تواصلت اليوم الثلاثاء فعاليات الدورة أل 13 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بعرض الفيلم الليتواني "المقامر" الذي يغوص في دهاليز شخصية المدمن على ألعاب الحظ ويفكك تداعيات إدمانه على نسيج العلاقات الاجتماعية. ويحكي هذا الفيلم المشارك في المسابقة الرسمية، والذي يحمل توقيع المخرج الليتواني إينياس جونيناس، قصة "فينسينتاس" الذي يعمل في قسم الطوارئ بأحد المستشفيات ، ويقوم بشكل متواصل بالتحايل على الآخرين حتى يتمكن من تسديد ديونه الناتجة عن شدة إدمانه على لعب القمار. وفي أحد الأيام، يبتكر"فينسينتاس" في مقر عمله لعبة رهان غير قانونية تعتمد على نتائج نجاح أو فشل العمليات التي تجرى للمرضى، مما سيمكنه في وقت وجيز من تحقيق أرباح باتت تتزايد أكثر فأكثر، لتتواصل بعد ذلك مشاهد الفيلم وأحداثه. يصف هذا الفيلم حال المقامرين ونفسيتهم ويحلل مسألة الإدمان على اللعب والجوانب السلبية للقمار، كما يقدم صورة واقعية مصغرة للعلاقات الاجتماعية بين الفقراء والأغنياء، وصراع بعض الأشخاص من أجل الحصول على المال ولو كان الأمر على حساب أشخاص آخرين. كما يطرح هذا العمل الفني أسئلة مثيرة للجدل أهمها "هل القناعة هي الأقوى أم أن شهوة الربح هي التي تسيطر على قرارات الناس وتقود إلى المقامرة بكل شيء مهما كانت قيمته". فيلم "المقامر"لا يتضمن أحداثا شديدة الإثارة ، وإنما الأفكار التي يناقشها تلمس واقع الناس، كما أن مشاهد الفيلم لا يتخللها الملل وأتاحت للحوار الذي اعتمد عليه الفيلم كثيرا أن يأخذ حقه في الظهور. ويستمد هذا الشريط أهميته من جودته الفنية ومن براعة الممثلين الذين أدوا أدوارهم باقتدار وإقناع بفضل فهمهم لطبيعة الشخصيات وتداخل علاقاتها، فبطل الفيلم يظهر أداء متميزا وقدرة على عكس انفعالات شخصيته بسلاسة وانسيابية في المشاعر، كما نجح في عكس الألوان المختلفة لشخصيته والتغير التدريجي لها، كما كانت له القدرة على التحرك داخل مساحة الشخصية التي يجسدها ببراعة شديدة. وتكمن روعة هذا الفيلم أيضا في مراهنته على سحر الصورة وإيحاءاتها وقدرته على ربط تجربة المشاهد الحياتية بتجارب إنسانية أخرى، فتقنيات التصوير المتقنة التي تهتم بالتفاصيل، تركز ليس فقط على الجانب السينمائي فحسبº وإنما على الجانب الإنساني كذلك. الفيلم يذهب مباشرة إلى فئة من المجتمع ليقترب من حياتها الحقيقية وهواجسها وعلاقاتها والقيم التي تحكم حياتها وتصرفاتها وتواصلها مع بعضها البعض دون تزييف أو تصنع. لقد قدم المخرج إينياس جونيناس في فيلمه نموذجا للأسلوب السهل الممتنع، وذلك باعتماده على حكي واقعي بسيط. وقام بأداء أدوار البطولة في هذا العمل الفني كل من فيتوتاس كانيوسونيس (فينسينتاس) و أونا ميكاس (إييفا) و روموالد لافرينوفيتش (بوكداناس) و فاليريوس جيفسيجيفاس (كازيوكاس) ولوكاس كيرسيس (بوفيليوكاس). يشار إلى أن المخرج إينياس جونيناس ولد سنة 1971 بفيلنيوس (ليتوانيا)، ودرس في أكاديمية ليتوانيا للموسيقى والسينما والتليفزيون، ثم في مدرسة السينما بأمستردام. اشتغل عامل بناء، ثم نادلا، وحمالا، وممرضا مساعدا في مستشفى للأمراض النفسية، ومنشطا إذاعيا، كما أنه عضو في فرقة موسيقى الروك "بانكو كوليكتيف". وقد وقع على إخراج عشرة أعمال مسرحية، وأخرج فيلما وثائقيا وفيلمين قصيرين قبل أن يخرج فيلمه الروائي الطويل الأول "المقامر".ك و/ن فبك