فينيسيا

تُعاني البحيرة الكُبرى "فينيسيا" في إيطاليا، من السياحة الزائدة، فبلغ الحد بسكانها وبمسؤوليها من تأثير البواخر السياحية العملاقة التي تمر في بحيرتها الكبرى ومن ركاب تلك الفنادق العائمة الذين ينزلون لساحات فينيسيا في مجموعات كبيرة لقضاء ساعات قصيرة ثم يعودون لسفنهم دون التبضع من محلاتها ولا الدخول لمطاعمها.

وارتفعت أصوات أصحاب تلك المنشآت التجارية من ذلك، كما تعددت الشكاوى من تأثير مرور تلك البواخر العملاقة على أساسات المدينة وزيادة التلوث في الماء، ناهيك بالتأثير البصري، حيث تحجب البواخر رؤية البحيرة الكبيرة وتؤثر على القوارب الأصغر حول منها، ولعل ما حدث في شهر يونيو / حزيران الماضي من جنوح إحدى تلك البواخر لتصطدم بسفينة سياح صغيرة على شاطئ جزيرة «غوديكا» ما تسببت في إصابة 5 أشخاص، كان القشة التي قصمت ظهر البعير ودعت المعارضين للمطالبة بمنع دائم لتلك السفن.

ويُذكر أن الحكومة الإيطالية كانت اتخذت قرارًا سابقًا في عام 2013، بمنع السفن التي يصل وزنها إلى أكثر 96 ألف طن من المرور بقناة «غوديكا»، ولكن القرار ألغي بعد ذلك.

وأعلن أمس عن قرار بمنع السفن العملاقة من المرور في البحيرة الكبرى بالقرب من المناطق التاريخية للمدينة، وقالت الحكومة الإيطالية إن البواخر التي يتعدى وزنها 1000 طن سيتم تحويل مسارها بعيداً عن الوسط التاريخي لفينيسيا انطلاقاً من الشهر المقبل.

ولم يقنع القرار ناشطي البيئة الذي علقوا بأن قرار الحكومة لن يمنع الضرر على أساسات المدينة، وأيضاً لن يقلل من نسبة التلوث. السفن العملاقة دائماً محل شكوى وانتقاد لأنها تثير الأمواج لدى عبورها وتتسبب في تآكل الأساسات إضافة إلى التأثير السلبي على المشهد الجمالي وزيادة عدد السياح.

ووفقًا للقرار الذي يدخل التنفيذ الشهر المقبل، فسترغم بعض السفن على الرسو في موانئ بعيدة عن وسط المدينة، وبحلول عام 2020 سيتم تحويل ثلث السفن المقبلة.

ولطالما اشتكى أهل المدينة وزوارها من تأثير اليخوت الضخمة والبواخر السياحية على جمال المدينة العائمة، وعبر عن ذلك أيضاً الفنانون، فعلى سبيل المثال كان العمل الرئيسي للجناح البريطاني في بينالي البندقية لعام 2013 عبارة عن جدارية ضخمة لشخصية تاريخية يخوض في مياه البحيرة الكبيرة في فينيسيا، حاملاً بيده أحد اليخوت الضخمة كأنه يريد إلقاءها بعيداً.

وبالطبع هناك ما قام به الفنان المشاغب بانكسي في دورة هذا العام، حيث وضع أكثر من لوحة تتكامل فيما بينها لترسم مشهداً لسفينة سياحية عملاقة تمر في البحيرة وتهيمن على كل المشهد، بينما تبدو من خلفها على استحياء أحد الجسور الشهيرة بفينيسيا وعمود ساحة سان ماركو الذي يحمل مجسم الأسد رمز المدينة في الخلف.

ولكن معركة فينيسيا مع السفن السياحية وتكدس السياح ليس مشكلتها وحدها، ففي روما بدأت السلطات منع السياح من الجلوس على العتبات الإسبانية «سبانيش ستيبس»، وهي من أهم المعالم في العاصمة وتم ترميمها بتكلفة 1.5 مليون يورو تكفلت بها دار «بولغاري» الشهيرة للمجوهرات، وتبلغ قيمة المخالفة 250 يورو قد ترتفع لـ400 يورو.

وكانت السلطات قبل ذلك منعت تناول الطعام أو النزول في مياه نافورة «تريفي» الشهيرة في محاولة للحفاظ عليها كموقع تراث عالمي مسجل في قائمة اليونسكو للتراث العالمي. ويحاول السياح تقليد مشهد شهير في الفيلم الإيطالي «لا دولتشي فيتا» حيث تنزل بطلة الفيلم بكامل ملابسها في نافورة تريفي.

وفي فلورنسا، تمنع السلطات السياح من الأكل والشرب على درج الكنائس والمتاحف وفي بعض الأزقة التاريخية.

وفي فينيسيا تم تغريم سائحة ألمانية وصديقها الأسبوع الماضي حيث صنعا القهوة على عتبات جسر «الريالتو» التاريخي باستخدام موقد صغير محمول، وبلغت قيمة الغرامة 950 يورو، كما طلب البوليس من السائحين مغادرة المدينة فوراً. وعلق عمدة المدينة على الحادثة بقوله: «يجب احترام فينيسيا وعلى هؤلاء الأشخاص غير المهذبين الذين يأتون إلى هنا ويفعلون ما يحلو لهم إدراك ذلك».

قد يهمك ايضاً :

السياحة تأتي على الأخضر واليابس في فينيسيا الإيطالية

استمتعي بعطلة مليئة بالرفاهية والأناقة داخل"إنتركونتيننتال فينيسيا" بيروت