الشيخ محمد بن راشد يؤكد أن "ساروق الحديد" ذاكرة التاريخ ومرجع الباحثين

دشن نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مساء الأحد، بحضور ولي عهده، الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، متحف ساروق الحديد في منطقة الشندغة في بر دبي، الذي يضم آلاف القطع الذهبية والبرونزية والحديدية المكتشفة في الموقع الأثري "ساروق الحديد"، في صحراء الربع الخالي الكبرى إلى الجنوب من إمارة دبي، إلى جانب بقايا حيوانات وأسماك وجرار فخارية.

وشاهد والحضور، داخل حجرة مظلمة عرضاً يحكي قصة اكتشاف هذا الموقع التاريخي، من قبل  الشيخ محمد بن راشد، أثناء تحليقه على متن طائرة مروحية فوق المنطقة، وشاهد كثباناً رملية بألوان مختلفة عن محيطها الصحراوي، ما تبادر إلى ذهن سموّه على الفور، أن هناك شيئاً تخفيه هذه الكثبان الداكنة، وقرر أن يعود إلى المنطقة، وكان ذلك في عام 2002، 

مصطحباً نخبة من علماء الآثار العالميين والمحليين الذين أكدوا له أنها منطقة أثرية تاريخية، وكانت تعيش فيها قبائل عربية قبل 5 آلاف عام، وتبيّن في العرض، ما يحتويه الموقع من بقايا حيوانات مستأنسة، كالإبل والغزلان، فضلاً عن الأفاعي، إلى جانب قطع برونزية وذهبية وحديدية وأوان فخارية، كان قاطنو المنطقة يستخدمونها في العصرين الحجري والبرونزي، يعود تاريخها إلى ثلاثة آلاف عام، ما يعكس أهمية إمارة دبي، ودورها التاريخي والريادي، منذ تلك الفترة، في الربط بين الحضارات القديمة حتى يومنا الحاضر.

 الشيخ محمد بن راشد، شاهد عددا من مكتشفات "ساروق الحديد" الذي تشرف على عمليات التنقيب فيه بلدية دبي، وحرصت لحفظ هذا الإرث والتاريخ، على افتتاح متحف للاحتفاظ بهذه المكتشفات التاريخية في بيت الشيخ جمعة بن مكتوم آل مكتوم، في منطقة الشندغة، لتبقى شاهدا على حضارة شعبنا وتاريخه المتجذر في رحم أرضنا الطيبة التي لا تموت.

ومن مقتنيات المتحف التي شاهدها سموّه ومرافقوه، أكثر من عشرة آلاف قطعة ما بين سيوف وخناجر وحلي ذهبية وبرونزية وبقايا حيوانات وأسماك، كان السكان في المنطقة يصطادونها من السواحل المحيطة بأرض الجزيرة العربية، ويحضرونها إلى الموقع، كي يتغذوا عليها. وهناك المزيد من المكتشفات والكنوز التاريخية التي يتم التنقيب عنها بواسطة علماء متخصصين، خاصة بعد اكتشاف ثلاثة آلاف قطعة تضاف إلى العشرة آلاف الأولى التي يجري حاليا تنظيفها وترميمها وتسجيلها، تمهيدا لضمها إلى مقتنيات المتحف. وتقدم هذه القطع حسب الشرح الذي قدمه المهندس حسين لوتاه، المدير العام لبلدية دبي، أمام  نائب رئيس الدولة، وولي عهد دبي، والحضور، أدلة علمية غاية في الأهمية عن الصناعات المعدنية في شبه الجزيرة العربية التي كانت منتشرة فيها خلال العصر الحديدي.

وخلال جولته في أقسام المتحف وغرفه، شاهد  الشيخ محمد بن راشد، عرضاً آخر عن أسرار الموقع الغامض، والمفعم بالأسرار، حيث في الوهلة الأولى يبدو مكانه غير مشجع، فـ"ساروق الحديد" بعيد عن البحر وعن جبال الحجر الغنية بالرسوبيات النحاسية؛ والسؤال هنا: لماذا اختار سكان العصر الحديدي هذا المكان؟ لم يعرف الجواب بعد، لكن من الواضح أنه كانت هناك محفزات جذبتهم إلى الموقع والسر الآخر الذي يحتاج إلى اكتشاف هو أن لا دليل واضحا على وجود قرية أو مدينة في الموقع لذا لا يمكن الجزم بأن الناس عاشوا فيه بشكل دائم، لكن تتوافر أدلة كثيرة بأن هناك تصنيعا وصناعة للقطع المعدنية في هذا المكان.

ومن أسرار الموقع التي تضمنها العرض - ماذا كان يصنع هناك؟ الجواب: تصنع فيه قطع معدنية متقنة واكتشف الكثير من القطع البرونزية والحديدية، إلا أن الحرفيين في الموقع كانوا يعملون في صناعة الحلي الذهبية التي على الأغلب كانت تصنع للاستخدام المحلي أو للتجارة مع المناطق الأخرى.
وتشير الأبحاث إلى أن بيئة "ساروق الحديد" كانت على الأرجح مختلفة في العصور الحجرية، وربما كان الموقع ينعم بالماء والشجر ومراعي الماشية والحيوانات البرية. وبالنسبة لسكان الموقع فربما يكونون هم اللغز الأكبر على الإطلاق، حيث يمكن الاستدلال عليهم من القطع التي استخدموها، ويشير بعضها إلى معتقداتهم، حيث إن هناك رسوماً محفورة على الأدوات والأواني المستخدمة لديهم.