مواقع التواصل الاجتماعي

استنكر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، توجه من أطلقوا على أنفسهم "مشاهير" إلى نشر مقاطع بحجة الانفتاح على العالم، تتضمن تفاصيل كثيرة لحياتهم اليومية الخاصة من أجل الشهرة فقط، متجاهلين القيم والعادات والتقاليد، وأصبح هاجسًا لديهم نشر المقاطع دونما تفريق بين الصواب والخطأ أو المسموح والممنوع.

كما أن البعض يتجه إلى توجيه النصح من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وآخرون يتجهون إلى تصوير مقاطع "خاصة" من حياتهم اليومية، إضافة إلى مشاهد غير لائقة يقلدها المراهقون ويعتبرونها أمورًا طبيعية يمكن ممارستها في الحياة اليومية، في حين أنها تصرفات غريبة لا تمت للمجتمع بصلة. وهذه المقاطع تؤثر بشكل مباشر على حياة المتابعين وخصوصاً المراهقين منهم الذين يتخذونهم قدوات بشكل يومي، والاطلاع على هذه المقاطع، والتأثر بها بشكل يومي، في حين أنهم يمكنهم متابعة حسابات جديدة تنشر العلوم والمعرفة بين متابعيهم.

حياة خاصة:

قال سعود كرمستجي، ناشط على وسائل التواصل الاجتماعي: إن العادات والسلوكيات الغريبة التي يلجأ إليها عدد من مشاهير التواصل الاجتماعي أو ما يعرفون باسم "الفاشينيستا"، إذ إنهم يعمدون إلى تصوير حياتهم الشخصية بين أسرهم وإظهارها بصورة مغايرة عن الواقع، وفي أحيان كثيرة يلجأون إلى تصوير مشاهد غير لائقة بينهم، لكسب الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح أن بعضهم يعمدون إلى تصوير أسرته في كل الأحوال وتصوير أبنائهم، ليس لأن حياتهم مثالية، بل لأنهم يريدون أن يصلوا إلى مستوى معين من الشهرة والانتشار في المجتمع، مضيفاً أن بعضهم يستغل أطفاله لينشهر متناسياً أن هؤلاء الأطفال لديهم حياتهم الخاصة، ولا بد من الانتباه إلى أنه ينبغي احترام خصوصياتهم.

لفت الانتباه:

وأكد كرمستجي أن البعض يسخّر هذه المواقع لنشر فكرة مغايرة عن الحقيقة، وإظهار أنفسهم بصورة إيجابية، أو على مستوى عالٍ من الترف، ويحاولون لفت الانتباه، مستغلين أن متابعيهم قد اتخذوهم في مواقف عديدة قدوات لهم، وخصوصاً أنهم يعتمدون بشكل مباشر على الأمور المادية للشهرة.

وتابع أن البعض يلجأ إلى شراء أفضل الملابس والإكسسوار لنشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وليحصلوا بالتالي على أعداد عالية من المتابعين على هذه المواقع، دونما اعتبار أن هذه الشهرة قد تؤثر على متابعيهم، لأنها غير واقعية، مضيفاً أن البعض الآخر يعتمد على الشركات والمشروعات الأخرى للحصول على أغلى الكماليات بالمجان، ليعلنوا عنها وكأنها من أملاكهم، ولا بد على المتابع أن يعي أن هذه الدعايات اليومية هدفها ترويجي ولا بد من التفريق بينها.

مواد غير لائقة

وقالت سمية أحمد إن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مليئة بالشخصيات التي تحاول تصوير حياتها الشخصية، واختلاق قصص جديدة فقط للحصول على شهرة كبيرة لبرهة من الزمن، متجاهلين بهذه المقاطع الأخلاق العامة والعادات والتقاليد التي تقوم عليها الدولة، وقد يكون تجاهلهم هذا بداية لمرحلة جديدة من الإسفاف على هذه المواقع. وأشارت إلى أنها لاحظت في الآونة الأخيرة عدداً من الشخصيات التي تتجه إلى نشر تفاصيل دقيقة عن حياتها، وفي أحيان كثيرة نشر مقاطع قد تحتوي على مواد غير لائقة، يستنكرها المتابعون، لكنها في المقابل تلاقي صيتاً كبيراً ما بين معترض على هذه المقاطع ومؤيدين، وقد يتداولها البعض للسخرية.

