الأوراق النقدية المعمول بها في تونس

اقترح عدد من المختصين استبدال الأوراق النقدية المعمول بها حاليًا، لتطبيق الاقتصاد الموازي، ما يُجبر المتهربين على إظهار مدخراتهم من العملة الحالية، خوفًا من تلفها، ويعتقد مختصون أن طباعة أوراق نقدية جديدة سيدفع تجار السوق السوداء ممن يحوزون مبالغ ضخمة من العملة نقدًا، على التقدم بها للمصارف بهدف استبدالها بالعملة الجديدة، مؤكدين على أن هذا الحل يساعد بشكل كبير على إدماج جزء من عائدات الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية المنظمة.

ويفضل أباطرة الاقتصاد الموازي وكبار المهربين عمومًا إلى استعمال السيولة في كل معاملاتهم، بعيدًا عن المصارف ومصالح الجباية، وهو ما ولّد أزمة سيولة في المصارف، فضلا عن غياب استشراء ظاهرة تبييض الأموال في القطاع العقاري وغيره من القطاعات التي تمثل ملاذًا آمنًا بالنسبة إليهم، ويعتبر عدد من الخبراء الماليين والاقتصاديين أن طبع أوراق مالية جديدة من الحلول الجيدة المعمول بها في العديد من الدول بعدما عانت من ارتفاع منسوب التهريب وتضررت اقتصاداتها من الأنشطة الموازية.

وقالوا "إنهم يساندون فكرة تغيير العملة المحلية بعملة جديدة، شرط أن تكون هذه الخطوة مسبوقة بدراسة جدوى معمقة تنجز بالاشتراك بين وزارة المال والمصرف المركزي لتقييم مردوديتها على الاقتصاد، لاسيما وإن عملية طبع العملة مكلفة".

وأضاف الخبراء إلى أن طبع عملة جديدة مع تشديد المنظومة القانونية، سيدفع كبار المهربين إلى إخراج المبالغ الطائلة من العملة المخزنة لديهم بغاية استبدالها بأوراق جديدة، مشيرين إلى أن عملية الاستبدال يجب أن تكون مصاحبة بتصريح ضريبي على غرار التصاريح التي تتقدم بها الشركات الاقتصادية، وهو ما يجعل المنفعة مضاعفة  أولاً باستخلاص الضرائب على الأموال المصرح بها، ثم توفير السيولة للبنوك".

وتتطلع الحكومة التونسية إلى تقليص حجم الاقتصاد الموازي إلى 20%، وقال العارفون في قطاع المال "إنه لا بد من التحضير القانوني لمثل هذه الحلول، وذلك عبر وضع سقف مالي معين لكل الشراءات النقدية"، ويؤكد تقرير لمنظمة "غلوبال فيننشال" الأميركية، أن وتيرة الأموال المشبوهة والمهربة في تونس ارتفعت لتبلغ خلال سنتي 2012 و2013 نحو 4.1 مليارات دولار، أي بزيادة 20% مقارنة بالفترة التي سبقت الثورة.

واحتلت تونس وفق التقرير ذاته، المرتبة الثامنة عربيا والمرتبة السابعة والخمسين عالميا في الاقتصاد الموازي، وتشير المنظمة الأميركية إلى أن جرائم غسل الأموال وتمويل التطرف هي أخطر الجرائم المالية ذات الانعكاسات الخطرة على الاقتصاد التونسي ومجتمعه، مشددّة على أن القضاء على التطرف وجرائمه يستوجب القضاء على مصادر تمويله، خاصة وأن مرتكبي الجريمة المنظمة يسخّرون كل طاقاتهم للتمكّن من الاندماج في النظام المصرفي للدول.

من جهته قال الخبير الاقتصادي معزّ الجودي، "إن الحل المقترح من قبل خبراء ماليين، يأتي في إطار جملة من الإصلاحات التي يتعين على الحكومة القيام بها لتطويق التهريب والحد من تداعياته على الاقتصاد، لافتًا إلى أن تغيير العملة عملية مكلفة نسيبًا، لكنّها ستوفر أرباحًا كبيرة للدولة، في ظل وجود عشرات المليارات التي تتدفق من نشاط الاقتصاد الموازي".

وأضاف الجودي  أن الحكومة التونسية مدعوة للبحث بجدية في هذا الحل لتوفير السيولة اللازمة لتمويل الاقتصاد وتحسين نسب النمو، مشيرا إلى شبكات التهريب والسوق السوداء تتغذى على حالة الوهن التي تمر بها البلاد على جميع الأصعدة.