الاعتداءات على الصحافيين

أكد الرئيس التونسي، محمد المنصف المرزوقي، أنه سيعلن عن تركيبة الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري خلال الأيام القليلة المقبلة، والتي يتركز دورها على مقاومة الفوضى في المشهد الإعلامي، والتي باتت تهدد السلم الاجتماعي، في حين حذر الإعلامي التونسي الفاهم بوكدوس عبر "مصر اليوم"، من أن تقع الهيئة الجديدة تحت طائلة المحاصصة الحزبية، وهو ما سيشكل خطرًا على حرية الإعلام في تونس، فيما أكد تقرير صادر عن "مركز تونس لحرية الصحافة" أن الاعتداءات على الصحافيين في البلاد انخفضت خلال آذار/مارس الماضي، مقابل تواصل استهداف الإعلاميين عبر التهديدات بالقتل. وأكد الرئيس المنصف المرزوقي، أن الإعلان عن تركيبة الهيئة العليا للإعلام والاتصال السمعي البصري، سيكون في غضون اليومين المقبلين، وأن الهيئة ستكون مستقلة، وأن دورها سيتركز على مقاومة الفوضى التي تفشت في مجال الإعلام، وباتت تُهدد السلم الإجتماعي، فيما تنبأ بأن تركيبة الهيئة ستواجه انتقادات حادة من قبل المعارضة، التي أصبح الاحتجاج عندها غاية في حد ذاته، مضيفًا "حتى لو وضعنا رسل وأنبياء الله في هيئة الإعلام سيحتجّون". وأكد رئيس "وحدة رصد وتوثيق الانتهاكات"، في مركز حرية الصحافة الإعلامي التونسي، الفاهم بوكدوس، لـ"العرب اليوم"، أن التأخير والتأجيل المتكرر للإعلان عن تركيبة الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري، يعود إلى أن الملفّ لا يزال محكومًا بمنطق المحاصصة الحزبيّة، على الرغم أنّ النقاشات التي تمّت حتى الآن مع رئاسة الجمهوريّة، تشترط الخبرة والحياديّة والاستقلاليّة، وعدم التورط مع النظام السابق في أعضاء الهيئة، فيما حذر من أن "هذه العقلية ستنجب هيئة على القياس لن تضمن حريّة الاتصال السمعي البصري". وينص المرسوم 116 للعام 2011 المؤرخ في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 ، المنظم لقطاع الإعلام في تونس، على أن تركيبة الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري يجب أن تتكون من 9 أشخاص، يتم تعيينهم لمدة 6 سنوات غير قابلة للتجديد، كما تتمتع الهيئة بوضع قانوني يجعل منها هيئة تقريرية تضاهي قراراتها أحكام محكمة إبتدائيّة, وستسهر بالأساس كغيرها من الهيئات التعديليّة في البلدان الديمقراطيّة على مهنيات المحتويات الإعلاميّة، ومنح التراخيص لمحطات الراديو والتلفزيون، وإجراء التعيينات على رأس المؤسسات الإعلاميّة العموميّة. وردا على سؤال بشأن قدرة المرسومين 115 و116، على ضمان الحرية والحماية للصحافي والإعلام التونسي ككل، أوضح الإعلامي التونس وأحد مؤسسي مركز "تونس لحرية الصحافة"، أنه "لا يرى موجبًا للقوانين والمراسيم التي تتعلق بحرية الصحافة في بلدان الانتقال الديمقراطي، وفي الديمقراطيات الكلاسيكيّة بخاصّة، وأنّ المهنة تتطلب حسن النيّة بالصحافي، ولا تستوجب التضييق مهما كان، في حين تجنح القوانين إلى الجزر والإستثناءات، ممّا من شأنه أن يفرض قيودًا تقوّض أسس المهنة"، على حد قوله. وأضاف الفاهم بوكدوس، "وإن كنت سايرت عن مضض المطالبات بتفعيل المرسومين وبخاصة المرسوم 115 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر، باعتبار أنّ المخاطر التي باتت تهّدد القطاع أخطر من الثغرات الموجودة في المرسوم, فإنني طالبت بضرورة إجراء مراجعات على الفصول الزجريّة الموجودة في المرسوم، وإلغاء تهمة السلب لعموميتها وفضفاضيتها، وتهديدها لأيّ إعلامي بالسجن لمجرّد انتقاده للسلسة أو رجال أعمال أو موظفي دولة". وكشف تقرير صادر عن "مركز تونس لحرية الصحافة"، عن انخفاض في نسبة الاعتداءات المسجلة على العاملين في القطاع الإعلامي، مقارنة بالثلاثة أشهر الماضية، حيث لم تُسجّل وحدة الرصد في المركز سوى 16 اعتداءًا، تضرّر منه 21 عاملاً في القطاع، فقد مسّت الاعتداءات 17 من الذكور و 4 من الإناث يشتغلون في 3 قنوات تلفزيونية خاصّة، وواحدة عموميّة، وأخرى جمعياتيّة، وفي 5 إذاعات عموميّة، وفي 3 صحف خاصّة، وفي موقع إلكتروني وحيد، كما طالت أيضا صحافيّا مستقلّا. وشددت "وحدة رصد وتوثيق الانتهاكات"، التابعة لمركز تونس لحرية الصحافة، على أن هذا التراجع في نسبة التعدّي على الإعلاميين، لا يقلّل من حجم الأضرار التي حصلت طيلة آذار/مارس الماضي، حيث تم تسجيل تهديدات بالقتل في حقّ العديد من الصحافيين على غرار حمزة البلومي وسليم بوخذير وسفيان بن فرحات. كما ندد التقرير الصادر عن المركز، بما وصفه بـ"التدخّلات الفجّة في حقّ الإعلام العمومي من قبل المدير العام للإذاعة الوطنيّة"، الذي اتهم بالتدخل في الخطّ التحريري لإذاعة "المنستير" والنقلة التعسفية للصحافي خالد بوميزة، وكذلك اتهم التقرير مذيعًا بتأليب الرأي العام ضدّ زميلاته، مشددًا على أن أنّ "نواميس المهنة تؤكّد أن مبدأ التضامن هو الأصل، وأنّ مجال حلّ الخلافات بين الإعلاميين يتمّ داخل المؤسسات الإعلاميّة". كما حذر التقرير من الاعتداءات المتكررة التي تعرض لها صحافيين رياضيين، داعيًا إلى متابعة دقيقة لهذا السلك الصحافي، الذي يتأثر مباشرة بالمشاكل الحاّدة التي يعرفها المجال الرياضي في بلادنا، فيما ختمت وحدة رصد وتوثيق الانتهاكات تقريرها، بحثّ السلطات الأمنيّة والقضائيّة، على التحقيق العاجل في كلّ الشكاوى التي قدّمها إعلاميون، وفي مقدمتها التهديدات بالقتل. كما دعت وحدة الرصد، المدير العام للإذاعة التونسيّة، إلى عدم التدخّل في الخطّ التحريري للإذاعات العموميّة، وإرجاع كلّ الصحافيين والناشطين الذين تمّ نقلتهم بشكل تعسّفي، إلى جانب المطالبة بإيجاد آليات شفافة وفعالة في توزيع الإشهار العمومي، والتصدّي لمحاولات التضييق على بعض وسائل الإعلام باستعمال آلية الحرمان من الإشهار