الرئيس الأميركي دونالد ترامب

من ليندون جونسون إلى باراك أوباما مرورًا بريتشارد نيكسون، اعتاد الأميركيون فكرة أن يتفوه رؤساؤهم بألفاظ «بذيئة»، لكن ما نُسب من أقوال على لسان دونالد ترامب الأسبوع الماضي على هايتي ودول أفريقيا أثار عاصفة من الاحتجاج. أما أنصار رجل الأعمال ونجم تلفزيون الواقع السابق فعبّروا عن سعادة ورضا.

وعلى «تويتر» كتب ماركو غوتيريز، وهو داعم لترامب ومرشح لعضوية الكونغرس عن كاليفورنيا: «أخيرًا هناك رئيس يقول ما نعتقده جميعًا». ورفضت المدونة المحافظة ستيسي راش انتقاد لغة ترامب، ووصفت ما يثار حول الأمر بأنه مؤسف يستهدف صرف الانتباه عن الصورة الأكبر، وقالت: «من المحزن أن بلادنا، وبخاصة وسائل الإعلام الرئيسية تضيع الوقت على كلمة حثالة بينما لدينا قضايا حقيقية يتعين تناولها». لكن كثيرين من السلك الدبلوماسي والأكاديمي، بل وخبراء السلوك استنكروا ذلك.

خلال عقد الستينات من القرن الماضي أثار جونسون حالة من الاستياء عندما قال: إنه" في السياسة «يمكن أن يتحول روث الدجاج إلى سلطة دجاج"، وفي السبعينات قال خبراء: إن المواطنين شعروا بالصدمة لدى سماع تسجيلات نيكسون من البيت الأبيض المليئة بألفاظ فاحشة خلال أزمة ووترغيت. لكن الناس باتوا أكثر اعتيادًا الآن.

وقال بنجامين بيرجين، أستاذ علم الإدراك في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية في تقريرها، والذي ألف كتاب «ما هو الفحش»، ويتحدث فيه عن سبب لجوء الناس إلى الألفاظ النابية، إن بحثه أظهر أن الكلام المبتذل يمكن اعتباره أكثر صدقًا. وقال تيموثي غاي، أستاذ علم النفس الفخري بكلية الفنون الحرة بجامعة ماساتشوستس ومؤلف خمسة كتب عن اللغة البذيئة والمبتذلة: إنه إذا كانت مثل هذه اللغة قد منعت ترمب من الانسحاب من المفاوضات، فربما كان ذلك جيدًا.

وقالت ديان جوتسمان، مؤلفة كتاب «آداب السلوك الحديثة من أجل حياة أفضل»، والتي توصي بعدم استخدام كلمات بذيئة، سواء في أماكن العمل أو في الحياة العامة «الواقع هو أنه عندما تضطر إلى اللجوء إليها، فإن ذلك يبعث برسالة بعدم الأمان».

ونقل تصريحات ترامب التي أدلى بها خلال اجتماع بشأن سياسة الهجرة عقد في البيت الأبيض يوم الخميس سيناتور حضر الاجتماع وقال: إن "الرئيس استخدم لغة «مبتذلة»، ومنها كلمة «حثالة» التي قالها مرارًا"، فيما نفى ترامب، السبت، استخدامه مثل هذه الألفاظ. لكنه واجه رغم ذلك انتقادات من الكثير من الدول الأفريقية وهايتي والسلفادور ومنظمات حقوق الإنسان الدولية.

وأوضح جوليان زيلايزر، أستاذ التاريخ في جامعة برينستون والباحث في مجال دراسات الرئاسة: «اعتاد الناس فكرة أن يتفوه الرؤساء بألفاظ نابية... لكني أعتقد على الرغم من ذلك أن الناس لا يزالون يتوقعون قدرًا معينًا من الشكليات في العلن».

وتشير بعض الأبحاث الأكاديمية إلى أنه قد تكون هناك مزايا للألفاظ المبتذلة في بعض السياقات، من التعبير عن الألم إلى الإشارة إلى التعبير عن الثقة في بعض المواقف الاجتماعية،  ولم يكن ذلك كافيًا للتأثير على جوتسمان التي تقدم المشورة بخصوص آداب السلوك في مجال الأعمال، وقالت: «نصيحتي هي: لا تفعلوا ذلك. عندما نكون في موضع قوة، يتطلع الناس إلينا».

على الرغم من نفي الرئيس الأميركي دونالد ترمب استخدامه كلمات بذيئة في وصف دول التي ينحدر منه الكثير من المهاجرين القادمين إلى الولايات المتحدة، والتي أثارت حفيظة دول في أفريقيا وأميركا الجنوبية ومنظمات أممية، إلا أن موجة الغضب على التصريحات التي نسبت إليه لم تتوقف ليل الجمعة والسبت.

