محكمة استئناف أبوظبي الاتحادية

أصدرت محكمة استئناف أبوظبي الاتحادية في جلستها المنعقدة أمس، 3 أحكام في قضايا أمنية، أحدها في باكستانيين الأول «ا.ز.م» 36 سنة، بالسجن 10 سنوات، والثاني «ع.ن.و» 25 سنة، بالسجن 3 سنوات، مع مصادرة الأجهزة الإلكترونية وإتلافها والإبعاد عن الدولة بعد انقضاء مدة الحكم، حيث اتهمت نيابة أمن الدولة الأول بالالتحاق بتنظيم إرهابي «تنظيم القاعدة في باكستان»، و«أحرار الشام بسوريا»، والثاني اتهمته بالعلم بوقوع جريمة المتهم الأول ولم يقم بإبلاغ السلطات المختصة.

كما حكمت المحكمة بإيداع المتهم الإماراتي «م.ع.ع» في أحد مراكز المناصحة لـ6 أشهر ومنعه من السفر وإبقائه تحت المراقبة، لما أسند إليه من تهم في الخطورة الإرهابية بتبني فكر تنظيم داعش الإرهابي.

قضية جديدة:

ونظرت المحكمة في نفس الجلسة بقضية المتهم الإماراتي «س.ث.م»، الذي تتهمه نيابة أمن الدولة بنشر معلومات على الشبكة المعلوماتية (واتساب) تروج وتحبذ لتنظيمين إرهابيين «داعش» و«أنصار الشريعة في اليمن»، حيث وصف تنظيم داعش الإرهابي بأنه تنظيم على منهج صحيح والأعمال التي يقوم بها صحيحة، ونشر إصدارات تحبذ لتنظيم داعش، ووصف أنصار الشريعة بأنها تحمل راية الإسلام، وذلك للترويج والتحبيذ لبرامج وأفكار التنظيمين بغرض إرهابي. وأيضاً اتهمته النيابة بالنشر على الشبكة المعلوماتية بوصف التهمة الأولى معلومات أهان بها زعيم دولة خليجية، ورئيس دولة عربية، والتي من شأنها تعريض مصالح الدولة العليا لخطر إساءة العلاقات.

كما قام الحساب المبين بنشر معلومات على الشبكة المعلوماتية بقصد الإضرار بسمعة وهيبة ومكانة الدولة. وقال المحامي حمدان الزيودي الحاضر عن المتهم، إن الدفاع يتمثل بالآتي أصلياً مخالفة الاتهام لأحكام القانون ببطلان واقعتي القبض والتفتيش، وإباحة الفعل، وانعدام بينات الثبوت، وانهدام أركان الاتهام، وثانياً احتياطياً أعمال نص المادتين 87 و88 للارتباط، وتقرير الأعذار القانونية والظروف التقديرية المخففة بحق بطلان واقعتي القبض والتفتيش، حيث إنه كان من المقرر وفقاً لنص المادة 221 من قانون الإجراءات الجزائية.

وأضاف أن مخالفة الاتهام لأحكام القانون لإثبات تحقيقات نيابة أمن الدولة بتاريخ 29 سبتمبر 2016، والتي قررها الموكل وأنكر الاتهام المسند إليه، بالإضافة إلى ما جاء في تحقيقات نيابة أمن الدولة 18 أبريل 2016، التي رفض المتهم التوقيع عليها، مؤكدا إباحة الفعل، وتنص القاعدة القانونية «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص»، حيث أورد المشرع في المادة 33 وفي المادة 53 من قانون العقوبات الاتحادي في الفصل الرابع أسباب الإباحة ومنها استعمال الحق «لا جريمة إذا وقع الفعل بنية سليمة استعمالاً لحقٍ مقرر بمقتضى القانون وفي نطاق هذا الحق».

وتابع الزيودي أن الثابت مما قرره المتهم بالتحقيقات إنما تناوله يخص المسائل الشرعية والمنطقية، ومن ثم فإن تواصله تم بالطرق المقررة قانوناً مع كافة جهات الدولة، ومنها جهاز أمن الدولة، ودواوين الحكام، ومما يثبت ذلك أن كل الاقتراحات والبحوث العلمية وأعمال المتهم مودعة في الملف الشخصي له في جهاز الأمن، وسبق أن قام بإرسال نسخة لجهاز الأمن حول تنبيهات مهمة عن مشروع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بخصوص إعداد قانون الإفتاء، فكان دور المذكرة مؤثراً في إثارة انتباه الجهات الرسمية ذات الاختصاص من مخالفة مشروع القانون المقترح للنظام والقوانين الأخرى، والخطورة المترتبة في حال إقراره، فكانت المذكرة سبباً في تعطيل أو تعليق استمرار الإجراءات لإعداد مشروع القانون.

