الانتخابات الرئاسية في نيجيريا

اجتاح زعيم المعارضة محمد بخاري الانتخابات الرئاسية في نيجيريا، في لحظة تاريخية من الديمقراطية المضطربة في نيجيريا، وتم تتويج المعارض والدكتاتور كزعيم حالي أتى عبر صناديق الاقتراع للمرة الأولى.

وجاء الجنرال المتقاعد البالغ من العمر 72عامًا، في حدث شكل مستقبل أكبر دولة في أفريقيا، بدعم حزب "المؤتمر التقدمي" (APC) ضد الرئيس جودلاك جوناثان وحزب "الشعب الديمقراطي" (PDP) بعد الحملة الانتخابية الصعبة.

وكانت ولاية بورنو الشمالية آخر ولاية أعلنت فوز "المؤتمر التقدمي"، وأعطت بخاري النصر الشامل بأكثر من اثنين مليون صوت بعد أن أدلى أكثر من 28 مليون شخص بأصواتهم؛ ليتم تتويج الرئيس الجديد في 29 أيار/ مايو المقبل.

يُذكر أنَّ بخاري قاد البلاد للمرة الأول كدكتاتور عسكري منذ حوالي 30 عامًا، عندما أصبح مشهودًا له بالصرامة في الحرب ضد الفوضى والانفلات، وهكذا، فإنه لم يقف دون علامات مميزة في تاريخ الانتخابات العاصف في نيجيريا، على الرغم من أنَّه قد أكد بأنه ولد ديمقراطيا من جديد وهذا هو الذي ساعد على تشجيعه للسعي نحو الرئاسة في محاولته الرابعة.

وفي أمة مقسمة على أسس دينية وعرقية، كانت هناك مخاوف من عنف محتمل في أعقاب نتائج الانتخابات، لاسيما أنّ المتنافسين بخاري مسلم وجوناثان مسيحي، حيث أنَّه في العام 2011، قتل أكثر من 800 شخص في موجة من العنف بعد أنَّ خسر بخاري الانتخابات.

ومع ذلك، كعلامة على إمكانية حدوث انتقال سلمي للسلطة، تقدم جوناثان بالتهنئة من بخاري على فوزه، وقال المتحدث باسم "الشعب الديمقراطي" لاي محمد للصحافيين في مقر الحزب في أبوجا "كان هناك دائما هذا الخوف من أنه قد لا يرغب في التنازل؛ لكنه سيظل بطلا لهذه الخطوة".

وتدفق أنصار بخاري في شمال المدينة المختلطة دينيا كادونا، التي شهدت معظم أعمال العنف بعد انتخابات عام 2011، إلى الشوارع وهم يلوحون بالأعلام يرقصون ويغنون احتفالًا بفوز الرجل العجوز.

كما خرجت الاحتفالات العفوية حتى في كانو المدينة الثانية في البلاد، حيث خرج الشباب على الدراجات النارية وأدّى الكثير منهم حركات اكروباتية بالدراجات النارية وهم يرددون: "تغيير! تغيير! تغيير!"، كما خرج أنصار "المؤتمر التقدمي" أيضا في لاغوس وأبوجا، مع الأعلام التي ترفرف وأبواق السيارات حماسية.

وفي وقت سابق، مع حظر التجول في المكان هجرت الكثير من الشوارع، و بقي النيجيريون مشدودين إلى أجهزة التلفزيون وأجهزة الراديو في انتظار النتائج من أبوجا، العاصمة الاتحادية.

يُذكر أنَّ هذه الانتخابات وصفت بأنها الأكثر صراعًا في تاريخ أفريقيا، حيث حاول مسؤول حزب "الشعب الديمقراطي" جودسداي أوربيبي؛ تعطيل إعلان النتيجة متهمًا رئيس اللجنة الانتخابية اتاهيرو غيغا، بالانحياز ضد الحزب.

وانتزع أوربيبي الميكروفون لمدة 30 دقيقة اعترض فيها بصوت عالٍ على قرار اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة، وطالبها بالتحقيق في شكاوى ضد السيد بخاري في ولاية ريفرز.

وهدوؤه كان في أمس الحاجة إليه بعد الهجمات التي شهدتها الأيام القليلة الماضية من قبل جماعة "بوكو حرام" المتطرفة، التي شنَّت هجمات واسعة شمال البلاد، ما أسفر عن قتل أكثر من 30 شخصًا، واحتجاجات في الشوارع المتفرقة تهدد بإفساد ما ينظر إليه على أنَّه انتخابات ذات مصداقية من قبل المراقبين الدوليين.

وأعلنت بعثة مراقبة الاتحاد الأوروبي أنَّه على الرغم من وجود مشاكل فنية ومشاكل الاتصالات في التصويت في عطلة نهاية الأسبوع، لم يكن هناك أي دليل على التلاعب المنظم لهذه العملية.

كما جاءت النتائج في نظر الكثير من مؤيدي حزب "الشعب الديمقراطي" في لاغوس؛ لفهم المشهد السياسي بعدما وصل الحزب إلى السلطة عام 1999، بما يضع حدًا لعقود من الحكم العسكري.

يُذكر أنَّ الرئيس جوناثان يواجه الآن ضغوطا لتنفيذ وعده بتسليم السلطة لمنافسه في حالة الهزيمة، كما ستكون هناك حاجة ﻻحماد اﻻضطرابات المتوقعة في دلتا النيجر الغنية بالنفط، حيث هدّد المتشددون سابقا بقطع إمدادات البترول والتسبب في اضطرابات حال عدم إعادة انتخاب جوناثان؛ لكنه إذا أشرف على تسليم هادئ للسلطة، سيحقق إرثا دائمًا مسجلًا باسمه في التاريخ.

وسيواجه الرئيس الجديد تحديات كثيرة واجهها السيد جوناثان من قبل؛ فعلى ما يبدو أنَّ السيد جوناثان دفع ثمن البطء في اﻻستجابة لتصاعد العنف من جماعة "بوكو حرام" على مدار ستة أعوام تسببت في مقتل الآﻻف وتشريد 1.5 مليون نسمة.

وفي تصريح الرئيس الجديد بخاري قال إنَّه الرجل الذي يستطيع التعامل مع تلك الجماعة، ومن ثم على الرغم من أنَّه مسلم؛ إﻻ أنَّ الكثير من المسيحيين صوتوا له على أمل أن يحل معضلتي "بوكو حرام" واﻻقتصاد، علمًا أنَّ الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حاسمة.