مهرجان سلطان بن زايد التراثي

استدعى "مهرجان سلطان بن زايد التراثي 2016" في سويحان، من خلال أنشطته المتميزة، الماضي العريق واجتمع تحت ظلال خيامها آلاف المواطنين والمقيمين والزائرين من العرب والأجانب، وذلك على مدى 14 يومًا.

وأصبح المهرجان جسرًا للتواصل الإنساني والثقافي بين ماضي الآباء والأجداد وتراثهم الثري وحاضر الأبناء ومواكبتهم لأدوات العصر، وليس من قبيل المصادفة أن يحقق المهرجان هذه المكانة العالمية التي جاءته نتيجة تصميم وإرادة القائمين عليه، بأن يكون جسرًا يربط الإمارات وشعبها بدول وشعوب العالم، جاذبًا الانتباه الإقليمي والعالمي للإبل رافعًا مكانتها في الثقافة العربية حيث ارتقى المهرجان وبشهادة الجميع ليصبح ظاهرة تراثية ثقافية وسياحية واقتصادية تستحق التأمل والإشادة.

وستظل سويحان ملتقى يمزج بين الماضي الجميل والحاضر المزدهر وقبلة للتراث ومكانا لكل العاشقين له، بفضل دعم الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات المستمر لتراث الآباء والأجداد.

وإذا كان التراث أمانة والحفاظ عليه مسؤولية وتعريف النشء الجديد به رسالة، فإن المهرجان جاء ترجمة للرؤية الحكيمة والتوجيهات السامية لرئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في حفظ الموروث ونقله للأجيال بكل أمانة والعمل على تحقيق رؤية الوالد المؤسِّس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بأن تكون دولة الإمارات في مصاف الدول المتقدمة في المجالات كافة.

وكانت جهود الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان السبب الرئيسي لنجاح فعاليات المهرجان، التي تنوعت بين مزاينة الإبل وسباقات المحالب والسلوقي بجانب السوق الشعبية، وليالي سويحان التي جمعت الآلاف من محبي هذه الألوان التراثية والذين عاشوا أسبوعين مع أجواء الماضي الجميل وعبقه الآخاذ.

ورغم كل ماتحقق من إنجازات خلال الدورة الأخيرة لمهرجان سلطان بن زايد التراثي، فإنه حرص على فتح باب النقد البناء الذي ينير الطريق ويصحح المسار ويثري المفردة التراثية التي يسعى إلى المحافظة عليها وتعريف الأجيال الجديدة والعالم بها.

ولا يمكن لعين المراقب والمشاهد أن تمر مرور الكرام على ترحيبه بالتعاون مع الأشقاء الخليجيين في كل ما يتعلق بمسابقات مزاينة الإبل والركض وتوحيد الأنظمة والقوانين الخليجية الخاصة بها، وفق أعلى معايير الجودة، ما يؤكد الوعي بأهمية نشر التراث الخليجي؛ لما فيه من مفردات متشابهة وحرص دولة الإمارات على التعاون مع الأشقاء الخليجيين في هذا الإطار.

ويؤكد ذلك حرصه على متابعة المهرجان وتكريم الفائزين والالتقاء بالزائرين وتذليل كل الصعاب التي تحول دون نجاحه وتحقيق أهدافه؛ يقينًا منه بأهمية الحدث التراثي وتعريف الأجيال الجديدة بماضي آبائهم وأجدادهم وإطلاع العالم على تاريخ الإمارات وكيف استطاعت أن تمزج بين القديم وعبقه والحاضر وازدهاره لتستشرف منهما آفاق المستقبل الواعد.
 
ولعبت وسائل الإعلام المختلفة دورًا كبيرًا في نقل الحدث من خلال برامجها المتعددة، فضلاً عن دورها في توجيه وتوعية المسؤولين والمجتمع وفي صنع القرار وتقديم الحلول للمشاكل أو العقبات ومساهمتها الإيجابية في إبداء الرأي والحوار، ويلعب الإعلاميون الإماراتيون خاصة الشباب دورًا مهمًا في تطوير العمل الإعلامي ونقل صورة مشرقة عن الوطن وتراثه، وللمسرح رسالة فكرية وتوعوية مهمة ودوره لا يقتصر على الترفية والفكاهة بل يتعداه إلى البناء والتطور وتنمية المجتمع وصون التراث.

وأكد ممثلو وسائل الإعلام والإعلاميون ضيوف المهرجان حرصهم،  من خلال وسائل الإعلام التي يمثلونها، على تقديم كل جهد مع استعدادهم للمشاركة والمساهمة في جهود حماية التراث وحفظه كل في مجال تخصصه وبما يليق بهذا الموروث وعراقته باعتباره ركنا هاما في تاريخ الشعوب.

والمعاصرة اقتداء بما أرساه الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من قواعد وثوابت تعزز فكر الموروث الشعبي وتؤصله في صورة الهوية الوطنية، التي يسعى الجميع لأن تكون هي الشعار والهدف والاستراتيجية في كل النشاطات، ومنها مهرجان سلطان بن زايد التراثي 2016 في نسخته الجديدة التي تترجم بإمتياز رؤى واهتمامات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة نحو تفعيل وريادة التراث والموروث حتى يبقى أصيلاً ومتواصلاً في الذاكرة الجمعية خاصة ذاكرة الجيل الجديد ليكون هذا الموروث بمثابة بوصلة تهديهم إلى بر الأمان في مواجهة الصعاب والتحديات واختراقات الغزو الثقافي الخارجي.

وإذا كانت المفردة التراثية حاضرة بقوة خلال مهرجان سلطان بن زايد التراثي، فإن عين المراقب لابد أن تتوقف عند مفردات وأشكال أخرى كثيرة مثل السوق الشعبية، وما صاحبه من انتعاش تجاري والشعر وبيارقه العالية والعزب، وما يدور فيها من نقاش والفن بكل أشكاله الوطنية والعاطفية والمسرح ورسالته، الأمر الذي يؤكد أن رسالة المهرجان لم تتوقف عند حدود التراث رغم أهميته بل امتد عطاؤه ليشمل سطورًا أخرى لصالح الفرد والمجتمع وتتجاوز منافعه سويحان لتصل إلى باقي مدن الدولة.

وطوال أيام المهرجان حرص الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان على متابعة كل فعالياته ومنها "المجلس التراثي" حيث التقى أكثر من مرة بعدد من كبار ملاك ومربي الإبل في الإمارات ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وعدد من وجهاء مدينة سويحان والمواطنين والشعراء، وتبادل معهم الحديث للوقوف على مستوى المهرجان، مشيدًا بحجم المشاركة وحماسة المتنافسين.

وتطور المهرجان عامًا تلو الآخر ما جعله أكثر جذبًا لملاك الإبل من داخل الدولة وخارجها؛ كونه يعتبر تظاهرة اجتماعية مهمة يجتمع فيها أهل الإبل للتعارف، فضلاً عن دوره الاقتصادي وإنعاش حركة البيع والشراء.