إيمانويل ماكرون

دخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مباشرةً على خط الجدل الدائر حول مشروع قانون عن الهجرة وحق اللجوء الذي يعتبره البعض حتى في صفوف غالبيته البرلمانية "جائراً"، بينما يراه هو على أنه "إنساني" و "حازم" من منطلق الحرص على الشرعية والمسؤولية. وألقى ماكرون خطاباً أمام القوات الأمنية في مدينة كاليه الساحلية (شمال فرنسا) حيث أمضى يومه أمس، الأربعاء، والتقى مسؤولين أمنيين وزار أحد مراكز استقبال اللاجئين والتقى المنظمات المعنية بإغاثتهم.

وقال إنه لن يسمح بنمو مخيم موقت آخر للمهاجرين في كاليه، مطالباً بريطانيا بتقديم أجوبة عن مطالب فرنسا في شأن مسألة الأطفال غير المصحوبين بذويهم. وقال ماكرون إنه سيتعامل بصرامة مع الشرطة إذا استخدمت القوة المفرطة ضد المهاجرين، لكنه دافع عن قوات الأمن في مواجهة مزاعم استخدام أساليب وحشية أثارتها بعض المنظمات الخيرية واصفاً بعضها بأنه أكاذيب.

ودافع ماكرون عن مشروع قانون الهجرة واللجوء الذي سيُطرح للنقاش في غضون أسابيع بقوله إنه يستند "إلى قيم إنسانية" وإلى احترام "حق اللجوء إنما في ظل روح المسؤولية". وأكد تمسكه بالإجراءات التي تشكل محور انتقاد المنظمات المعنية بشؤون اللاجئين وبعض نواب الغالبية الحاكمة لأنها تساعد على تأمين ظروف أفضل لاستقبال ودمج المخولين باللجوء إلى فرنسا وترحيل الآخرين بالتعاون مع دولهم الأصلية.

وشدد ماكرون على ضرورة تنسيق السياسات الأوروبية على هذا الصعيد من خلال تعزيز الرقابة على الحدود الخارجية وإضفاء مزيد من التطابق على التشريعات المتعلقة باللجوء وصولاً إلى إنشاء "هيئة أوروبية للجوء". وأشاد بعمل قوات الأمن في كاليه والتي يقدر عديدها بحوالى ١١٣٠ عنصراً، معبراً عن إدراكه لصعوبة مهمتها التي تقضي بمنع إنشاء مراكز تجمع عشوائية للاجئين وإفشال محاولاتهم اليومية للتسلل إلى بريطانيا. ودعا هذه القوى إلى أن يكون سلوكها نموذجياً وأن تلتزم في شكل مطلق بأخلاقيات المهنة "لأن أي خروج عنها سيُعامَل بشدة ويُعاقب".

كما دعا اللاجئين إلى الامتثال لما هو مطلوب منهم "لأن واجب الأنسانية بنبغي أن يقترن مع واجب احترام الجمهورية"، مؤكداً أن السلطات لن تبدي أي تساهل مع الذين يستمرون في محاولات التسلل إلى الأراضي البريطانية ويعرضون حياتهم وحياة غيرهم للخطر. وتعهد بمساعدة كاليه على استعادة عافيتها الاقتصادية وجاذبيتها السياحية، مشيراً إلى اعتزامه إثارة الموضوع خلال القمة التي سيعقدها بعد غد مع رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، نظراً إلى أن اللاجئين في كاليه لا يريدون البقاء في فرنسا إنما الدخول إلى بريطانيا.

في سياق متصل، قال خفر السواحل التركي إنه أنقذ نحو 161 مهاجراً كانوا يحاولون الوصول إلى جزر يونانية الأسبوع الماضي، بينما سجل عدد اللاجئين الوافدين إلى ألمانيا في عام 2017 انخفاضاً يوازي الثلث مقارنة بعام 2016 وفق أرقام رسمية نُشرت أمس، في خضم الجدل حول سياسة الهجرة التي ستتبناها الحكومة الألمانية المقبلة.

ووصل نحو 186 ألف شخص العام الماضي، غالبيتهم من سورية والعراق وأفغانستان إلى ألمانيا لطلب اللجوء وفق أرقام عرضها وزير الداخلية المنتهية ولايته توماس دي ميزيير. وشهد هذا العدد "تراجعاً بارزاً" مقارنةً بنحو 280 ألفاً عام 2016 و890 ألف مهاجر في 2015 عندما فتحت المستشارة انغيلا ميركل أبواب بلادها أمامهم.

وصرح دي ميزيير أن هذا الرقم ما زال "اكثر ارتفاعاً بكثير من الدول الأوروبية الأخرى"، بينما يرفض شركاء ألمانيا الأوروبيون نظاماً لتوزيع اللاجئين على دول الاتحاد الأوروبي". وكانت فرنسا اعلنت أخيراً عن تسجيل 100 ألف طلب لجوء العام الماضي ما يشكل رقماً قياسياً.