معتقل "بوكا" الأميركي

يعتبر سجن "بوكا" أحد أكبر المعتقلات التابعة للولايات المتحدة الأميركية في العراق، العامل المساعد لتنظيم "داعش" المتطرف، إذ كان المكان الذي يجمع المتطرفين سويًا ويمنح قادة التنظيم مزيدًا من الوقت للتحالف مع أعضاء نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والتخطيط من أجل ارتكاب عمليات متطرفة ضد المصالح الأميركية.

 وتأتي الفترة ما بين عامي 2003 و2009 لتشير إلى أنَّ ما يزيد عن مائة ألف رجل مروا في معتقل "بوكا" والكثير منهم ممن أطلق سراحهم كانوا متطرفين للغاية، وكان من بين هؤلاء المعتقلين زعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي الذي قضى أعوام عدة في المعتقل قبل أن يتم إطلاق سراحه عام 2009.

وكشف أحد حراس المعتقل ميتشيل جراي البالغ من العمر 48 عامًا ويحمل شهادة في القانون ويتحدث العربية بطلاقة، عن حجم الكراهية الموجودة على وجوه المعتقلين، بحيث إذا سنحت لهم الفرصة لقتل الجنود الأميركيين لفعلوا، مضيفًا أنه ذات مرة تحدث لأحد ضباط الصف قائلًا له إنَّ هؤلاء المتطرفين إذا كان بإمكانهم قطع رؤوس الأميركيين وشرب الدم بعدها لفعلوا.

وأوضح جراي أنَّ السجن الذي جاء اسمه نسبة إلى المارشال رونالد بوكا الذي توفي عام 911، بدأ بأفضل النوايا إلا أنه انتهى به المطاف لتوليد الكراهية تجاه الأميركيين ما يساعد مجموعة من المتطرفين على توحيد الصفوف، مشيرًا إلى أنَّه تواجد فيه أكثر من مائة ألف رجل على مدار الفترة ما بين عامي 2003 و 2009.

 وأكد آندرو سمبثون وجيرمي سورين أنَّ الولايات المتحدة قد وقعت في أخطاء كبيرة بسبب الطريقة التي يدار بها معسكر بوكا والتي أعطت الفرصة للمتطرفين من المعتقلين مثل أبو بكر البغدادي وغيره لتوسيع نطاق التطرف مستغلين في ذلك اجتماعهم جنبًا إلى جنب مع معتقلين آخرين بعضهم لم يكن من المذنبين بارتكاب جرائم عنيفة والبعض الآخر كان أقل تهديدًا وخطورة.

وأضاف جراي: "حتى وقت قريب لم يكن الكثيرون في الولايات المتحدة يعلمون بمعسكر بوكا في حين كان الاهتمام من جميع أنحاء العالم منصب على معتقل أبو غريب الذي كانت تمارس فيه الانتهاكات بحق السجناء العراقيين، إلا أنه وبعد ستة أعوام من إغلاق المعسكر فقد طاردته الفضائح بحيث أصبح يمثل جزءًا مخزيًا من تاريخ الحرب على العراق".

وذكر ضابط سابق كان يقضي خدمته في معسكر "بوكا" رفض ذكر اسمه نظرًا إلى عمله المستمر مع وزارة الدفاع بأنَّ التقسيم داخل المعسكر كان يراعي أن الفصيلين الرئيسيين في العراق وهما السنة والشيعة لا يمكن الجمع بينهما في مكان واحد إلا أنهم لم يدركوا بخطورة الجمع بين هؤلاء من السنة وأولئك من السنة المتطرفة.

وتابع الضابط: "في الوقت الذي لم يكن هناك الكثير من الحراس في المعسكر، إضافة إلى أنهم كانوا لا ينطقون بالعربية فإنَّ مجموعة من الرجال سنحت لهم الفرصة لتعزيز العقلية المتطرفة وتعليم المعتقلين من الشباب كيفية استخدام الأسلحة والمتفجرات وكيف يصبحوا مفجرين انتحاريين".

ويروي أحد زعماء "داعش" ويدعى "أبو أحمد" عن الأيام التي قضاها بداخل المعتقل، حيث أكد أنه كان لديهم الكثير من الوقت من أجل التخطيط كما أن المعتقلين فيما بينهم اتفقوا على أن يجتمعوا سويًا مرة أخرى بعد إطلاق سراحهم وكانت الطريقة التي اعتمدوا عليها للاتصال ببعضهم سهلة للغاية حيث قام كل واحد منهم بكتابة بيانات الاتصال على الملابس الداخلية مضيفًا أنهم حينما خرجوا من المعتقل تواصلوا فيما بينهم.

يُذكر أن أحد زعماء "داعش" الذين مروا على معسكر "بوكا" كان أبو بكر البغدادي والذي قضى عشرة أشهر فقط داخل المعتقل لحسن سلوكه فيما أطلق سراحه في كانون الثاني/ ديسمبر من عام 2004، وضم المعسكر أيضًا حاجي بكير الذي كان عقيدًا سابقًا في الجيش إبان فترة الرئيس صدام حسين والذي على الرغم من عدم كونه متطرفًا وقت أن كان متواجدًا بالمعسكر في الفترة ما بين عامي 2006 وحتى 2008 إلا أنه أصبح الرجل الذي قد يكون ضالعًا في تشكيل قوات "داعش".