا العاصمة تل أبيب في العام 2006، وهو ما دفع رئيس الحكومة مهدي جمعة إلى الاجتماع بها في قاعة مغلقة لاستجوابها، أكد على إثره أنّها زارت الكيان الصهيونيّ في إطار بعثة أمميّة لتدريب شباب فلسطينيّين، وأنّها نزلت في مطار تل أبيب وتعرّضت للاستجواب والمعاملة السّيئة هناك، ولم تواصل مهمّة التّدريب نظرًا لسوء معاملتها باعتبارها "عربية ومسلمة وتحمل الجنسية التونسية".
وواجه وزراء الشؤون الدينية والتجارة والداخلية والنقل والعدل والتربية، تُهمًا تراوحت بين التشكيك في الكفاءة، وبين الإنتماء والولاء إلى منظومة الرئيس السابق زين العابدين بن علي، حيث قال مقرّر لجنة المال في المجلس الوطنيّ التأسيسيّ معز بالحاج رحومة، خلال تقديم الفريق الحكومي الجديد، إنّ المرشّحة على رأس وزارة التجارة نجلاء معلى، ليس لها علاقة بالتجارة، وأنّ سيرتها الذاتية تقتصر على عملها في مؤسسة "بنك تونس العربيّ الدوليّ"، والتي تعود إلى والدها، في إشارة إلى المرشح الأسبق لرئاسة الحكومة التونسيّة منصور معلى، فيما اعتبر آخرون منح ابنته حقيبة التجارة محاولة لترضية بعض الأطراف السياسيّة.
وتباينت مواقف الكتل النيابية داخل المجلس التأسيسي بشأن حكومة مهدي، إلا أن غالبية الآراء صبّت في اتجاه التشكيك في قدرتها على الوفاء للثورة والالتزام بتعهداتها، حيث اعتبر النائب هشام حسني، أن حكومة مهدي جمعة موالية لبن علي، منتقدًا تعيين وزير العدل الجديد الذي أكد أنه كان مستشارًا في فريق الرئيس المخلوع، وتعامل بشكل مباشر معه، فيما اتهمته قيادات "الجبهة الشعبية" بـ"ضرب سلك المحاماة في العهد السابق، وعرقلة مؤتمر الرابطة التونسية لحقوق الإنسان" آنذاك.
وقد ظهر الارتباك والتشكيك على ملامح التركيبة الوزارية لمهدي جمعة، الذي قال إنه حاول أن يجمع فريقا حكوميّا جيّدا لمجابهة الصّعوبات التّي تنتظرهم، وأنّه في حالة ثبوت شُبهات على وزرائه، فإنّه سيتخّذ الإجراءات اللازمة، بما فيها التّعديل الوزاري.
وستكون حكومة مهدي جمعة تحت مجهر المساءلة والمراقبة الشديدة، خصوصًا من قبل نوّاب المجلس الوطنيّ التأسيسيّ، الذي منحوها الثقة على مضض، وحفاظًا على سلامة المسار الانتقاليّ من انتكاسة جديدة، رغم التحفّظ على غالبية تشكيلتها ووزرائها.
وأكّدت مصادر من قصر الرئاسة التونسيّ، لـ"العرب اليوم"، أن حكومة مهدي جمعة ستؤدي القسم واليمين الدستورية أمام الرئيس المرزوقي، في قصر قرطاج، تليها مراسم لتسليم السلطة بين حكومة علي العريض المُستقيلة وحكومة مهدي حمعة، ظهر الأربعاء.