الإقبال على المنصّات العربية لتعليم الموسيقى

رغم أجواء العزلة التي يعيشها ملايين السكان بالعالم العربي حاليًا، وما ترتب عليها من توقف الأنشطة الفنية والثقافية على أرض الواقع، فإن صوت الموسيقى وجد سبيله، وبات يصدح في منازل الطلاب والأساتذة عبر دروس تعليمية وجلسات تدريب افتراضية اجتذبت فئات جديدة من محبي وعشاق الموسيقى بمختلف أنواعها، في مصر وبعض الدول العربية، في الوقت الذي اتجهت فيه أيضا العديد من الكُلّيات الفنية إلى تدريس مناهجها الرسمية عبر شبكة الإنترنت.

ومن بين المراكز الموسيقية المصرية التي حولت دروس الموسيقى "أونلاين"، استديو "ميوزيك زوم" بحي مصر الجديدة، ومركز "فنون" بمدينة نصر (شرق القاهرة)، ومركز "سوناتا" بالمعادي (جنوب القاهرة).ولتقليل الفجوة بين تعلم دروس الموسيقى افتراضيًا، والنمط التقليدي المتوقف حاليًا، أصبح توظيف الكاميرا بشكل صحيح لنقل كل التفاصيل العملية أمرا مهما لحل هذه الإشكالية، وفق مدرسة الموسيقى المصرية، مي رشدي، التي تقول لـ"الشرق الأوسط": "خلال دروس تعليم الآلات الوترية والآلات التي يتم فيها استخدام اليدين في العزف يجب أن تركز الكاميرا على اليدين وحركتهما على الآلة خلال الدرس، وفي حالة آلات النفخ يتم التركيز على الفم وحركته مع الآلة".

وساهم نقل دروس الموسيقى إلى الفضاء الإلكتروني في إعادة اكتشاف آليات مختلفة تتناسب مع طريقة التدريس والعزف عبر "الفيديو"، بجانب التغلب على صعوبات الدروس الجماعية التي يتباين بها مستوى الطلاب المشاركين، وفق رشدي التي تعدد مزايا الدروس الموسيقية الافتراضية، قائلة: "بجانب الدروس الجماعية عبر التواصل بالفيديو أخصص حصصًا لكل تلميذ على حدة لتجنب التباين في المستوى الفني، كما أن النوتة الموسيقية الخاصة بالقطعة التي يتم التدرب عليها تكون أوضح كثيرًا لأنها تكون موضوعة على شاشة الكومبيوتر بحجم كبير، كما أن استقبال أسئلة التلاميذ والإجابة عنها يكون أسهل وأكثر سرعة، هذا بالإضافة إلى إمكانية احتفاظ الطلاب بفيديو الدرس للرجوع إليه في أي وقت".

وتماشيا مع الواقع الجديد الذي فرضه "كورونا"، اتجهت الكليات والمعاهد الفنية والموسيقية في مصر إلى تدريس مناهجها الرسمية "أون لاين" بما في ذلك التدريب العملي. كما شهدت المراكز الفنية والمنصات العربية التي تقدم خدمة تعلم الموسيقى "أون لاين" إقبالًا لافتًا منذ تفاقم أزمة وباء "كورونا".ومن بين المنصات العربية الرائدة في هذا المجال "اعزف دوت كوم"، في العاصمة الأردنية عمان. وهي أشبه بتجمع موسيقي عربي في الفضاء الإلكتروني يجمع عشاق الموسيقى العربية من دول عربية عدة، سواء في دولهم أو في المهجر.

وتتعاون "اعزف دوت كوم" مع مدرسي الموسيقى من فناني ومعلمي الموسيقى الناشطين في الساحة العربية والعالمية. حيث يقوم فريق "اعزف" بتصوير وإنتاج حلقات الفيديو التعليمية التي يقدمها المعلمون عبر كاميرات عالية الجودة لتصوير زوايا متعددة بحسب الآلة الموسيقية، ومن ثم تقسيم الشاشة لتوضيح حركات الأصابع على الآلات المختلفة وإضافة المساعدات البصرية التي تجعل قراءة النوتة الموسيقية سهلة. طارق أبو كويك، الشهير بـ"الفرعي" مغني الراب الفلسطيني الأردني، مدير التسويق بمنصة "اعزف دوت كوم"، يقول لـ"الشرق الأوسط" إن "عدد المشتركين الجدد في المنصة الراغبين في تعلم آلات موسيقية مختلفة تضاعف منذ بدء أزمة كورونا بنسبة 250 في المائة"، مشيرًا إلى أن "المنصة لديها طلاب موسيقى ينتمون إلى أكثر من 80 دولة حول العالم، من بينها المملكة العربية السعودية والأردن ومصر والولايات المتحدة الأميركية وألمانيا"، وتعد آلة العود من أكثر الآلات الموسيقية التي تشهد إقبالًا على تعلمها وفق أبو كويك.

مينا روماني، طالب عمره 18 عامًا، يعزف على آلة الناي منذ نحو عامين، واتجه مؤخرًا إلى تعلم العزف على الكمان أيضًا استثمارًا لوقت الفراغ في المنزل، حيث يقضي وقتًا طويلًا في التدريب وحده، إضافة إلى التدرب مع أصدقائه عبر الإنترنت.ويقول روماني  إن "العزف مع الأصدقاء عبر (الفيديو) مفيد جدًا، ويعد جزءا من التدرب الدائم الذي يجب أن أحرص عليه يوميًا للحفاظ على لياقتي الفنية".

قد يهمك ايضا:

الموت يغيّب المفكّر السوداني منصور خالد عن عمر 89 عامًا

فنانو "أوبرا باريس" و"الكوميدي فرانسيز" يغنون ويمثلون من بيوتهم