الرئيس التونسي الجديد قيس سعيد

يتطلّع المراقبون داخل تونس وخارجها إلى الخطاب الأول، الذي سوف يلقيه الرئيس التونسي الجديد قيس سعيد أمام البرلمان، لمناسبة تسلم مهامه رسميا، والذي يتوقع أن يكشف فيه عن باكورة الأفكار التي يعتقد كثيرون أنها ساهمت في فوزه الساحق، وجواب مقنع لمشاكل الاقتصادية والاجتماعية المعقدة التي يعيشها الشعب التونسي.

وتجاهل قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري المتقاعد، طوال حملته الانتخابية الضغوطات الإعلامية التي مورست عليه، ولم يكشف تفاصيل أفكاره، واكتفى بنفي الاتهامات التي وجهت إليه، وبينها التأثر بأفكار الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، والتحالف مع بعض رموز أقصى اليسار الماركسي حينا، ومع التيارات الدينية المتشددة حينا آخر. ولذلك يتوقع متابعون للشأن المحلي أن يفتح قيس اليوم فعلا “صندوقا أسودًا تعذر على الجميع اكتشاف أسراره وأغواره.

ويقول الجامعي والمحامي الحقوقي نوفل سعيد، شقيق الرئيس الجديد وأحد أعضاء حملته الانتخابية، إن أخاه كان دائما قليل التصريحات، وعرف عنه عزوفه عن التجاذبات الانتخابية، حيث امتنع عن المشاركة في انتخابات 2011 و2014 رغم الضغوط التي مارسها أنصاره من “المجموعات الشبابية الثوريةًا. كما كشفت مواقف سعيد، حسب بعض المراقبين “تعالياًا على الأحزاب السياسية والنقابات التقليدية، التي اتهم بعض زعاماتها بالفساد والحرص على تقاسم الكعكة، والعجز عن فهم مشاغل الجيل الجديد من الشباب، الذي أسقط نظام بن علي، ورفع شعارا سياسيا ثقافيا لقي صدى وطنيا وعربيا، اختزل في شعار معبّر “الشعب يريدًا.

في هذا السياق، تسجل الجامعية والإعلامية اليسارية رشيدة النيفر أن أستاذها السابق قيس تميز بـ”تبني فكر سياسي، وخطاب يستمد مرجعيته من حصيلة مشاركاته في التظاهرات الثقافية والسياسية الحوارية مع الشباب في الجهات المهمشة، والقرى الفقيرة والأحياء الشعبية حول العاصمة والمدن الداخليةًا.

موضحة أن سعيد تبنى مقولات “الديمقراطية المحليةًا و”الديمقراطية المجالسيةًا، التي تبدأ بـ”انتخاب أعضاء مجالس محلية، يجري فيها التصويت للأفراد وليس للقائمات الحزبية والسياسيةًا، وذلك للتمهيد لانتخاب “مجالس جهويةًا و”مركزية جديدةًا تنفذ شعار “الشعب يريدًا. وفي هذا الصدد، تم اتهام قيس سعيد بتبني مقولات “النظام الجماهيريًا، الذي اعتمده الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، لكنه نفى ذلك، مستدلا بكون النظام الليبي اعتمد على “التزكيات والتصعيدًا، بينما يقوم مشروعه على “الانتخاب الديمقراطي المباشرًا.

وقبل فوزه في الاقتراع الرئاسي بنسب عالية، قلل أغلب خصوم قيس من فرص نجاحه، وروجوا عنه أنه “مجرد خبير في القانون الدستوريًا، مثلما ورد على لسان زميله في الجامعة الخبير القانوني جوهر بن مبارك، الذي أصبح قبل تنظيم الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية من أشرس المدافعين عنه، والمتهجمين على منافسه رجل الأعمال نبيل القروي.

من جهته، لفت الجامعي هيكل بن محفوظ، زميل سعيد سابقا في الجامعة، أن أغلب المثقفين والسياسيين يعتبرون الرئيس الجديد “صندوقا أسودًا لأنهم لم يطلعوا على الدراسات والمقالات، التي نشرها طوال الثلاثين عاما الماضية في المجلات القانونية والدستورية والعلمية المختصة، وفي أهم الصحف التونسية، وخاصة في صحيفة “الصباحًا اليومية. وكان من بين أبرزها ندوة كبرى نشرتها صحيفة “الصباحًا في 2001 على حلقات بمناسبة تعديل الدستور القديم، الذي جرى بمناسبة مظاهرة نظمت في البرلمان خلال إحياء الذكرى الخمسين للمصادقة على دستور 1959. وفي تلك المداخلات دافع سعيد بقوة عن الحريات والإصلاح السياسي، وعن علاقة كل مشاريع التغيير بمواكبة مشاغل الشباب والمستجدات، والحراك الثقافي والفلسفي والاجتماعي، الذي تشهده دول المنطقة منذ القرن الـ17 وبصفة أخص منذ بروز تيار الإصلاح والتجديد في تونس والمشرق العربي في القرن 19 ومطلع القرن 20.

