الطيران الحربي التركي

باشر الطيران الحربي التركي شنّ غارات على مواقع "داعش" على الحدود التركية – السورية، انطلاقا من قاعدة "أنغرلك"، بالتنسيق مع التحالف، وناقشت الحكومة التركية تدابير لمنع تسلُّل مقاتلي التنظيم وحزب "العمال" الكردستاني، بينها بناء جدار عازل، فيما أرسل الجيش قوات خاصة إلى الحدود مع سورية.

وبدا، الخميس، أنّ تركيا باتت شريكا كاملًا في حرب التحالف على "داعش"، وأعطى التنظيم أنقرة الذريعة الكافية، إذ قُتِل ضابط تركي وجُرح جنديّان برصاص أُطلِق من الجانب السوري للحدود، وبثّت وسائل إعلام تلفزيوينة، أنّ دبابات تركية قصفت مواقع لـ "داعش" في سورية، في حين نُقِل عن مسؤول تركي أنّ أنقرة أرسلت طائرات مقاتلة إلى الحدود

وعقد رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، اجتماعًا أمنيًا مصغّرا، حضره قائد الأركان ورئيس المخابرات ومستشار وزارة الخارجية ووزيرا الداخلية والدفاع؛ لبحث المستجدات على الحدود السورية - التركية بعد إطلاق التنظيم النار على الجيش عند معبر "كيليس" الحدودي، وطرحت خطط توغُّل محدود للجيش التركي في شمال سورية، بالاستفادة من فتح قاعدة "إنغرلك"؛ لتستخدمها قوات التحالف والطيران التركي.

وتواجه تركيا وقتًا عصيبًا بعدما باتت في مواجهة مباشرة مع "داعش" وحزب "العمال" الكردستاني، اللذين أعلنا في آن واحد الحرب عليها، وبينما يدفع ذلك حكومة "العدالة والتنمية" إلى خطوات عسكرية حاولت مرارا تفاديها، تضغط المعارضة لدفع الحكومة إلى مراجعة سياستها الخارجية التي تعتبرها سببًا لوقوع تركيا في "مستنقع التطرف"، وتحذّر من جرها إلى حرب استنزاف طويلة.

واتصل الرئيس الأميركي باراك أوباما، بعد أشهر من القطيعة والبرود في العلاقات، بنظيره التركي رجب طيب أردوغان معزّيا بمقتل 32 مواطنا إثر تفجير انتحاري نفّذه "داعش" في مدينة سروج الحدودية، مؤكدًا دعم واشنطن "حربَ تركيا على التطرف"، وحضَّ أوباما تركيا على الانخراط في شكل أكبر مع التحالف الدولي في حربه على التنظيم في سورية والعراق.

ويبدو أنّ الاتصال أثمر تفعيل اتفاق السماح باستخدام قاعدة "أنغرلك" الجوية التركية في هذه الحرب، علمًا أنّ استخدام القاعدة الآن، يقتصر على طائرات من دون طيار أميركية وتركية، وأبرزت مصادر صحافية، أنّ تركيا ستبدأ شنّ غارات على مواقع "داعش" انطلاقا من القاعدة، ولم يتضح هل ستسمح لطائرات التحالف بالانطلاق منها، إذ إن تحفُّظ أنقرة على موقف التحالف من حزب "العمال" الكردستاني وقوات "الحماية الكردية" في سورية مازال قائما، وجدد أوغلو القول إن بلاده لا تفرق بين "داعش" و"الكردستاني"، وتعتبرهما منظمتين متطرفتين ستتعامل معهما بالأسلوب ذاته.

ويُتوقّع بأن تشمل الغارات التركية قوات "داعش" وحماية "الشعب الكردي"؛ ولكن بالتنسيق مع قوات التحالف، على أن تقتصر ضرباتها الموجّهة إلى قوات "الحماية الكردية" على المواقع التي تشكل تهديدا لأمنها، وفيما اعتبرت أوساط سياسية التفجير في سروج بمثابة إعلان حرب من "داعش" على تركيا، فإن عودة هجمات "الكردستاني" على الجيش التركي واغتيال شرطيين في غيلان بينار وقيادي كردي إسلامي في إسطنبول كان وصف قتلى تفجير سروج بـ"الكفار"، ورجل أمن في أضنة، مع إعلان "الكردستاني" نيته الاستمرار في الاغتيالات، والهجوم على مواقع للجيش التركي.

وكل هذه التطورات، دفعت إلى استنتاج إعلان الحزب أيضًا، الحرب على تركيا وعلى "داعش" فيها، وسُرِّبت معلومات من مصادر أمنية، عن مقتل 1050 تركيا في سورية، منذ بداية العام، خلال الحرب بين "داعش" والأكراد، منهم 750 كرديا قاتلوا في صفوف "الحماية الكردية"، والبقية في صفوف التنظيم.
 
وناقشت الحكومة تدابير أمنية على الحدود مع سورية؛ لمنع تسلُّل المتطرفين من "داعش" و"الكردستاني" إلى تركيا، وبين تلك التدابير بناء جدار عازل في بعض المناطق وتركيب كاميرات حرارية، بينما دفع الجيش التركي جزءا من القوات الخاصة الى الحدود؛ لاستكمال استعداداته لعملية برية محدودة داخل الأراضي السورية من أجل إنشاء منطقة عازلة بين غرابلس ومارع، مستفيدا من الغطاء الجوي الذي ستؤمّنه طائراته المنطلقة من "أنغرلك".

في المقابل، حمّلت المعارضة بكل أطيافها حكومة "العدالة والتنمية" مسؤولية ما وصلت إليه تركيا اليوم، محذّرة من استغلال الرئيس والحكومة الأوضاع الأمنية المتدهورة في حملة الانتخابات المبكرة التي باتت شبه أكيدة مع تراجع احتمالات تشكيل حكومة ائتلافية.