الجينات الوراثية التي تجعلنا سريعي الارتباط بالقلق من الممكن أن تجعلنا عرضة للاكتئاب

يعتقد الكثيرون أن الأرق عرض جانبي للاضطرابات الأخرى مثل الاكتئاب، وكانت الفكرة تقوم على أنه عندما يصاب شخص بالاكتئاب، فإن نومه يضطرب نتيجة لذلك، فربما يجد صعوبات في الاستغراق في النوم، أو يستنفذ وقتًا طويلًا في الاستيقاظ ليلًا، أو يستيقظ مبكرًا عن الموعد الذي يريد. وهذا ما ينمي شعور أولئك الذين لديهم خبرات سابقة مع الاكتئاب وتبعاته، يعتقدون بأن الأحداث الكئيبة مثل وفاة شخص يحبونه أو الإخفاقات السابقة تمنعهم من النوم ليلًا.

وقالت جريجوري، إن الاعتقاد بأن الاكتئاب يؤدي إلى القلق، قمت بتضمينه ضمن البحوث التي التي ضمنتها في البحث الحالي، ووجدنا أن الذين يعانون الأرق من البالغين، يكونون أكثر عرضه من الآخرين للمرور بتجارب الاكتئاب والقلق مبكرًا في الحياة.

وخلال العقد الماضي وما بعده، زاد الاعتقاد بأن النوم المتقطع يأتي بعد الإصابة بالاكتئاب وليس بعده، مما ساعد في تجنيب الاعتقاد بأن مشاكل النوم عرض ثانوي للاضطرابات الأخرى. وربط الاثنين ببعضهما ليس بالأمر الصعب، فقط فكر بشعورك عندما تنام بقلة، ربما تشعر بالرغبة في البكاء والخنق من كل من حولك. ولعل هذا الطرح ما يمكنه أن يعزز الفكرة القائلة بأن قدرتنا على تنظيم مشاعرنا تقل بعد النوم السيء ليلًا. فالقلق يعرف كنذير للاكتئاب وأحد معايير تشخيصه.

ولنبدأ بالتفكير في سلوكنا لنعطي بعض الأمثلة "أنا كشخص أكثر ميلًا لإلغاء الخروج مع الأصدقاء ليلًا، أو إلغاء فصل تدريبي بعد النوم القليل ليلًا، وهذا ما يشكل جزءًا من المشكلة، من حيث أن كل الأحداث المتطابقة للحدثين السابقين ستساعد في الإبقاء على أعراض الاكتئاب كما هي. ففكرنا فيما يحدث للمخ عندما نجافي النوم، فسيكون ذلك دليلًا على سبب ارتباط الاكتئاب والنوم.

وفي دراسة هذا الموضوع تركز على منطقة في المخ تسمى "لوزة المخ – أمايجدالا – amygdala)، وهي منطقة لوزية الشكل "شكل ثمرة اللوز" تقع في عمق المخ، ويسود الاعتقاد بأنها تلعب دورًا مهمًا في مشاعرنا ومستويات القلق لدينا. حيث تبين أن المشاركين الذين حرموا النوم لمدة تصل تقريبا إلى 35 ساعة، أظهروا إستجابات كبيرة "للأمايجدالا – amygdala" عندما عرضت عليهم صورة سلبية التأثير العاطفي، مقارنة بأولئك الذين لم يحرموا النوم. والأكثر إثارة أن الارتباط بين أجزاء المخ المنظمة "للأمايجدالا – amygdala" أصبحت ضعيفة جداً، مما يعني أن المشاركين ربما كانوا أقل قدرة على التحكم في مشاعرهم، وكل هذه النتائج يمكن أن تساعد في شرح الكيفية التي يتسبب بها النوم القليل في الاضطرابات مثل الاكتئاب.

وأضاف "جريجوري"، "على مر السنين تناولت في عملي المنظور الجيني للسلوك، في محاولة لفهم الرابط بين النوم القليل والاكتئاب، ومن واقع بحثين قمت بإجرائهما إضافة إلى العمل تحت قيادة أخرين، فعلى ما يبدو أن قلة النوم وأعراض القلق يمكن أن تكون لنفس الكتلة الجينية. وهذا يعني أن الجينات الوراثية التي تجعلنا سريعي التأثر بالقلق، من الممكن أن تجعلنا ضعاف للاكتئاب. وعندما نحاول شرح الارتباط بين النوم والاكتئاب، أكون شغوفة جدًا بالأعمال الحديثة على الاكتئاب والجهاز المناعي. حيث توصلت الدراسات إلى أن أولئك الذين يعانون أو يقعون في خطر الاكتئاب قد تجد أجسادهم تعاني من درجات كبيرة من الالتهابات، حيث يظهر جهازهم المناعي في حالة نشاط مفرط كما لو كانوا يحاربون عدوي أو يعالجون جرح. فعندما نقيد أو نعيق نومنا ربما نعاني من الالتهابات، لذا ربما تستطع الالتهابات أن تساعد في تفسير الارتباط بين النوم والاكتئاب. 

ونستهدف لبعض الوقت أن نمنع أو نعالج الاكتئاب عبر تحسين نومنا، البيانات الحديثة التي بدأت في الظهور من مقترحات الدراسات قد تصبح حقيقة واقعة، وعلى سبيل المثال تمكن باحثي جامعة أكسفورد بالتعاون مع مركز مانشستر للإرشاد الذاتي الداعم للعلاج النفسي من تقييم ما إذا كان العلاج عبر الإنترنت للأرق يقلل أعراض القلق والاكتئاب. وقدموا النصائح لأولئك الذين يعانون من هذه المشكلات ليأخذوا بعض الخطوات، مثل "الحفاظ على وقت مناسب للاستيقاظ، النهوض من السرير عندما لا يستطيعون النوم، وتحدي الاعتقاد بأن النوم السيء ليلا يشل القدرة".

ووجدوا أن أعراض كل من الاكتئاب قلت بعلاج القلق، وجاري البحث على مجموعة أخرى، لمعرفة ما إذا كان تحسين النوم يمكن أن يقلل من أنواع الاضطرابات النفسية الأخرى، وقبل أن يكتمل هذا العمل رسالة الواجب المنزلى من البحث للتاريخ واضحة: "نحتاج إلى أن نضع النوم على قائمة أولوياتنا".