نساء دنماركيات

تشتهر الدنمارك بالحقوق التي تكفلها لمواطنيها، فضلًا عن سبل الرعاية الصحية والترفيه الفاخرة التي تقدمها خصوصًا للمتقاعدين، ولذلك فإنَّ المرأة الدنماركية، تشعر بالسعادة كلما اقترب سن التقاعد؛ لأنها واثقة بأنها ستتلقى سبل الترفيه والرعاية الكافية التي تكفل لها حياة كريمة.

وتسعى الدنمارك، على عكس معظم الدول، إلى تقديم كل سبل المتعة والرفاهية للمتقاعدين، فبمجرد بلوغ المرأة  الدنماركية سن التقاعد، يمتلئ جدول أعمالها أكثر من ذي قبل، وبالتالي أصبح الحديث مع المرأة الدنماركية في سن التقاعد أمرًا مستحيلًا بسبب صعوبة تعقبها لانشغالها الدائم، وعند محاولة الاتصال بها لا يمكن تلقي سوى ثلاث إجابات: "لا أستطيع التحدث الآن، أو عاود الاتصال في وقت لاحق، لأني ألعب الغولف، أو أعتذر أنا في فرنسا".   

وتشرح النساء الدنماركيات، لماذا يبدو التقاعد ومرحلة الشيخوخة، مثل رحلة عطلة رائعة طويلة، في دولة تعرف المعنى الحقيقي للاعتناء بمواطنيها، حيث يقضين أوقاتهن، في الفصول المسائية أو زيارة المتاحف أو السفر حول العالم، أو ركوب الدراجة أو السباحة البرية ، وغيرها من الأنشطة.

وأكدت الدنماركية المتقاعدة جريثي ميكيلسن (65عامًا)، قائلة: "أستيقظ صباحًا ثم أوضب أغراضي لحضور فصل اللغة الإيطالية، ثم أتوجه لأداء التمارين الرياضية "بيلاتس"، كما سأسافر إلى هلسنكي ثم ميونيخ، لذلك هناك الكثير من الأشياء التي يتوجب عليا فعلها".

وأضافت: "ثم هناك دروس الخياطة والحياكة، والحدائق العامة والعزف على البيانو يف الكنيسة المحلية، فضلا عن الكثير من المشي"، وتابعت: "أرى التقاعد رائعًا، فهو يشبه عطلة طويلة ممتعة للغاية".

وصرَّحت الوزيرة السابقة إيفا كيرنر (71 عاما)، بأنَّ الجدول الاجتماعي الممتلئ هو أمر مألوف بالنسبة إلى المتقاعدين في الدنمارك، مشيرة إلى أنَّها تقاعدت منذ عام 2006، وأنها تستمتع بوقتها بين الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية مرتين في الأسبوع وحضور الحفلات الموسيقية وزيارة المتاحف، والسفر.

 وأبرزت كيرنر أنها تغني في الكورال، فضلًا عن موهبتها الغزيرة في الخياطة، وأضافت: "إنها حياة ممتعة، ويتوقع البعض أني مرهقة، من كثرة الأشياء التي أفعلها يوميًا، ولكني على العكس تمامًا فأنا سعيدة بكل ما أفعله، فزيادة النشاط يعني مزيد من الشباب والحيوية".

وتشير الدراسات، إلى أنَّ المرأة الدنماركية المتقاعدة هي أكثر النساء رضا وسعادة في أوروبا، اللائي تتراوح أعمارهن مابين 65 و 74 عامًا، حيث تسجل درجة 8.6 من أصل 10 درجات على مقياس السعادة، الذي يتوقع الخبراء أنه ينخفض عند التقدم في العمر. 

وأوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة "ارهوس"، كريستيان بجورنسكوف: أنّ "كبار السن هم أوعي الأشخاص،  بشأن معرفة الأمور التي تسعدهم، ويعيشون وفقا لذلك"، وهو الأمر الذي تؤكده كرينر: "أنا أكثر سعادة؛ لأنني لا أشعر بالضغوط، ولا يقع على عاتقي مسؤولية شخص آخر، ولدي الكثير من الأصدقاء الذين تقاعدوا ويمكننا أن نلتقي وقتما شئنا"،
ويفسر الباحث في معهد "السعادة" الدنماركي للبحوث، ميك ويكينغ، لماذا تتكيف المتقاعدات من الإناث أكثر من الرجال، موضحًا: "عادة ما تكون المرأة أفضل في خلق والحفاظ على العلاقات الاجتماعية.

وأشار ويكينغ إلى أنَّ الشعور بالانتماء والوفاء هو من أفضل مؤشرات السعادة، مبرزًا أنَّ استمرار ممارسة الأنشطة المختلفة، يزيد من الإحساس بالرفاهية، فضلًا عن أنَّ تعلم اللغة الثانية له أثر إيجابي على المخ، موضحًا: "ولذلك فلا عجب أن كلًا من ميكلسن وكيرنر تبدوان متفائلتين".
واستدرك: "لكن لا يعني تجاوز المرأة سن 65 عامًا، ضمان حياة مرحة مليئة بالأنشطة، فالأمر يعتمد أيضًا على الدولة نفسها".

وبيَّن أستاذ مشارك متقاعد جيتي إيبرج، (71 عامًا) من كوبنهاجن، أنَّ "الدنمارك تعتني بمواطنيها، ولذلك أشعر أنني محظوظ، لوجودي هنا وأنا ممتن حقا"، مشيرًا إلى أنَّ شهادات المواطنين أكبر دليل صادق على ارتفاع مستويات السعادة لدى المتقاعدين في الدنمارك.