المطرب الراحل أحمد الغرباوي

تستعد مدينة الدار البيضاء لتكريم المطرب المغربي الراحل أحمد الغرباوي في حفل غنائي كبير يستحضر مساهمات هذا المطرب الذي مازالت أغانيه تؤدى كما لو أنه حي، بينما لا تعكس وداعته في أداء أغنية "ملهمتي" جرأة الرجل الذي كان من الفنانين القلائل الذين قالوا "لا" للراحل الملك الحسن الثاني..رفض جميل مغلف بوشاح الحاجة التي دفعت الغرباوي إلى الرفض "مبدئيا" الإقامة في الرباط، بأمر من صاحب الجلالة، ويترك "طرف الخبز" في "كباريهات" الدار البيضاء..كان ذلك في بدايات عقد الستينات من القرن الماضي.
ولأن أمره لا يكون إلا مطاعا، أمر الملك الراحل وزيره في الأنباء والثقافة آنذاك، مولاي أحمد العلوي،  بتوظيف الغرباوي في الجوق الوطني، ليبقى رهن إشارة "القصر" كلما دعت الضرورة إلى استقبال نجوم الغناء العرب، تلك واقعة من وقائع كثيرة ومثيرة عاشها المطرب الراحل أحمد الغرباوي
 وكان جمال صوته، وحبه للغناء الأصيل البساط  السحري الذي  حلق بالغرباوي  في سماء مرافقة عمالقة الغناء، من أمثال عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وفريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب، وكان كأي فنان متمرس مدعوا إلى المرور من أنفاق الموسيقى وشعابها الواسعة، إذ بدأ عازفا للإيقاع مع فرقة "سالم الهلالي"، وانتقل إلى فرقة أحمد الشجعي وعمره 15 عاما، وكلمح البصر غنى عام 1962 "ملهمتي" التي أهداه إياها مدير الإذاعة المصرية آنذاك احمد رامي، ونسج علاقات صداقة قوية مع نجوم الغناء العرب وعلى رأسهم عبد الحليم حافظ الذي كان معجبا به.
لم تكن سهرات الراحل الحسن الثاني الخاصة تخلو من "قفشات" الغرباوي التي يدعو لها بعض الزعماء العرب، كان الملك يصر على وجوده بين عمالقة الطرب الذين يستدعيهم، وكان الراحل يأمر بغناء أغاني هؤلاء قبلهم ويُثني عليه أمامهم، وعاش صديقا لسيدة الطرب العربي  أم كلثوم والموسيقار  محمد عبد الوهاب الذي صرح يوما أن الغرباوي غنى "أول همسة" أحسن منه.
فيما كان يسعد  العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، بمرافقة الغرباوي في "نزهات خاصة"، وكادت إحداها تتسبب في أزمة دبلوماسية بين المغرب ومصر، فالغرباوي، الذي لم يكن يعرف أن الأطباء منعوا العندليب من تناول أي أغذية تقلى في الزيت، استجاب لطلب عبد الحليم بتناول وجبة سمك شعبية "من عند بّا حسون"،  "سردينات" كانت كافية لحدوث نزيف حاد لعبد الحليم حافظ، تطلب نقله على متن طائرة عسكرية إلى إسبانيا، ومنها إلى لندن ثم الولايات المتحدة الأميركية، وكانت تدخلات الراحل الحسن الثاني لدى زعماء الدول المذكورة من أجل السماح بالطائرة الحربية للتحليق فوق سماء هذه الدول  إنقاذا لحياة الراحل.
وعلى عكس ما كان متوقعا، انفجر الملك ضاحكًا، بعد علمه بأن الغرباوي حمل عبد الحليم "عند بّا حسون" وحمد الله على سلامة ضيفه.
عاش الغرباوي على إيقاعات الأصالة في أداء الأغنية المغربية والعربية، وقدم أزيد من 400 أغنية طيلة حياته الفنية التي امتدت من عام 1957 إلى  صبيحة السبت 10يناير  من عام 2009عن سن يناهز ال 71 عاما، وحصل على عدد من الأوسمة من زعماء عرب ومنها أعلى وسام تمنحه الحكومة التونسية كان من يد الرئيس التونسي بورقيبة.