50 مليار دولار الإصدارات السيادية الخليجية

حققت إصدارات دول مجلس التعاون الخليجي السيادية العالمية مستوى تاريخيًا بلغ 50 مليار دولار في عام 2017، مما ساهم في زيادة القيمة الإجمالية للإصدارات الخليجية؛ الحكومية منها والخاصة، لتتجاوز 100 مليار دولار وذلك للعام الثاني على التوالي. وتأرجحت عوائد أدوات الدين الأساسية في نطاق محدود حتى أنهت العام عند مستويات متفاوتة نتيجة وجود توتر في المشهد السياسي وقوة في البيانات الاقتصادية.

وقال تقرير صادر عن «بنك الكويت الوطني» إن العوائد الأساسية على السندات الخليجية المستحقة في 8 إلى 9 سنوات جاءت متفاوتة، حيث شهد بعضها تغييرًا طفيفًا، بينما تراجعت المخاطر لبعضها الآخر بصورة كبيرة. وتأثرت تحركات العوائد في البداية بضعف أسعار النفط والتوتر الذي شهدته المنطقة. إلا أن النجاح النسبي الذي حققته دول مجلس التعاون الخليجي في

تطبيق إصلاحاتها المالية، وتمديد فترة خفض الإنتاج من قبل «أوبك» وشركائها، ساهما في التحكم بارتفاع العوائد. كما ساهم تعافي أسعار النفط في أواخر العام على دعم استقرار تلك العوائد التي تحسنت على السندات السعودية المستحقة في 2026، والسندات الكويتية المستحقة في 2027، والسندات العمانية المستحقة في 2027، بما بين 19 و40 نقطة أساس خلال العام، مقابل من 6 إلى 9 نقاط أساس فقط للسندات القطرية والبحرينية.
 
وتبع معظم البنوك المركزية الخليجية مجلس الاحتياط الفيدرالي (المركزي) الأميركي في رفع أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس 3 مرات، باستثناء الكويت وعمان. وجاءت هذه التحركات تماشيًا مع الحاجة للحفاظ على ارتباط العملات بالدولار. وارتفع سعر «الليبور» العماني المرتبط بسعر إعادة الشراء خلال العام، وامتنعت الكويت عن رفع الفائدة مرتين، ولكنها قامت برفع الفائدة على إعادة الشراء وذلك حفاظًا على العملة، دون التأثير سلبًا على نمو الائتمان المحلي.

وتخطى إجمالي إصدارات دول مجلس التعاون الخليجي (الحكومية والخاصة) حاجز 100 مليار دولار، وذلك للعام الثاني على التوالي، بدعم من قوة نشاط الإصدارات السيادية. وشكلت إصدارات أدوات الدين الحكومية (الحكومات المركزية والجهات التابعة) 84 مليار دولار من إجمالي أدوات الدين الجديدة في 2017، حيث كانت 50 مليار دولار منها إصدارات عالمية التي تعد قياسية في المنطقة. في الوقت نفسه، تراجعت إصدارات أدوات الدين للقطاع الخاص بنحو 4 مليارات دولار لتصل إلى 16 مليار دولار، محافظة، رغم ذلك، على قوتها، نتيجة قوة نشاط القطاع غير المالي. وارتفعت أدوات الدين الإجمالية القائمة بواقع 16 في المائة لتصل إلى 436 مليار دولار.

وغطت أدوات الدين الخليجية العالمية نحو 50 في المائة من حاجة الحكومات التمويلية التي اجتذبت المستثمرين العالميين، وذلك بدعم من قوة الأوضاع التمويلية العالمية.

وجاء الإصدار السعودي في الصدارة من خلال سندات بقيمة 12.5 مليار دولار وصكوك بقيمة 9 مليارات دولار، جاءت بعدها سندات أبوظبي بقيمة 10 مليارات دولار، وتبعتها سندات الكويت بقيمة 8 مليارات دولار، والتي تعد أولى إصداراتها العالمية. في الوقت نفسه، أصدرت كل من عمان والبحرين سندات بقيمة 7 مليارات و3 مليارات دولار على التوالي.
وكان الإقبال على جميع هذه الإصدارات جيدًا، حيث حقق كل منها تجاوزًا في الاكتتاب المعروض بنحو 3 إلى 5 مرات على الرغم من خفض التصنيف الائتماني لبعضها، الأمر الذي يعكس قوة الإقبال على السندات الخليجية.

وتراجع الخوف من مخاطر الاستثمار في المنطقة أيضًا في عام 2017 نتيجة خفض وتيرة التشدد وقوة أسعار السلع. وتراجعت معدلات مخاطر عدم السداد لمعظم السندات السيادية من 5 إلى 30 نقطة أساس، مع تحقيق دبي أكبر قفزة في الثقة، ومع بلوغ إجمالي العجز المالي لدول مجلس التعاون الخليجي 74 مليار دولار في 2018، فمن المتوقع أن يكون نشاط أدوات الدين جيدًا؛ فقد بدأت عمان بالاقتراض من الأسواق العالمية بقيمة 6.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن تتبع خطاها دول أخرى. إلا أن التضييق التدريجي في السياسات النقدية العالمية، على الرغم من

احتمالية تأخير التحركات نتيجة ركود التضخم، بالإضافة إلى تقلبات أسعار النفط، تؤدي جميعها إلى التأثير في الأوضاع التمويلية في المنطقة. وتسوء الأوضاع إذا ما احتسبنا حالة عدم اليقين التي تسود المشهد الجيوسياسي في المنطقة.