وزاد المحامي أن المتهم قدم أيضاً دراسة بعنوان «مفاهيم يجب التنبه لها» وتم إرسال نسختين لجهاز أمن الدولة عبر الامبوست بتاريخ 7 مارس 2010 وعبر البريد الإلكتروني لأحد كبار ضباط الأمن، وفيه ملامح بعض المناهج الفكرية الوافدة، وخطورتها المتوقعة على الدولة، وكذلك بيان منشأ النواة الأولى لكل انحراف فكري وشرارة كل تخريب وأسبابه ونتائجه، مفيداً أن المتهم طالب كذلك في قسم الشريعة في المدينة المنورة في المملكة العربية السعودية، وهو صاحب أبحاث كثيرة في مجالات الشريعة، والتي ساهمت بإعطاء النصيحة لعدد من مؤسسات الدولة، إذ إنه أنهى بحثاً متعلقاً بأحد مشروعات الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، الذي ساهم في إثارة انتباه الجهات المتخصصة من مخالفة المشروع للنظام والقوانين الأخرى.

وأكمل الزيودي أن المتهم قدم دراسة بعنوان «واجبات المجتمع وأفراده اتجاه حقوق ولاة الأمر»، وموقف أفراد المجتمع الشرعي اللازم وبيان العوامل المعنوية المهمة لإعداد العدة اللازمة لتقوية روابط وتماسك المجتمع وتلاحمه والاستعداد لمواجهة المخاطر العامة، واقتراح لأفكار وعوامل مناسبة تتضمن نشر الوعي في ذلك وما يضادها، حيث نالت الدراسة إشادات من جهات منها جهاز أمن الدولة، كما أفاد أحد كبار ضباطه لما احتوته المذكرة من قراءة متعمقة وإدراك واع بين الأمن وأسبابه اللازمة، وتنمية الشعور بأهمية الأمن الفكري لحماية الدولة.

ولفت المحامي إلى أن تقرير الفحص الفني قسم المختبر الإلكتروني أثبت عدم وجود موضوعات ذات صلة بالقضية، وانعدام ثبوت الركن المادي والمعنوي للاتهام، مما يلتمس معه الموكل القضاء ببراءته، والإفراج عن الموكل بالكفالة التي تراها المحكمة عادلة ومناسبة لحين الفصل في القضية، وإعادة استجواب الموكل، وسماع شهادة الشهود، وإعادة فحص أجهزة المتهم الإلكترونية، واحتياطيا أعمال نص المادتين 87 و88 للارتباط، وتقرير الأعذار القانونية والظروف التقديرية المخففة بحقه.

من جانبه طالب المتهم بتقديم مذكرة دفاع إلى هيئة المحكمة بعدد 45 ورقة، إلى جانب المذكرة التي قدمها محاميه، وتحوي عدة نقاط هي أن ملف القضية خلا من المستند الذي بنت عليه النيابة، قضيتها ضده، موضحاً أن الملف غير مطابق لما جاء في أجهزته مع أنه دليل إثبات ولم يرد في أوراق القضية، مؤكداً أن التقرير الفني نفى كل ما جاء به الملف الذي يحوي 1876 حرفاً يدل على نشره هذه المعلومات، والمسحوب من ملفات تطبيق «واتساب»، متسائلاً: كيف وقعت هذه المعلومات في يد النيابة العامة ولم يعثر المختبر الجنائي على حرف واحد منها يدينه؟.

وأوضح أن نيابة أمن الدولة في تحقيقاتها لجأت إلى الإيحاء بالتهمة والعبارات التي نشرها عبر التطبيق، ولم تسأله بشكل مباشر عما إذا كانت صحيحة، فيما قررت المحكمة تأجيل القضية إلى جلسة التاسع من أغسطس المقبل لتمكين النيابة من الاطلاع على المذكرات التي قدمها الدفاع والمتهم، كما ستعيد المحكمة التحقيق باستدعاء شهود الإثبات في القضية. وقررت المحكمة تأجيل الدعوى لجلسة 9 أغسطس المقبل لاطلاع النيابة على المذكرات المقدمة في جلسة اليوم مع التعقيب، واستدعاء شهود الإثبات في القضية بطلب من المتهم.