الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم

سيكون عشاق القصيدة النبطية، على موعد مختلف مع ألق المنافسة من جهة، وعمق الإبداع من جهة أخرى، اعتبارًا من الجولة المقبلة، التي من المقرر أن تشهد منافسة بين أصحاب أفضل مشاركات في مسابقتي "الشطر" و"نبض الصورة"، اللتين تشكلان جوهر برنامج "البيت" الشعري، الذي سبق أن تلقى دعمًا كبيرًا بزيارة الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، لموقع إنتاجه، بمدينة دبي للاستوديوهات، في مستهل انطلاقة دورته الأولى.

"البيت"، الذي يقوم بإنتاجه مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، ووصل الآن إلى واحدة من أكثر مراحله ألقًا، يستعد لإسدال بساط مخملي متجدد لأوائل الفائزين في جولاته الست الماضية، في مسابقتيه المختلفتين، وهو ما جعل سهرة أول من أمس، التي امتدت إلى قرب منتصف ليلة أمس، ورصدت وقائع تصويرها من خلف الكاميرات "الإمارات اليوم"، بمثابة الفرصة الأخيرة لحجز أولى بطاقات العبور إلى المرحلة الختامية.

وجاء الشطر الشعري المختار كي يكون محور مسابقة الشطر، وهو"ما ترد العين شخص طيحته الدمعة"، ليكون محور العشرات من الأشطر المتنافسة، ما بين الشاشتين الذهبية والفضية ضمن آلاف المشاركات التي وردت للجنة الفرز والتقييم، وهي اللجنة التي تتضمن مجموعة من شعراء الإمارات والخليج العربي، قبل أن يرحلوها للجنة التحكيم على الهواء مباشرة، وفق آلية يشرف عليها الشاعر، ماجد عبدالرحمن البستكي، حيث جاء الشطر الفائز في هذه الحلقة كم حبست الدمعة اللي في طرفها غالي".

الوصول إلى هذه المرحلة من البرنامج حسب الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، عبدالله حمدان بن دلموك، يعني "تأكيدًا لنجاحات البرنامج مع استمرارية دورته الثالثة بتجدد، خصوصًا على الصعيدين التقني والإنتاجي، مؤكدًا أن كل مرحلة من مراحل البيت لا تخلو من إيجابيات عديدة، بعضها نفاجأ به في المنتج النهائي على الأرض، في مقابل وجود سلبيات ما بالضرورة، نسعى إلى تقليصها".

وربط بن دلموك في تصريحه لـ"الإمارات اليوم" بين المحتوى الشعري عمومًا، بما في ذلك الشعر النبطي، والهوية الوطنية، مؤكدًا أن "للشعر في اللغة العربية تأثيرًا كبيرًا، لأن الصفات التي تمتاز بها لا توجد في أي لغة أخرى، وهذا ما سعينا إلى إبرازه في هذا البرنامج".

وأشار بن دلموك إلى أن الدافع الأساسي الكامن وراء الإبداع الشعري، يكمن دومًا في طبيعة العلاقات الإنسانية في الثقافة والوجدان العربيين، لذا فسحنا المجال أمام تأثير الكلمة في بعدنا الإنساني، لاسيما أن ترابط أفراد المجتمع يولد هذه المشاعر الوجدانية، كما لوحظ في الحلقات السابقة".

وأعرب مدير الاتصال والإعلام في مكتب سمو ولي عهد دبي، الذي يتولى الإشراف العام على برنامج "البيت"، عن الكثير من علامات الرضا عما وصل إليه البرنامج في هذه المرحلة، التي يقف فيها على أعتاب أولى الجولتين المؤهلتين لحلقة الختام، والوصول إلى لقب شاعر "البيت" في كلتا المسابقتين.

