تحسنت الليرة التركية نسبياً مقابل الدولار مع تراجع التوترات السياسية مع واشنطن

حققت الليرة التركية صعوداً أمام الدولار خلال الأسبوع الماضي، الذي انتهت تعاملاته الجمعة، لتسجل أعلى مستوى منذ أوائل أبريل (نيسان) الماضي، فيما أرجعه خبراء إلى تراجع حدة التوتر بين أنقرة وواشنطن حول صفقة الصواريخ الروسية «إس 400» التي بدأت تركيا تسلمها الشهر الماضي، واتجاه مستمر منذ أشهر بين بنوك مركزية رئيسية لتيسير السياسة النقدية.

وأغلقت الليرة تعاملات الأسبوع عند مستوى 5.46 مقابل الدولار، مرتفعة بنحو 0.7 في المائة عن مستوى الإغلاق يوم الأربعاء البالغ 5.49 ليرة للدولار. وصعدت الليرة التركية في سبع من جلسات التداول العشر الماضية، وحققت مكاسب تزيد على 11 في المائة منذ أوائل مايو (أيار) الماضي، عندما هوت إلى أضعف مستوى لها هذا العام. وارتفعت مع استعداد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خلال الأشهر القليلة الماضية لخفض أسعار الفائدة، وهو ما وضع ضغوطاً على الدولار.

ورغم ذلك، بلغ تراجع الليرة منذ بداية العام الحالي 3.5 في المائة بعد أن خسرت نحو 30 في المائة من قيمتها في أزمتها العام الماضي، التي أدت لركود اقتصاد البلاد للمرة الأولى منذ عقد كامل.

وبرزت الليرة كأقوى عملة بين نظيراتها بالأسواق الناشئة، منذ بداية الربع الثالث من العام، واستردت الخسائر التي منيت بها في موجة مبيعات بدأت في مارس (آذار) الماضي، قبل أسبوع من الانتخابات المحلية.

في سياق متصل، قالت وكالة «بلومبرغ» الأميركية إن تشبع المواطنين الأتراك من الدولار تسبب في ضعف إقبالهم عليه. وأوضحت أن الليرة ذات العائد المرتفع، هي العملة الوحيدة بين عملات الدول النامية التي ارتفعت خلال الشهر الماضي، مدعومة بتغير ملحوظ في السلوك بين المستثمرين المحليين.

وذكرت الوكالة، في تقرير: «يبدو أن الأتراك فقدوا شهيتهم للعطاءات الأجنبية، ما أزال سحباً رئيسياً على العملة المحلية، وساعد ذلك الليرة التركية في التغلب على الهزيمة التي عصفت بأقرانها لتربح أكثر من 4 في المائة مقابل الدولار منذ 8 يوليو (تموز) الماضي».

وبعد ضخ أكثر من 35 مليار دولار من العملات الصعبة في الأشهر التسعة الأولى حتى أوائل يونيو (حزيران) الماضي، ومضاعفة انخفاض قيمة العملة في وقت سابق من هذا العام، بقي صافي حيازات العملات الأجنبية بين المستثمرين المحليين ثابتاً خلال فصل الصيف، وفقاً لآخر بيانات البنك المركزي التركي.

وفي الأسبوع الماضي، باع المستثمرون الأجانب ما تقرب قيمته من مليار دولار، وهو الرقم الأكبر في أكثر من شهر. وأرجع التقرير سبب الطلب الفاتر، إلى حد ما، إلى تباطؤ الاقتصاد التركي على مدار العام الماضي، ما قلص الواردات وضيق العجز السنوي في الحساب الجاري للدولة إلى أدنى مستوى خلال 16 عاماً.

ورغم الارتفاع الأخير، لا تزال الليرة التركية بالقرب من أرخص مستوى كانت عليه منذ عام 2002، وفقاً لسعر الصرف الحقيقي لها. وتابع التقرير: «الآن، مع اعتماد تركيا على التمويل الخارجي بشكل كبير، وتباطؤ التضخم بشكل حاد ومطاردة احتمال حدوث دورة من تخفيف واضح للقيود على الصعيد العالمي، فإن الطريق ممهدة لتحقيق المكاسب».

وأشار التقرير إلى أنه في مذكرة للعملاء يوم الثلاثاء الماضي، قالت الخبيرة الاستراتيجية في «الشركة العامة»، فينيكس كالين، إنها تتوقع أن تقدم العملة «المقومة بأقل من قيمتها» 17 في المائة أخرى كي تصل إلى نحو 4.70 ليرة مقابل الدولار، قائلة إن «تحسن صورة التضخم يقدم للأصول التركية عوائد حقيقية لا تزال جذابة رغم التخفيضات الحادة في سعر الفائدة».

وأضاف التقرير: «من المفترض أن تساعد التأثيرات الأساسية القوية والاستقرار الجديد للعملة التضخم على تمديد تباطؤه، ما يوفر حماية للمستثمرين الذين يشعرون بالقلق من أن تأثير الرئيس رجب طيب إردوغان المتزايد على البنك المركزي سوف يفسح المجال لتيسير أقوى من اللازم».

وقال المصدر إن محافظ البنك المركزي المعيّن حديثاً في تركيا، مراد أويصال، لم يخفف من ارتفاع 425 نقطة أساس لتكاليف الاقتراض، مشيراً إلى تسارع نمو أسعار المستهلك إلى 16.65 في المائة في يوليو (تموز)، لكنه ظل أقل بكثير من أعلى مستوى له في أكتوبر (تشرين الأول) عندما بلغ معدل التضخم 25.24 في المائة.

وتتوقع مجموعة «غولدمان ساكس» أن يواصل السعر تراجعه إلى رقم من خانة واحدة في سبتمبر (أيلول) أو أكتوبر (تشرين الأول) المقبلين. ونقل التقرير عن المحلل الاستراتيجي في «سيتي غروب»، لويس كوستا، نصيحته للمستثمرين بشراء العملة مقابل اليورو. وقال: «قد تستمر تدفقات التجزئة في دعم الليرة مؤقتاً».

في سياق متصل، أفادت «بلومبرغ» بأن تركيا تلقت نحو مليار دولار في صورة أموال من الصين في شهر يونيو الماضي، بموجب اتفاق تبادل يعود إلى عام 2012، يجدّد كل 3 سنوات. ونقلت عن واحد من اثنين على صلة مباشرة بالمسألة، وطلب عدم الكشف عن هويته، قوله، إن تدفق يونيو هو الأول الذي تحصل تركيا فيه على مثل هذا المبلغ الكبير بموجب اتفاقية تبادل عملتي البلدين (يوان - ليرة).

وعززت الأموال الاحتياطيات الأجنبية من تركيا في شهر الانتخابات البلدية، وفي وقت كانت فيه تحت رقابة مكثفة من قبل المستثمرين، وكانت تركيا تحاول توقيع اتفاقيات مماثلة مع شركاء آخرين.

ويظهر التدفق النقدي من الصين أن تركيا تحرز تقدماً في الجهود الرامية إلى تنويع مصادر الاستثمار الأجنبي وسط توترات غير مسبوقة مع الغرب. وقال وزير الخزانة والمالية التركي بيرات البيرق، إن الاقتصاد الآسيوي شريك واعد تحتاج تركيا منه إلى جذب الاستثمار.

قد يهمك ايضا

"الإمارات العالمية للألمنيوم" تُصدّر أول شحنة بوكسيت من غينيا

"الصندوق السعودي" يتطلع للاستثمار في "بتيل"