وطالب الاتحاد الأفريقي الرئيس ترامب باعتذار رسمي. وكشف الاتحاد في بيان بثته وسائل الإعلام الأميركية «بعثة الاتحاد الأفريقي لدى الولايات المتحدة تدين هذه التصريحات بأقوى العبارات، وتطالب بالتراجع عن التعليق والاعتذار ليس فقط للأفارقة، لكن لكل الأشخاص المنحدرين من أصول أفريقية في جميع أنحاء العالم». وأعرب عن «صدمته واستيائه وغضبه» إزاء «التعليق المؤسف»، وأضاف في بيان: إن «الاتحاد الأفريقي يعتقد اعتقادًا قويًا أن هناك سوء فهم كبيرًا للقارة الأفريقية وشعبها من جانب إدارة ترمب الحالية».

ولم ينف البيت الأبيض التصريحات أو يعترض عليها، وقال: إن «بعض الشخصيات السياسية في واشنطن تختار الدفاع عن دول أجنبية، لكن الرئيس ترمب سيعمل دائمًا من أجل مصلحة الشعب الأميركي». كما يفعل في كثير من الأحيان عبر «تويتر»، رد ترمب على هذا الجدل الجديد الذي يضعه في موقف صعب بينما يحاول فيه التوصل إلى حل وسط في الكونغرس حول قضية الهجرة الحساسة، وأوضح: أن «اللغة التي استخدمتها في الاجتماع كانت قاسية، لكنني لم استعمل هذه العبارة».

وفي الأمم المتحدة أيضًا، أصدرت المجموعة الأفريقية بعد اجتماع طارئ دام أربع ساعات بيانًا نادرًا في شدة لهجته واعتمد بالإجماع، لإدانة تصريحات ترامب، وطالب سفراء 54 دولة أفريقية في بيانهم الولايات المتحدة بـ«التراجع» و«الاعتذار»، منددين بـ«التصريحات الفاضحة والعنصرية» والمتضمنة «كراهية للأجانب».

وعبرت المجموعة عن «تضامنها مع شعب هايتي والدول الأخرى» المشمولة بتلك التصريحات، موجهة الشكر «لجميع الأميركيين» الذين أدانوا هذه التصريحات. وقال أحد سفراء المجموعة لوكالة الصحافة الفرنسية، طلب عدم ذكر اسمه: «لمرة واحدة نحن متحدون»، وحاول ترامب الجمعة التملص من استخدامه عبارات مسيئة خلال اجتماع في البيت الأبيض.

- صحة ترامب «جيدة بشكل استثنائي»
ينضم طبيب البيت الأبيض روني جاكسون إلى المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز في مؤتمر صحافي مشترك يوم الثلاثاء لتقديم تقرير مفصل، والرد على أسئلة الصحافيين بخصوص صحة الرئيس، التي أظهرت نتائج الفحص أنها ممتازة.

وأعلن جاكسون أن الرئيس دونالد ترامب «يتمتع بصحة ممتازة»، وذلك إثر أول زيارة طبية يقوم بها الرئيس منذ وصوله إلى السلطة قبل نحو عام. وتم إجراء الفحص في مركز والتر ريد الطبي العسكري الوطني في بيثيسدا بولاية ميريلاند، واستغرق نحو ثلاث ساعات.

وقال جاكسون في بيان مقتضب أصدره البيت الأبيض: إن «الفحص الطبي للرئيس 71 عامًا، في مركز والتر ريد الطبي العسكري الوطني كان جيدًا بشكل استثنائي، والرئيس يتمتع بصحة ممتازة، وأنا أتطلع إلى تقديم بعض التفاصيل يوم الثلاثاء». وقالت ساندرز: إن جاكسون كان الطبيب المعالج لرؤساء الولايات المتحدة لثلاث إدارات متتالية.

البيت الأبيض سمح ببعض المعلومات عن الفحص الرئاسي، لكنه ذكر فقط أن الحالة الذهنية للرئيس ليست هي سبب الفحص. الفحص يتعلق بتحاليل الدم والجهاز الهضمي والجهاز الحركي والجلد. وصدرت أحدث تفاصيل متاحة بشكل علني بشأن صحته في سبتمبر/ أيلول من قبل طبيبه الشخصي هارولد بورنستين، الذي قال: إن ترامب «سيكون أصح فرد يتم انتخابه على الإطلاق».