التراث البحري الإماراتي

يؤمن المواطن عبدالله محمد سليمان آل علي، من إمارة الفجيرة، بأهمية التراث البحري الإماراتي وتأريخه، من خلال عمله في مهنة تحنيط الكائنات البحرية، منذ أكثر من 20 عامًا، وأنشأ متحفًا خاصًا بالتراث البحري، يحوي معدات صيد بأسماء غواصين قدامى، وصيادين وصورهم، تخليدًا لذكراهم.

وحنّط آل علي، أخيرًا، قرش "ماكو" المُسمى محليًا "الذيبة"، الذي هاجم مجموعة من الصيادين في الإمارة، الأسبوع الماضي، إذْ فرّغ أحشاء القرش من الداخل بشكل كلي، وملأه بالتبن، من أجل ألا تصدر منه رائحة كريهة، إضافة إلى حشوه بالملح والأعشاب.

وقال آل علي، لـ"الإمارات اليوم"، إنه "ورث حب البحر وعشق الخوض فيه، منذ الصغر"، وتابع: "علمني والدي، الذي كان صيادًا معروفًا في إمارة الفجيرة، أن للبحر يدًا سخية، وكنت أذهب معه في رحلات الصيد، وتعلمت منه أساليبه".

وأضاف: "مع مرور الزمن، ورحيل عدد كبير من الصيادين والغواصين المعروفين في المنطقة، وتقدّم بعضهم في السنّ، خشيت أن يُطمس التاريخ البحري لأبناء المنطقة، الذي سطّروه بأيديهم، التي كانت تستخرج الأسماك من البحر ليطعموا بها عائلاتهم، وهم من أنشأوا سوق السمك المعروف حاليًا بـ(الكبرة)، وشجعوا الأجيال الحالية على التمسك بهذا التراث".

وأشار إلى أن "فكرة المتحف المتحرّك وُلدت من رغبته في تعريف الأجيال الجديدة بالتراث البحري، خصوصًا الأطفال والسياح، والمشاركة به في (الأيام التراثية)"، مؤكّدًا أنه "طاف به على جميع إمارات الدولة، رغبة منه في التعريف بالبيئة البحرية".

وأوضح أنه "شجع أفراد عائلته على المشاركة في المهام المتعلقة بالمتحف، فأبناؤه يقومون بنقل التحف والأدوات والأسماك المفترسة المحنّطة معه، إضافة إلى زوجته، التي تقوم بصنع (الحصير والمكبة والمخرافة والسفرة والخصف والمهفات)، بواسطة السعف بالطريقة التراثية الأصيلة".

ولفت إلى أن "اتحاد العائلة في الحفاظ على هذا المتحف، والتكاتف من أجل الحفاظ على التراث، جعلاه مشروعًا ناجحًا، فقد أصبح يعجّ بشكل يومي بالسياح الذين يتوافدون إليه من كل حدب وصوب، إضافة إلى الرحلات المدرسية، وتنظيم (الأيام التراثية) فيه".

ويحث آل علي أبناءه على المشاركة في التراث البحري، الذي كان يشارك فيه سابقًا، وهو سباق التجديف بالقوارب المعروفة بمسماها المحلي "الير"، موضحًا أن "سباق التجديف هو رياضة تراثية كان الأجداد يقومون بممارستها، فهي لا تحتاج إلى قوة جسدية فقط، وإنما تعلّم المتسابقين كيفية التعاون في ما بينهم من أجل الفوز".