مهرجان "المنستير" الدولي

تابع آلاف التونسيين مهرجانًا ضخمًا شهدته مدينة المنستير جنوب العاصمة، بالتزامن مع إعادة افتتاح قصر الرباط الذي يُعَدُّ رابع أهمّ معلم أثري في تونس من حيث القيمة التاريخية وعدد الزيارات، حيث أسسه هرثمة بن الأعين عام 80 هجرية (796 ميلادية) في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، ويُعدُّ أحد أعظم المعالم العسكرية الدفاعية.

وكان حرّاسه من المتطوعين لحراسة الثغور، ويعرفون في الأدبيات الإسلامية التاريخية بـ"المرابطين في سبيل الله"، وأُدخلت على الرباط تحسينات كبيرة بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر.

وجاء تنظيم المهرجان بمبادرة من جمعية "أبولون" للثقافة والفنون، التي يشرف عليها مجموعة من الشباب المولعين بالنشاط الثقافي والفنّي والذين تحدّوا الصعاب والعراقيل وأنجزوا عددًا من التظاهرات بموازنات ضئيلة جدًا تحت شعار "العالم في المنستير يحتفل"، وبالتعاون مع وزارة الثقافة ووزارة السياحة.

وشهد مهرجان المنستير الدولي مشاركة ما يزيد عن 250 شابًا وشابة من بريطانيا وكينيا وبولونيا وتونس ضمن أكثر من عشر فرق فولكلورية.

وانطلقت هذه التظاهرة من فكرة لأبناء جمعية "أبولون" الذين دأبوا على تنظيم نشاطات وتظاهرات متّصلة بفنون الشارع تنوّعت مضامينها لتلامس مختلف مجالات الفنّ والإبداع، وتولّت الجمعية صياغة المشروع الأوّلي والذي تضمّن الرؤية والأهداف ومسارات التنفيذ والتمويل، وسرعان ما لقيت هذه المبادرة استحسان العديد من الأطراف التي التقت أهدافها مع الجمعية.

وتزيّن كورنيش "المنستير" بأبهى الألوان وأجملها على مدى ساعات، حيث كان المسلك الذي اختاره المنظّمون طويلًا نسبيًّا ما سمح للآلاف من التونسيين والأجانب على قلّتهم، بمتابعة العروض الممتعة التي قدمها فنانون محترفون وآخرون هوّاة فضلًا عن الأطفال.

وكان العنصر الأبرز في التظاهرة مشاركة الإنكليزي بروهاها، فضلًا عن عروض تونسية قدّمها فنّانون ارتدوا الملابس التنكرية وزيّنوا وجوههم بألوان شتّى، فكان مهرجانا للألوان والأشكال من خلال البالونات والعرائس العملاقة والموسيقى والرقص.

وجاءت فكرة التظاهرة كما أكد المنظّمون "لتساهم في الحراك الذي تشهده تونس من أجل إنقاذ الموسم السياحي وتقديم الصورة الحقيقية لهذا البلد، بعد الأحداث الأخيرة التي ضربت السياحة في مقتل وساهمت في عزوف السيّاح على اختيار تونس كوجهة أساسية لقضاء عطلة الصيف".

وانطلق الاستعداد لهذه التظاهرة وفق مقاربة تشاركية التقت فيها هياكل المجتمع المدني مع الهياكل العمومية والمؤسسات الاقتصادية، لتساهم في تحويل هذه الفكرة إلى إنجاز أُطلق عليه اسم مهرجان "المنستير الدولي".

وأوضح المنظّمون أنّ المهرجان "يوجّه عبر شعاره الرسمي رسالة سلام إلى العالم وإلى أصدقاء تونس ليدركوا أن بلد الفنّ والحضارة والتاريخ لن يركع أمام التطرف، وأنّ الأحداث الثقافية الضخمة فيه لا زالت تستقطب أعداداً مهمة من السيّاح ومن التونسييّن".

وبدأ المهرجان من ساحة "3 أغسطس" الشهيرة على شاطئ مدينة المنستير الجميل وصولًا إلى رباطها الأثري والذي يقف شامخًا مرورًا بكورنيش "القرّاعية".

وأشار المنظمون إلى أنَّ من بين أهمّ أهداف هذه التظاهرة "احتضان مشروع فني جديد ناجح دوليًّا وغير مألوف عند الجمهور التونسي، والمساهمة في تنشيط مدينة المنستير ثقافيًا واقتصاديًا بخلق مساحات ومحطّات قارة تشكّل نقطة استقطاب للسيّاح وللتونسيين، ونقاط التقاء بين المنطقة السياحية ومركز المدينة، فضلًا عن الدعاية للسياحة التونسية في هذا الوقت بالذات والترويج لتونس كوجهة سياحية ذات منتج متنوّع".

وبينوا أنَّه يهدف أيضًا إلى المساهمة في ترسيخ ثقافة العمل التطوّعي لدى الشباب التونسي الذي سيشارك في تنظيم هذا المهرجان وتحفيزه على الإبداع والانفتاح على التجارب الدولية ذات المضامين الثقافية المبتكرة ودعم رؤية العمل التشاركي بين المجتمع المدني والمؤسسات الاقتصادية والمصالح العامة.