وأشار البستكي إلى أن "حالة الرضا هذه متكئة على الصدى الواسع والإيجابي للبرنامج، وفق مؤشرات محددة، منها الاهتمام الملموس لعشاق ومبدعي النبطي بالمشاركة المتواترة في البرنامج، والرصد الإيجابي لوسائل الإعلام المحلية والخليجية والعربية لتفاصيل البرنامج، فضلًا عن انعكاس ذلك في المنتديات الأدبية المتخصصة في القصيدة النبطية، وتحريض المسابقتين للكثيرين الذين يمتلكون موهبة نظم النبطي على المشاركة".

وأكد البستكي توقعه أن "القادم لايزال أجمل، في ما يتعلق بالمحتوى الشعري، والشكل التنظيمي للبرنامج، لاسيما أن الجميع بما فيهم من لجان التحكيم والفرز، وكذلك المشاركون، قد استوعبوا بشكل كامل التطورات الثرية التي طرأت على البرنامج هذا العام".

وجاءت سهرة "البيت" الأخيرة في المرحلة الأولى، الليلة الماضية بمثابة إبحار في تفاصيل العديد من الإبداعات النبطية، بتحريض من شطر التحدي "ما ترد العين شخص طيحته الدمعة". وعلى الرغم من إطلاقه قبل خمس ساعات تقريبًا من موعد بث الحلقة، تهافت الشعراء على إكماله بعجز يثري معناه، ويوضح ما خفي من مكنوناته بقوالب شعرية تنوعت بتنوع خيال كل شعر وذائقته الفنية، وتجربته الحياتية.

وخصص البرنامج ثلاث جولات أساسية ليعرض في كل واحدة منها 12 عجزًا على الشاشة الفضية، ومن ثم قيام اللجنة المكونة من كل من محمد المر، ومبارك الخليفة، ونايف الرشيدي، ومدغم أبوشيبة، بترحيل أربعة إلى الشاشة الفضية. وبناء على قرار لجنة التحكيم، فقد قررت على غير عادتها ترحيل خمسة في الجولة الأولى، ليبلغ مجموعة المشاركات التي تم ترحيلها 13 عجزًا تزينت بها الشاشة الذهبية في هذه الحلقة من البرنامج.

وأفرز اختيار لجنة التحكيم في الجولة الأولى الأشطر: "غير شخص طاح من عيني وصار بقلبي"، و"والدمعة كنت اخاف انها تطيح وطاحت"، و"ولا يطيح ثقلها ياكود الأثقل منها"، و"عظم الله أجر عيني والبقاء لدموعي"، وبإجماع لجنة التحكيم، تم اختيار "وأهني اللي دموعه ما تفارق عينه" عجزًا خامسًا في الجولة.

وفي الجولة الثانية، تم اختيار أربع مشاركات أخرى، وهي: "العوض من عند ربي والبقى في عيني"، و"ودك أنه الدمع في بعض الأحيان ياخذ رايك"، و"كم حبست الدمعة اللي في طرفها غالي"، و"ليت فيها الكفو يبقى والردي ما يبقى".

أما المشاركات الأربع، التي وقع الاختيار عليها في الجولة الثالثة، فهي: "ليتني باكيك ميت ما بكيتك عايش"، و"والبلا لا صار هو عيني وهو دمعتها"، و"دمعة الغالي رصاصة من دموع الغالي"، و"شفت تجاعيد الخدود دروب للرحالة".

وحل الشاعر السعودي علي بن رفدة القحطاني ضيفًا لفقرة "الشلة" في هذه الأمسية ليقدم مفاجأة للشلة من أربعة أبيات على طريقة العازي (الحدا)، وهو نوع غناء كان يفضله المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وكانت الشلة الثانية من كلمات الشيخ محمد بن راشد بن سعيد آل مكتوم، قال منها "شوف تأثيرك من الجرح الوثيج.. احتباس الدم في وسط العروق.. وانحدار الدمع كالسيل الدفيج.. من شوامخ سحبها رعد وبروق.. في قتام الوقت ضيعت الطريج.. ما ظهر في ليلي المعتم شروق".