صحفيان يهربان من الغاز المسيل للدموع

طغت صور مصورين صحافيين أصيبوا في المواجهات الجارية في الأراضي الفلسطينية، على صور متظاهرين مصابين بسبب كثرتها، أولاً، وسرعة انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي، ثانياً، وأظهر تقرير أصدرته نقابة الصحافيين الفلسطينيية، أن 110 صحافيين أُصيبوا في المواجهات المستمرة منذ 3 أسابيع، بينهم 68 تعرضوا إلى اعتداء مباشر من الجنود.

وقال مصورون يعملون في تغطية هذه المواجهات، إن القوات الإسرائيلية تتعمد التعرض إليهم بالتهديد أو بالاعتداء، بهدف حجب صورة الاحداث عن العالم، خصوصاً أن صوراً يلتقطونها تحرج الجيش الإسرائيلي لأنها تتناول مدنيين عُزّل في مواجهة جيش مسلح، وتقع غالبية المواجهات من مسافات قصيرة جداً، وتتحول احياناً إلى اشتباكات بالأيدي بين متظاهرين وجنود الاحتلال. وكثيراً ما تظهر صور تُلتقط في الميدان عنف الجنود المفرط في مواجهة مواطنين عزل، يمارسون الاحتجاج الشعبي، ومنها صور نساء وأطفال ومهنيين. وأحرجت صور عدة جيش الاحتلال حول العالم عندما أظهرت جنوداً مدججين بالسلاح وهم ينهالون ضرباً على متظاهر يرتدي زي “بابا نويل”، خصوصاً عشية عيد الميلاد، أو على سيدة عجوز أو فتاة صغيرة وعلى محام أو طبيب أو مسعف يرتدون الزي الرسمي.

وشكلت صور وفيديوات التقطت في الميدان قوة دفع للمواجهة الشعبية الجارية منذ 3 أسابيع، مثل فيديو وثق شدّ فتاة فلسطينية شعر مجندة إسرائيليية وطرحها أرضاً بعد أن اعتدت الأخيرة عليها. ومنها فيديو صور الصبية عهد التميمي (16 عاماً) وهي تطرد جنديين إسرائيليين من ساحة بيتها ركلاً وصفعاً، وأثار الفيديو الأخير نقاشاً واسعاً في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وبين النخب في إسرائيل، وقاد إلى اعتقال الفتاة بعد ثلاثة أيام من نشره، ثم اعتقال والدتها التي صوّرت الفيديو وابنة عمّها التي كانت إلى جانبها أثناء طرد الجنود.

ووصلت ردود الفعل حد قول الوزيرة المتطرفة في الحكومة الإسرائيلية ميري ريغف، إنها شعرت بـ “الإهانة الشديدة”، فيما تعهّد رئيس حزب “البيت اليهودي” وهو حزب المستوطنين، أن تمضي الصبية الصغيرة عهد حياتها في السجن، ودعا أحد الصحافيين المشهورين، وهو بن كسبيت، في مقال بصحيفة “معاريف”، الجيش إلى الانتقام من عائلة التميمي “في مناسبات أخرى في الظلام، بعيداً من كاميرات التصوير”.

وظهرت أصوات معارضة في إسرائيل، بعد اعتقال عهد التميمي، وجاء في افتتاحية صحيفة “هآرتس” اليسارية أمس، أن “ثلاثة من بنات عائلة التميمي يحتجزن في المعتقل... على ثلاثتهن أن يتحرّرن فوراً وألا يُقدّمن إلى المحاكمة”. وأضافت أن “عهد التميمي ابنة الـ16 أصبحت منذ الآن بطلة شعبية بين الفلسطينيين وفي أرجاء العالم. كل يوم آخر تقضيه في المعتقل سيعظّم صورتها ويلحق ضرراً إضافياً بإسرائيل”. وقارنت الصحيفة بين اعتقال عهد وبين ردود فعل خفيفة يبديها الجيش إزاء مستوطنين يهاجمون الجنود في حال محاولتهم تطبيق القانون عليهم.

ويقول الصحافيون الفلسطينيون إن الجيش الإسرائيلي شدّد إجراءاته الرامية إلى منع التقاط الصور بعد انتشار فيديو عهد التميمي، وإن الجنود يُظهِرون عنفاً مفرطاً لمنعهم من الوصول إلى الصورة، وقال تقرير نقابة الصحافيين الذي اعتمد على شهادات حية من المصابين، إن الإصابات جاءت نتيجة الاستهداف المباشر بـ “الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز السام وقنابل الصوت وغاز الفلفل السام والاعتداء الجسدي المباشر”، وأشار إلى أن أعلى الإصابات بين الصحافيين سُجلت في مدينتي القدس ورام الله.