تراجع المستوى التراكمي للاستثمار الصيني في أميركا

 تراجعت الاستثمارات الصينية المباشرة في الولايات المتحدة خلال العام الماضي، وأشارت التجارة الأميركية في تقرير إلى أن المستوى التراكمي للاستثمار الصيني في أميركا انخفض إلى 39.5 مليار دولار في عام 2017، مقارنة بـ40.4 مليار دولار في عام 2016. وأرجعت ذلك إلى الضوابط المشددة التي تفرضها بكين على رؤوس الأموال المستثمرة خارج البلاد، فضلا عن تراجع شهية المستثمرين الصينيين للاستثمار في أميركا تخوفا من زيادة حدة الحرب التجارية وفرض مزيد من القيود على رأس المال الصيني.

وأظهر التقرير أن الاستثمار الصيني في الولايات المتحدة تضاءل منذ دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب المكتب البيضاوي، حتى قبل بدء السياسات الجديدة والإجراءات التجارية تجاه الصين. وكانت الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة تضاعفت أربع مرات خلال الفترة من عام 2014 حتى عام 2016. وأظهر تقرير صدر في أبريل/نيسان الماضي عن اللجنة الوطنية للعلاقات الصينية الأميركية، وهي منظمة غير ربحية تعمل على تعزيز التعاون بين البلدين، أن المستثمرين الصينيين في الولايات المتحدة تراجعت شهيتهم بشكل كبير في السنة الأولى من رئاسة ترامب. وأشار إلى أن الضوابط الرأسمالية التي فرضتها بكين لمنع نقل الأموال خارج البلاد، ساهمت في تباطؤ نمو الاستثمارات الصينية في الخارج.

وعلى الرغم من أن الاستثمارات الصينية ما زالت تشكل أقل من 1 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في أميركا، فإنها تمثل مصدر قلق كبير سواء للإدارة الأميركية أو للمشرعين في الكونغرس، خاصة بسبب توسع الشركات الصينية في الاستحواذ على شركات التكنولوجيا الأميركية في وادي السيليكون، الذي يعتبر مصدر التكنولوجيا في العالم. ويدرس الكونغرس الأميركي حاليا مشروع قانون لتقييد الاستثمار الصيني في الولايات المتحدة. وخلال العام الماضي، انخفضت عمليات الاستحواذ الصينية المعلنة حديثاً في الولايات المتحدة بنسبة 90 في المائة عن عام 2016.

وبينما احتفل الرئيس ترامب ببناء شركة فوكسكون الصينية لمصنع جديد في ولاية ويسكونسن، رفض البيت الأبيض صفقة شركة "برودكوم" السنغافورية للاستحواذ على شركة "كوالكوم" الأميركية التي تتخذ من كاليفورنيا مقرًا لها، مشيرًا إلى مخاوف من أن التكنولوجيا الأميركية قد تنتهي في أيدي الصين. ويري بيتر نافارو المستشار التجاري بالبيت الأبيض أن الاستثمار الأجنبي يعتبر غزوًا أجنبيًا عن طريق الشراء، مشيرا إلى أن الشركات الأميركية من المرجح أن تكون مملوكة للأجانب على المدى الطويل.

وأشار تقرير وزارة التجارة الصادر أمس إلى أنه على الرغم من تراجع الاستثمارات الصينية، ارتفع إجمالي الاستثمارات الآسيوية في أميركا بمقدار 56.7 مليار دولار، مدفوعا بالزيادات من اليابان وكوريا الجنوبية. وأضاف أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الولايات المتحدة استمر في الزيادة خلال العام الماضي ولكن بمعدلات أقل من السنوات السابقة. وارتفع إجمالي الاستثمار الأجنبي بمقدار 260.4 مليار دولار، مدفوعا بالاستثمارات الأوروبية خاصة آيرلندا وسويسرا وهولندا، فضلا عن الاستثمارات الكندية التي ارتفعت بنحو 72.4 مليار دولار خلال العام الماضي.

وبشكل عام، تراجعت وتيرة نمو الاستثمارات الأجنبية في أميركا خلال العام الماضي بنسبة ملحوظة مقارنة بالأعوام السابقة. ونما الاستثمار الأجنبي بنسبة 6.9 في المائة خلال عام 2017، مقارنة بنسب مضاعفة خلال عامي 2015 و2016. وقال تقرير وزارة التجارة إن البيانات الأولية للربع الأول من العام الحالي تشير إلى أن الاستثمار الأجنبي قد يتباطأ بشكل أكبر خلال العام. وبلغ حجم الاستثمار الأجنبي أكثر من أربعة تريليونات دولار خلال العام الماضي.

وأظهر تقرير صدر عن وزارة التجارة الشهر الماضي أن تدفق الاستثمارات الجديدة في الولايات المتحدة انخفض بشكل عام في 2017. وأنفق المستثمرون الأجانب 259.6 مليار دولار على شراء وإطلاق وتوسيع الأعمال في الولايات المتحدة خلال عام 2017، مقارنة بـ439.5 مليار دولار في عام 2015 وفقاً لبيانات مكتب التحليل الاقتصادي الأميركي. واحتلت كل من كندا وبريطانيا واليابان مراتب الصدارة من حيث حجم الاستثمارات.

وأظهر تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن تدفقات الاستثمار الأجنبي العالمي المباشر تراجعت بنسبة 18 في المائة في عام 2017، وبنسبة 24 في المائة مقارنة بحجم التدفقات عام 2015، وأرجعت المنظمة ذلك إلى زيادة عمليات إعادة هيكلة الشركات والمؤسسات المالية.

من ناحية أخري، ارتفعت الاستثمارات الأميركية الخارجية في بقية العالم بمقدار 427 مليار دولار خلال العام الماضي. وتركزت معظمها بشكل رئيسي في أوروبا. كما ارتفع الاستثمار الأميركي في الصين بنحو 10.3 مليار دولار ليصل إلى 107.6 مليار دولار خلال العام الماضي.