وزيرة التجارة السابقة الدكتور أماني بورسلي

أكد خبراء ومختصون أن قطاع الصناعة يشكل قاطرة النمو الاقتصادي لبلدان الشرق الأوسط، ما يتطلب إزالة العوائق والتحديات التي تواجه نمو القطاع وفي مقدمتها إعادة هيكلة القطاع بما يواكب التطورات في مجال التكنولوجيا المتقدمة والانتقال إلى الصناعة المعرفية والاعتماد العنصر البشري المدرب والمؤهل وتحقيق الاستبدال التكنولوجي وتوفير صناعات صديقة للبيئة وتبني أنماط صناعية تتفق مع المنطقة العربية وفي مقدمتها صناعة البتروكيماويات وذلك لوفرة المدخلات في الدول النفطية، إضافة إلى توقيع اتفاقيات مع البلدان المتقدمة لتوفير صناعات كثيفة العمال لتحقيق النمو الاقتصادي وتقليل نسب البطالة.

وأوضح هؤلاء، أن كل دولة مطالبة بوضع خطة تلائم ظروفها ومصادر قوتها ونقاط ضعفها بما يحقق الأهداف المنشودة للتطور الاقتصادي، مشيرين إلى أن الصناعة حولت دول فقيرة إلى دول غنية نتيجة وضع خطة صحيحة وتضافر كل الجهود لتحقيقها وفي مقدمة تلك الدول كوريا الجنوبية، لافتين إلى وجود اختلافات جوهرية في الدول العربية ما يحول دون وضع خطة موحدة.

وأشاروا إلى أن الإمارات استطاعت التحرر من الاعتماد على النفط ونجحت في التحول الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، ما يؤكد نجاح التجربة حال وجود الإرادة السياسية الفاعلة والرؤية الصحيحة.

وذكرت الدكتور أماني بورسلي، وزيرة التجارة والصناعة السابقة في الكويت إن هناك اختلافات جوهرية في الدول العربية بين مصادر القوة والضعف، إذ تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بفوائض مالية فيما تمتلك دول أخرى الأيدي العاملة، الأمر الذي يتطلب وضع خطة مناسبة لكل دولة على حدة للاختلافات الجوهرية بين هذه الدول.

وأضافت "تتسم دول مجلس التعاون بالتشابه الكبير في مصادر القوة من حيث الصناعة النفطية والبيئة والثقافة والسياسات المالية، وهو ما يستدعي اطلاع استراتيجية اقتصادية صناعية لتلك الدول، خاصة مع وجود التحديات النفطية والإقليمية والجيوسياسية وانخفاض أسعار النفط، ودخول هذه الدول في مرحلة المراجعة للخطط المالية خلال الفترة المقبلة".

وتابعت بورسلي: "نجحت دولة الإمارات في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط والتركيز على السياحة والصناعة، وتحويل أبوظبي إلى عاصمة ومركز مالي"، لافتة إلى أن قطاع الصناعة استطاع أن يحول دولاً فقيرة إلَى دولاً غنية، وزاد مستوى دخل الفرد نتيجة للاستراتيجية السليمة التي تم وضعها وتم العمل عليها من جانب كل قطاعات الدولة، وفي مقدمة تلك الأمثلة كوريا الجنوبية.

وبينت أن "الصناعة لها مستقبل مهم، شريطة أن تكون ذا ميزة تنافسية وقادرة على تلبية المعايير الدولية، ويجب على كل دولة أن تدرس وضعها من الناحية الاقتصادية والجغرافية والميزة التنافسية المتوفرة لديها لتضع خطة تتلاءم مع طبيعتها وظروفها ومواردها ومراكز القوى لديها".
واختتمت بورسلي، "التحديات الحالية تتطلب وضع خطة تتضافر فيها الجهود لتحقيق استراتيجية دول الخليج في القطاع الصناعي ما يتطلب توحيد السياسات داخل هذه الدول، فضلاً عن الاستعانة بالأيدي من الدول العربية الأخرى، ما يحقق المنافع المشتركة".

وأفاد الدكتور نوزاد عبدالرحمن الهيتي، المتخصص في الشؤون الاقتصادية في قطر، بأن قطاع الصناعة يواجه مجموعة من التحديات في مقدمتها عدم قدرتها على إجراء إعادة هيكلة للقطاع، بما يواكب التطورات في مجال التكنولوجيا المتطورة، حيث تعد الصناعات العربية الحالية غير قادرة على التنافسية مع مثيلتها من دول آسيا وماليزيا.

وأرجع السبب الرئيسي في ضعف هذه الصناعات إلى ضعف عملية الإنفاق على البحث والتطوير في الصناعة العربية، كما يواجه القطاع تحدي جديداً يتمثل في الصناعة المعرفية والتي تعتمد بشكل رئيس على العنصر البشري المؤهل تأهيلاً علمياً تخصصياً متقدماً، لافتاً إلى أن عددا من الدول العربية يواجه هذه الإشكالية، الأمر الذي يتطلب وجود مراكز ومعاهد تقوم بتأهيل الموارد البشرية العاملة في القطاع.

وأوضح الهيتي، أن معظم الصناعات العربية الحالية تعيش مرحلة ما يعرف بالتقدم التكنولوجي وعليها أن تنتقل إلى مرحلة الاستبدال التكنولوجي وتقديم صناعات صديقة للبيئة، مضيفاً "علينا كدول عربية وكمنطقة شرق أوسط أن نتبنى أنماطاً صناعية تفق مع طبيعة دول المنطقة، ومنها أن دول الخليج لديها ميزة المدخلات الكبيرة في صناعة البتروكيماويات ما يؤهلها لتتبوأ المراكز الأولى عالمياً وتحقق نمواً اقتصادياً كبيراً، كما يجب على كثير من البلدان العربية توقيع اتفاقيات نقل المعرفة مع البلدان المتقدمة والبحث عن صناعات كثيفة العمالة لتوفير فرص عمل للأيدي البشرية المتوفرة بكثرة في البلدان العربية".

وأشار إلى أن التعامل مع التحديات الحالية للقطاع الصناعي يتطلب نقل بعض الصناعات إلى الدول العربية مثل السيارات وإعادة توظيف هذه الصناعات الوافدة نتيجة انخفاض أسعار الأيدي العاملة في المنطقة، وقربها جغرافيا من مناطق التصدير لمختلف دول العالم.

وذكر الدكتور مثنى الوئيلي، الخبير الاقتصادي في ليبيا "إن القطاع الصناعي يعد من القطاعات ذات القيمة المضافة، وهو القطار الذي سيقوم بقيادة الاقتصاد العربي الشرق أوسطي خلال المرحلة المقبلة إذا تم التعامل معه بوضع خطط واستراتيجيات صحيحة وتأهيل البيئة المناسبة لتنفيذها".

وأضاف، يحتاج القطاع الصناعي توفير الفرصة للقطاع الخاص والاستثمار الداخلي والخارجي، لافتاً إلى أن مصر وتونس والأردن والمغرب لديهم قدرات بشرية أو قوة عاملة مؤهلة، فيما تتمتع دول الخليج بالمقدرة المالية، و يجب التعامل بمنطق المنافع المتبادلة بين دول الشرق الأوسط وأن تستعين الدول النفطية بالكوادر البشرية المؤهلة في الدول العربية الأخرى لتحقيق معدلات نمو مستدامة.