في العرض ما قبل الأخير للمسابقة الرسمية لمهرجان مراكش الدولي للفيلم، كان الجمهور على موعد مع إبداعات السينما اليابانية من خلال فيلم "مرة أخرى" الذي يتناول مسار فتاة تشق طريقا صعبا للتصالح مع مغتصبها، ومع ذاتها. يعد الفيلم واحدا من مفاجآت مسابقة الدورة 13 للمهرجان، كونه من إخراج شاب يخوض تجربته الأولى مع الفيلم الطويل، ويتعلق الأمر بجونيتشي كاناي (من مواليد 1983)، الذي يبشر بموهبة واعدة في سجل قارة سينمائية عريقة حافلة بالأسماء والأعمال الخالدة. قصة قوية تعطي في البداية انطباعا بحكاية رومانسية حالمة وبسيطة، لكنها سرعان ما تعرف انتقالات درامية تفجر مشاعر قوية، وتسلط الضوء على دوافع ونزعات دفينة لشخصيات منكسرة اجتماعيا. علاقة حب فتية بين الشابة "هاتسومي" ابنة محامية، لأب متوفي في حادثة سير، وريوتارو، الفتى الذي تخلى عنه والداه مبكرا. في لحظة شك، تتخذ العلاقة شكلا مأساويا حين يقدم ريوتارو على اغتصاب الفتاة التي يحب، بدافع رهاب مباغت لم يجد له تفسيرا. تنحدر الفتاة "هاتسومي"، عاشقة رياضة العدو، الى حضيض معاناة خانقة، لكنها تستجمع القوة بمساعدة والدتها من أجل مواجهة "الحبيب المغتصب" وقول كل شيء، والمصالحة مع الذات ومع الآخر، ليتسع لها البدء من جديد.بغض النظر عن قوة الموضوع، وذكاء رصد الانتقالات العاطفية، بين حالة وأخرى، وتسليط الضوء على الخلفيات السيكولوجية الكامنة، فإن الأداء التمثيلي للبطلة، آوا يوشيكورا (هاتسومي)، أثار الانتباه، بتعبيرها الباطني والحركي الملفت، الذي جعلها جهاز تمركز النسيج الدرامي للفيلم. أما جونيتشي كاناي، فوقع بدايته الاحترافية سنة 2007، من خلال فيلم قصير كتبه وأخرجه بعنوان "مغازلة"، وفاز بالجائزة الكبرى لأحسن سيناريو بمهرجان السينما إيزاما. وشارك فيلماه القصيران "الدواسة" (2010 ) و "نقل" (2012 ) في العديد من المهرجانات الدولية منها مهرجان دبي، وهونك كونك و بوسان.