تضييع الوقت:

وأفادت نورة سيف بأن الموجودين على مواقع التواصل الاجتماعي، وممن يطلق عليهم البعض "مشاهير" أصبحوا يريدون أن يعرفهم الناس دون أن يقوموا بمجهود سوى أنهم سخروا من أصدقائهم، وفي أحيان أخرى سخروا من أقاربهم، بطريقة مخزية. وأوضحت "البعض يعمد إلى تصوير مقالبه مع أهله وأسرته في الدرجة الأولى، وهذه المقالب تثير سخرية المشاهدين، لأنها في أحيان كثيرة غير لائقة ولا يمكن أن يأتي بها أي شخص آخر، وخصوصاً أنه لا بد وأن يكون للأسرة خصوصية، على "المشهور" احترامها".

رؤية قانونية:

إلى ذلك، أكد المحامي، يوسف البحر أن القانون لا يمنع أي شخص من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في نشر ما يرغب من مواد لكن ينبغي أن تكون المواد المنشورة في حدود القانون، إذ لا تحتوي على مواد تمس الآداب العامة للمجتمع أو مواد مخلة أو فيها ذم أو قدح أو فيها اعتداء على خصوصية الآخرين. وأوضح "المشرّع الإماراتي حريص في الحفاظ على المجتمع من يستخدمون مواقع التواصل في غير ما وجدت من أجله، لذا صدر المرسوم بالقانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2013 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ليتصدى لمن يستغل ليس فقط شبكات التواصل بل والشبكة العنكبوتية في نشر مواد سلبية".

وقال خليفة محمد المحرزي، خبير في العلاقات الأسرية، إنه من الأمور التي ظهرت في عدد من المجتمعات العربية، هي إقبال الشباب على تقليد المشاهير في لباسهم وكلامهم وسلوكياتهم في أحيان أخرى، موضحاً أنه قد يؤدي إلى مشكلات نفسية واجتماعية كثيرة للمراهقين.

دراسات:

وتطرق إلى عدد من الدراسات الحديثة التي تشير إلى "وجود روابط مشتركة بين أمراض مثل الاكتئاب والقلق وبعض المشكلات العائلية من جهة ومتابعة أخبار المشاهير ومحاكاة طريقة حياتهم من جهة أخرى، وأردف قائلاً: للأسف لو تتبعنا أغلب هؤلاء المشاهير لوجدناهم سطحيين ولا يهتمون إلا بالمظاهر الخارجية التي لا تنمي في شخصية الإنسان شيئاً".

أسباب:

وأوضح أن الباحثين وخبراء النفس، في جامعتي ليستر وكوفنتري البريطانيتين، درسوا حالات 191 مراهقاً، تراوح أعمارهم ما بين 11 و16 عاماً، ومن خلال الدراسات اكتشفوا هاتين من تبجيل المشاهير، مضيفاً "الأولى عرفت بالتعلق الاجتماعي بهدف التسلية، وهي عبارة عن ملاحقة أخبار النجم. أما الثانية، فهي الأكثر تعقيداً، وتعرف بالتعلق الشخصي به". وتابع المحرزي أن هذه الحالات تعود إلى أسباب نفسية قد يمر بها المراهق، وغالباً يكون هذا الإعجاب غير مرضٍ ومجرد إعجاب مرحلة حول أداء أو لبس أو شكل معين، مضيفاً أنه وقد تشعر الفتيات بالنقص عندما يرون الممثلات أرق وأجمل منهن، مما يؤدي إلى اضطرابات في الأكل والإصابة بهوس العمليات التجميلية، وقد يسبب عشق الأبناء للمشاهير الهوس والاكتئاب والقلق والعزلة، وكذلك الإصابة باضطرابات الأكل أو أي أعراض أخرى مثيرة للقلق.

احتواء

أكد خبراء أن الأهل لا ينبغي أن يتصرفوا بقسوة مع المهووس، فالمنع التام أو التجاهل التام سيؤدي إلى نتائج أسوأ، فينبغي أن يكون هناك احتواء ومعرفة الأسباب اللافتة بالشخصية.