 

- واقعية وشعارات جريئة

في تلك الفترة، أي منذ يناير (كانون الثاني) 2011 أشاد قطاع عريض من الناخبين والشباب والفقراء بمواقف قيس سعيد، التي انتقدت كل الأطراف السياسية والحزبية والنقابية، بما في تلك التي حاولت قيادة المرحلة الانتقالية. وقد اتهم سعيد هذه النخب في حوار مع صحيفة “الصباحًا في 15 من يونيو (حزيران) 2015 باللعب على الحبال قائلا: “يتواصل في تونس الرقص على الحبال... مرة على حبال الثورة، ومرة على حبال نظام أسقطه الشعبًا.

كما انتقد تعامل السياسيين مع مطلب استقلالية القضاء بقوله: “كلما دخلت السياسة قصور العدالة فإن العدالة تخرج من تلك القصورًا. وقد نسب عدد من المتتبعين مقولات سعيد وشعاراته إلى بعض أصدقائه وزملائه الماركسيين والقوميين والإسلاميين السابقين في الجامعة. فيما نسب آخرون تلك المقولات إلى مفكرين قوميين عرب، تأثر بهم منذ أيام الجامعة، بينهم عصمت سيف الدولة ومحمد عمارة، مثلما أورد محمود المهيري الوزير السابق، وزميل سعيد أيام الدراسة الجامعية. لكن البعض الآخر نسبها إلى أصدقائه الإسلاميين التقدميين، أو إلى بعض أنصار “اليسار الإسلاميًا، بزعامة المفكر أحميدة النيفر وشقيقه المحامي والخبير القانوني بدوره نوفل سعيد...

لذلك كله ينتظر التونسيون بشوق كبير خطاب الرئيس اليوم لعله يحمل جديدا وجوابا مقنعا للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية المعقدة.

 

- المحكمة الإدارية في تونس تلغي نتائج انتخابات “دائرة ألمانياًا

 ألغت المحكمة الإدارية في تونس النتائج الأولية الجزئية للانتخابات التشريعية في الدائرة الانتخابية المخصصة للجالية التونسية بألمانيا، فيما أعادت مقعدًا ملغى لحزب “الرحمةًا المحافظ.

وحسب تقرير لوكالة الصحافة الألمانية، فقد أصدرت المحكمة، أمس (الثلاثاء)، قرارات برفض 40 اعتراضًا على نتائج الانتخابات من حيث الشكل، ورفض 59 اعتراضًا من حيث الأصل (المضمون). فيما ألغت نتائج دائرة ألمانيا، التي فاز بها ممثل عن حزب “التيار الديمقراطيًا، دون أن تقدم إيضاحات في ذلك، ما يعني إعادة الانتخابات.

في المقابل، قبلت المحكمة اعتراضين مع تعديل نتائج الانتخابات في دائرة بن عروس، حيث أعادت مقعدًا لحزب “الرحمةًا المحافظ، بعد أن كانت ألغته هيئة الانتخابات، ومنحته لحزب “حركة الشعبًا بسبب مخالفة الإشهار السياسي.

وفي دائرة القصرين، ألغت المحكمة مقعدًا لحزب “حركة نداء تونسًا، ليذهب إلى حزب “حركة الشعبًا.

لكن هذه القرارات تظل قابلة للطعن لدى محكمة الاستئناف.

كانت هيئة الانتخابات قد أعلنت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية، التي أجريت في السادس من الشهر الحالي، وأفرزت فوز “حركة النهضةًا (إسلامية) بأغلبية طفيفة (52 مقعدًا)، متقدمة على حزب “قلب تونسًا الليبرالي (38 مقعدًا). ويتوقع إعلان النتائج النهائية بعد انتهاء آجال الطعون، في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

قد يهمك أيضًا :

“النهضة” تؤكّد أنّ رئاسة الحكومة التونسية أمر "غير قابل للتفاوض"