الكشف المبكر للسرطان

منذ 20 عامًا تتابع الباحثة الإيطالية باتريسيا باترليني بريشو التي تعمل مديرة مختبر في ال INSERM وأستاذة الأورام وبيولوجيا الخلية في جامعة باريس-ديكارت، الخلايا السرطانية في الدم على أمل أن تحدث ذات يوم ثورة في حياة المصابين بهذا المرض العضال . ويكمن هدفها في تحديد الورم في أقرب وقت ممكن، ويبدو أن حلمها تحقق . ففي يوم 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلن فريق من الأطباء في مدينة نيس بجنوب فرنسا، عن تطويرهم فحصا مخبريا للكشف المبكر عن سرطان الرئة بطريقة بسيطة قائمة على أخذ عينة من الدم، وذلك في تطور وصف بأنه "سابقة عالمية" .

وأشار فريق أطباء البروفسور بول هوفمان، من "مركز نيس الاستشفائي الجامعي" و"المعهد الوطني للصحة والبحث الطبي" التابع ل"جامعة صوفيا انتيبوليس" في نيس، إلى أن هذا التقدم الطبي يمثل "خرقاً مذهلاً على صعيد السرطانات الرئوية الهجومية" .

وأوضح هوفمان: "أجرينا دراسة تناولت 245 شخصا غير مصابين بالسرطان بينهم 168 يواجهون خطر الإصابة لأنهم يعانون مرض الانسداد الرئوي المزمن ووجدنا أنه من أصل هذا العدد، هناك خمسة أشخاص أظهروا قبل أي كشف عن العوارض بالتصوير الشعاعي، خلايا سرطانية متنقلة، وكلها تسببت بالسرطان، أي بنسبة تجاوب مع الاختبار وصلت إلى 100% . ويوضح هوفمان أن فريق البحث أظهر صحة الفكرة، ويتعين الآن إثباتها إحصائياً عن طريق الدراسة الوطنية التي نقترح إجراءها" .

هذا العمل يؤكد تقنية وضعتها باتريسيا باترليني- بريشو التي لم تكن باحثة في الأصل ولكن اختصاصية الأورام وأمراض الدم، وهي عبارة عن اختبارات للدم تسمى (ISET) أو كما تسميها مغامرة علمية، ولذا فقد أسست الباحثة Diagnostics Rarecells وهي مؤسسة تعمل على تطوير الاختبارات . وتقول باتريسيا: "عندما كنت طبيبة في مقتبل العمر، لم أكن أتحمل فكرة أن لا أستطيع إنقاذ المرضى ولا تزال نظرات بعضهم تسكنني حتى اليوم" .

وفي العام 1988 أجرت باتريسيا فترة تدريبية في البيولوجيا الجزيئية مع البروفيسور كريستيان بريشو في فرنسا لتأخذ حياتها منعطفاً جديداً . فقد تزوجته، وبدأت بتأسيس عائلة . وهي الآن واحدة من الفرق الأولى التي تجري أبحاثا على الخلايا السرطانية المتجولة (CCC) التي تنفصل وتهاجر من خلال مجرى الدم إلى الأعضاء الأخرى عندما يصبح الورم منتشراً .

وتؤكد باتريسيا: "بينما كنت أعمل خطرت ببالي فكرة، فحين نحاول أن نفهم كيف يتشكل السرطان، يموت المرضى بانتقال علة الداء لمكان آخر في عملية تسمى الانبثاث . وهنا فكرت في كيفية منع الانبثاث من التشكل" . 

وتشير باتريسيا إلى أن الدراسات على الحيوانات أظهرت أن ما يسمى بال (CCC) تجري في الدم قبل عدة سنوات من ظهور عملية الانبثاث .